ابن التاسعة خرج لصلاة العشاء فعاد جثة هامدة! على الرغم من جهود الدولة الكبيرة في مكافحة انتشار الأسلحة الألية وخصوصا فى محافظات الصعيد، إلا أن السلاح لا يزال متواجد لدى عدد كبير من المواطنين ويسبب الكثير من الكوارث، ويفقد الأبرياء حياتهم نتيجة لذلك، وهو ما حدث فى محافظة الأقصر التى فقد فيها صبى صغير حياته الذى تصادف مروره فى الشارع أثناء مشاجرة كبيرة بين عائلتين فى منطقته، استخدموا فيها الأسلحة النارية ليكون ضحية لانتشار السلاح بين العائلات، تفاصيل ما حدث بالأقصر فى السطور التالية. "طه" طفل برئ فى التاسعة من عمره، يعيش مع أسرته فى أحد مناطق الأقصر فى الصف الثالث الإبتدائى، ليس لأسرته أية مشاكل مع أحد، فوالده من الشخصيات المتدينة وهو الذي علم ولده الصغير معنى التسامح ومراعاة الجار. كان "طه" يذهب مع والده يوميا لأداء صلاة العشاء ولم يفوت صلاة واحدة فهو يريد أن يؤدي الفريضة التي عليه، كما أنه يحب الذهاب للمسجد، وكان يريد أن يعيش سنوات طويلة وهو يتعبد لله من أجل أن يصل لمبتغى كل البشر وهى الجنة. في ذلك اليوم كان يستعد طه للذهاب مع والده للصلاة، ولكن ملاض منعه من النزول لأداء الصلاة لأول مرة منذ سنوات طويلة، فحزن طه أولا لمرض والده، وثانيا لأنه لن يستطيع أن يذهب لأداء صلاته فى المسجد الكبير. شاهده والده والحزن يكسو ملامحه الطفولية، فابتسم بعد أن تأكد أنه استطاع أن يربى ولدا صالحا سيكون دائم الدعاء له فى كبره وبعد وفاته فنادى عليه وهو يخبره أنه يستطيع أن يذهب لأداء الصلاة في المسجد بمفرده، وحمله أمانة أن يدعو له فى صلاته، فرح وقتها طه فرحا كبيرا وقبل والده ووالدته وهو ينزل للشارع في طريقه للمسجد. كانت الفرحة مازالت على وجه طه وهو يسرع الخطى لكن ما لم يكن في حسبانه هو أنه فى تلك اللحظات كانت هناك مشاجرة قد بدأت بين عائلتين فى القرية لسبب تافه وهو "لعب العيال" لتزداد حمية كل طرف ويزداد التشاحن حتى تحولت لمعركة مسلحة بين الطرفين استخدموا فيها الأسلحة الألية بكثافة كبيرة، فساد الهرج والمرج تلك المنطقة مع تدافع الأهالى للهروب من ذلك الجحيم النارى الذى قد يسقط فيه أحدهم ويموت وتبدأ عملية ثأرية بين العائلات يسقط فيها عشرات الضحايا والسبب لعب العيال. في تلك اللحظات كان طه يدخل ذلك الشارع الذي تحول لحرب عصابات بين الطرفين فكل منهم يطلق الرصاص بغزارة إحدى هذه الرصاصات أصابت طه في رقبته ليسقط على الأرض والدماء تتسلل من رقبته لتغرق الأرض في ذلك الشارع بمنطقة أبو الجود أكبر منطقة عشوائية في وسط مدينة الأقصر والتي لم يجد لها المسؤولين حلا حتى هذه اللحظة وتنتشر فيها كميات كبيرة من السلاح. ظل طه ملقى على الأرض يعاني ودمائه الغزيرة مازالت تنهمر على الأرض ليسحبه بعض الأهالي الذين لم يستطيعوا أن يقفوا ساكتين وهم يشاهدون طفلا على الأرض ينزف الدماء، فأخذوه للمستشفى العام التي حاول فيها الأطباء إنقاذ حياته لكن رغم جهودهم خرجت روحه إلى بارئها، ليسطر اسمه في ذاكرة كل أقصري بأنه أحد ضحايا انتشار السلاح، فهل تكون دماء وروح طه سببا فى تحجيم هذه الظاهرة القاتلة التى تهدد الأمن والاستقرار، خاصة فى تلك المنطقة، ونتمنى أن لا تكون قصته مجرد رقم فى قضية ما تنتهي بحكم أيا كان لأن الأهم هو أن تنتهي الظاهرة ويعود الأمان لهؤلاء الناس.