الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة فى افتتاح المهرجان أكد أحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب، أن الإمارة تشهد هذا العام عدة فعاليات وأنشطة ثقافية، تمثل في مجملها نتاج عمل ثقافي دؤوب ومستمر علي مدار أربعة عقود، وباهتمام ومتابعة شخصية من سمو حاكم الشارقة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، موضحا أن 2019 هو عام الاستحقاقات الثقافية للشارقة، فهي »شارقة تشرق فكرا وعلما وثقافة» حيث تم اختيارها عاصمة عالمية للكتاب، وتم اختيارها أيضا لتكون ضيف شرف لأربعة من أهم معارض الكتب في أربع مدن عالمية، هي موسكو وتورينو وبولونيا، إضافة إلي عاصمتين سيعلن عنهما خلال عدة أسابيع. وقال العامري في تصريحات خاصة ل »أخبار الأدب» إن مهرجان الشارقة القرائي للكتاب في دورته ال 11 التي استضافتها الشارقة علي مدار الفترة من 17 إلي 27 أبريل الجاري جاءت جديدة في كل شيء، وخطا فيها المهرجان خطوة جديدة لتثبيت دعائمه باعتباره أهم معرض احترافي متخصص في أدب الأطفال في المنطقة العربية، وفي منطقة الشرق الأوسط. وحول الإضافات في هذه الدورة من المهرجان قال العامري: الجديد فعليا كثير، ويمكن لمسه حتي في العملية التنظيمية، وفي توزيع الأجنحة، وفي الأنشطة والفعاليات، لأن هدفنا الأساسي هو جذب الطفل إلي ملعب القراءة، نحن نسعي إلي إعادة الطفل الذي سرقته عوالم الثورة التقنية إلي عالم الكتاب والقراءة والاطلاع، ونسعي من خلال الإبهار إلي تحويل العملية التعليمية إلي متعة وبهجة وسعادة، ومنها نجذب الطفل مرة أخري إلي الكتاب، نحن نعمل بنفس طويل، ووفق سياسة واضحة طويلة الأمد. وأضاف العامري: هذا العام أطلقنا منصة »أفق» لأول مرة لبيع وشراء الحقوق بين رسامي كتب الأطفال ودور النشر، حيث افتتح سمو حاكم الشارقة أكبر معرض لرسامي أغلفة وكتب الأطفال من 65 دولة علي هامش افتتاح مهرجان الشارقة القرائي، هذا الأمر يصب بالتأكيد في صالح الإبداع الموجه للطفل، ويضع معايير جديدة للارتقاء بالذائقة الفنية الخاصة برسوم كتب الأطفال، كما قدمنا هذا العام أول جائزة لأدب الطفل الموجه لفاقدي البصر، أضف إلي ذلك زيادات في عدد المشاركات، ومعرضين جديدين أحضرنا كليهما من أهم العواصم العالمية ليكونا أمام أطفالنا في المنطقة العربية، يكفي أن أقول لك إن معرض »طريق الحرير» يمثل متعة للكبار قبل الصغار، لأنه يتيح معرفة بمتعة عن أحد أهم الطريق التجارية في التاريخ الإنساني. وحول اجتماع ال »إفلا» المعنية بالمكتبات علي مستوي العالم، قال العامري إن من مسببات فوز الشارقة عاصمة عالمية للكتاب، استضافتها للمؤتمر السنوي للمكتبات الذي ترعاه ال »إفلا» لنري فيه أحدث ثمار الفكر فيما يتعلق بالارتقاء بمنظومة المكتبات علي مستوي وطننا العربي، دعني أقول لك إن إشراقات الشارقة، وأنشطتها الثقافية جعلت المنظمات الثقافية العالمية تضع عينها علي الشارقة، بمنظور غير تقليدي، وأصبحوا يتعاملون معها علي أنها أصبحت نقطة وصل حقيقية بين الشرق والغرب، وعاصمة للكتاب ومنصة لحوار الشعوب والثقافات، وهو ما عزز دور الشارقة في مجال صناعة النشر ووصل إلي ذروته بافتتاح »مدينة النشر» لتكون أول مدينة حرة للنشر في العالم، قولا وفعلا، وهو ما يدعم صناعة النشر العربي، وينقله نقلة جديدة. وقال ابن ركاض إن كل هذه النجاحات التي لم تأت مصادفة، أو عفوية، وتلقي علينا بمزيد من التبعات والتكليفات لنحافظ عليها، وننتقل إلي مرحلة أكبر وأهم. مشيرا إلي أن كل هذا يصب في صالح عملية النشر العربي ككل، لأن الشارقة في كل أنشطتها، سواء الداخلية منها أو الخارجية، لا تقدم فقط الثقافة الإماراتية، بل تسعي لتقديم الثقافة العربية بمعناها الواسع، واللغة العربية. أبناء شهرزاد وفي الإطار ذاته احتفلت الشارقة باختيارها هذا العام لتكون عاصمة عالمية للكتاب بالعرض الفني المبهر »ألف ليلة وليلة: الفصل الأخير»، الذي تم تقديمه وسط بحيرة الشارقة علي مسرح »المجاز» بمشاركة 537 خبيرا وفنانا قدموا 13 نوعا من أنواع الفنون. وأكد الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس اللجنة المسئولة عن الاحتفالية أن الرسالة التي يقدمها العرض لا تتجسد في قصة أبطاله ومغامراتهم وحسب، وإنما في الرؤية التي ينطلق منها، وطاقم العمل القائم عليه، وفريق الموسيقيين المشاركين فيه، إضافة إلي أنواع الفنون التي تجتمع فيه، إذ يقدم العرض ثلاثة عشر نوعا فنياً مختلفاً من فنون التمثيل، والأداء، والعزف، والأكروبات، والضوء، والظل، ويجمع فنانين وفنيين وتقنيين من ثلاثة وعشرين بلداً، كلهم يلتقون في رسالة الكتاب وجمال المعرفة. يروي العرض قصة ثلاث مغامرات يخوضها أبناء شهرزاد؛ فيروز، وقادر، وأمين، حيث يأخذ الحضور إلي عوالم خيالية تسرد فصلاً جديداً لأسرار الحب، والحكمة، والمعرفة، ويطوف فيهم برحلة من البر إلي البحر، ومن الوديان إلي التلال والجبال، تُجسد تفاصيلها كاملة علي »مسرح المجاز» بتقنيات تُستخدم للمرة الأولي في المنطقة. أدب الطفل والقصص المصورة علي هامش المهرجان أقيمت العديد من الندوات المعنية بأدب الطفل، من بينها ندوة مهمة بعنوان »أدب أطفال عالمي» أكدت خلالها الكاتبة الإماراتية بدرية الشامسي أن الوصول بأدب الطفل المحلي إلي العالمية يحتاج إلي الكثير من جهود الترجمة، وأن الساحة الأدبية المحلية تمتلك إنتاجات نوعية ومتميزة يقدمها مبدعون ومبدعات لهم بصمتهم، فالكتابة للأطفال ليست بالأمر السهل، قائلة: »النص الجيد سيجذب الأطفال، لكن علينا أن نهتم برسومات كتب الطفل أكثر، وبالرغم من حضور الرسامين المحليين والعرب في مختلف الأحداث الثقافية التي تقام علي الصعيدين الإقليمي والعالمي لكننا مازلنا نفتقر لوجود هذه العناصر الفنية بالكثافة التي نراها في الخارج، وعلينا إذا أردنا أن نصدّر أدبنا الخاص بالطفل مراعاة تضمينه بخيارات بصرية تسمح بترجمة القصة والفكرة، ولا يمكن أن نغفل أن الطفل هو الطفل أينما كان، يشدّه اللون وتلفت انتباهه الشخصيات التي يتضمنها النص وهذا أمر مهم يجب الانتباه له». وأكد كتّاب عرب وأجانب شاركوا في ندوات المهرجان ضرورة رفع الأطفال لمستوي الكتابة لا العكس، مشيرين إلي أن الطفل يمتلك قدرة كبيرة علي التحليل والفهم، وإن منحه مساحة كافية ليختبر الكلمات والمعاني دون أن تكون مبسطة بشكل تقليدي يسهم في صقل مهاراته وخبراته ويقوده نحو اكتشاف العوالم الساحرة التي تضمها الكتب، داعين إلي مواصلة الجهود من أجل تقديم مواد إبداعية للأطفال تمتلك الثراء والتشويق وتبتعد عن الطرح التقليدي. بينما سلطت ورشة عمل بعنوان »تاريخ القصص المصورة» التي قدمها الرسام شهاب الدين مشرف، الضوء علي أول ظهور للقصص المصورة، التي بدأت من الحضارة الفرعونية باستخدام الرسومات للتعبير عن حياتهم اليومية وطقوسهم الدينية، بالإضافة إلي تناول مراحل تطورها، ومدي تأثيرها علي ثقافة الأطفال واليافعين، نظراً إلي شغفهم وحبهم لاقتناء هذا النوع من الإبداع. كما بحث المهرجان دور الكاتب في الحفاظ علي خصوصية ثقافة مجتمعه والتعريف بها، إلي جانب تعزيز قيمة التسامح بين المجتمعات من خلال تسليط الضوء علي الثقافات الأخري والتجارب الإنسانية الملهمة التي تحث علي التفاهم والتحاور بين الشعوب في كافة أرجاء العالم. وذلك في جلسة حوارية حملت عنوان »نكتب عن ثقافتنا»، شاركت فيها كل من الإماراتية مريم الزرعوني، ومؤلفة الأطفال السريلانكية روبي لوفيل، التي قالت: »بحكم أني أعيش حالياً في المملكة المتحدة، فكنت أجد نفسي في حالة بحث دائم عن كتب تلبي شغف أبنائي بالقراء وتزيد معارفهم، وتعزز ارتباطهم بالعادات والتقاليد السيريلانكية والتراث الثري والزاخر بالروائع والإبداعات، وفي أوقات كثيرة كنت أفشل في الوصول إلي هذه النوعية من الكتب، وهو ما دفعني إلي الاتجاه للكتابة لأبنائي».