■ زعماء تحالف أزرق- أبيض بني چانتس فى المنتصف ويائير لپيد على اليمين وموشيه يعالون على اليسار نتانياهو يعتمد علي تفاهمات مع الروس لإشراك تل أبيب في صياغة مستقبل سوريا جانتس يقترح مؤتمراً إقليمياً لمناهضة الانسحاب من القدس والجولان والمستوطنات لعبت الإشكاليات الإقليمية دور البطولة في الحملات الانتخابية الإسرائيلية، فحرص كل فريق علي استمالة الناخب عبر إقناعه بالقدرة علي تسوية القضايا العالقة علي المسار الفلسطيني والسوري والإيراني. واحتدمت المنازلة بين معسكري اليمين والوسط، فرغم هبوط أسهم حزب »الليكود» وزعيمه بنيامين نتانياهو، إلا أنه أحرز تقدماً علي المسار السوري، حينما توصل إلي تفاهمات غير مسبوقة مع الروس، وضعت إسرائيل علي خارطة المشاركين في تسويات المستقبل السوري. في المقابل وفي محاولة لاستقطاب الناخب، استعرض حزب الوسط المنافس »أزرق أبيض» استراتيچيته لمستقبل تسوية الملفات الأكثر شعبية في إسرائيل، لاسيما القدس والمستوطنات وتهديدات إيران وحزب الله. زيارة رئيس الوزراء، وزير الدفاع بنيامين نتانياهو الأخيرة إلي موسكو في السابع والعشرين من فبراير الماضي، ترجمت جانباً كبيراً من مساعي الليكود، خاصة أنها تزامنت تقريباً مع زيارة مفاجئة للرئيس السوري بشار الأسد إلي طهران؛ ونظراً لأن دمشق وكذلك طهران لم تبلغا موسكو استبقاياً بالزيارة، وجه الرئيس ڤلادمير پوتين كتفاً للطرفين، مستخدماً نتانياهو هرَّاوة لردع حليفيه »المارقين» (سورياوإيران). لجنة مشتركة ووفقاً لتسريبات نشرها موقع »دبكا» العبري، رافق تامير هايمن رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) نتانياهو في الزيارة، وبعد استعراض ما بحوذته من خرائط، توضح مواقع القوات الإيرانية في سوريا، اتفق پوتين ونتانياهو علي تشكيل لجنة روسية - إسرائيلية مشتركة، لبحث آليات خروج القوات الأجنبية من سوريا، وصرح الطرفان علانية بأن »لموسكووالقدس هدفاً مشتركاً، وهو: إعادة الأوضاع في سوريا إلي ما كانت عليه قبل أعوام الحرب الأهلية الثمانية». ويعد ذلك تحولاً سياسياً روسياً - إسرائيلياً غير مسبوق، غرق واختفي وسط صخب الانتخابات الإسرائيلية، ونشر استنتاجات المستشار القانوني الإسرائيلي في ملفات تحقيق نتانياهو؛ فلم تشكل الولاياتالمتحدة بالتعاون مع إسرائيل ذات مرة لجنة رسمية لبحث ما يجري في إحدي الدول العربية، وبمنظور بوتين كانت تلك الخطوة شجاعة وغير مسبوقة، لكنها كانت مدروسة جيداً. تسويات أمنية ويعكس التحول الروسي مدي الفرصة التي اتيحت لنتانياهو للتباحث مع روسيا حول خروج »جميع القوات الأجنبية من سوريا»، ما يعني استعداده للتباحث مع الروس حول مسألة خروج القوات الأمريكية من سوريا. الأكثر من ذلك تأهب نتانياهو أيضاً للتباحث مع الروس حول التسويات الأمنية المشتركة، التي تترتب علي خروج القوات الأمريكية من سوريا. بعيداً عن الترويج لما اعتبره موقع »دبكا»، المحسوب علي معسكر اليمين ب»انجازات الليكود علي المسار السوري»، انفردت مصادره بالكشف عن كواليس زيارة بشار الأسد لطهران، وما انطوي عليها من مؤشرات للصدام بين مؤسسات النظام الإيراني. علي صعيد الزيارة، أشارت المصادر إلي وصول الأسد من دمشق علي متن طائرة إيرانية إلي قاعدة جوية تابعة للحرس الثوري غرب طهران، ولم يكن في استقباله سوي قائد كتائب القدس الجنرال قاسم سليماني، الذي رافقه في كافة لقاءاته بطهران، ولم يعلم بالزيارة إلا المرشد العام آية الله علي خامنئي، وفي اللحظات الأخيرة فقط، جري ترتيب لقاء بين الأسد والرئيس حسن روحاني. وبدا واضحاً في جميع صور وڤيديوهات الزيارة ظهور الأسد وهو يطبع قبلاته علي يد خامنئي دون أن يرافقه خلال الزيارة أي من أعضاء نظامه؛ واعتبرت مصادر التقرير العبري أن ما فعله الأسد يعد إعلاناً للولاء، وهو ما لم يحدث من زعيم دولة عربية منذ صعود نظام الملالي إلي الحكم قبل 40 عاماً. أما مؤشرات التصدع في القيادة الإيرانية، فيرصدها التقرير العبري من واقع انفراد خامنئي وقاسمي بالرئيس الأسد، اللذين يرفضان سياسة روحاني ووزير خارجيته ظريف في سوريا، فالأخيران (الإصلاحيان) يميلان إلي ضرورة خلق بيئة جديدة يمكن من خلالها تخفيف الأعباء الاقتصادية التي تعانيها البلاد، لكن المرشد العام وچنراله يصران علي استغلال الوجود الإيراني في سوريا والانفراد من خلاله بكعكة إعادة الإعمار، وهو ما يؤرق الشركات الروسية. مبادرة سياسية لذلك، وخلال محادثاته مع نتانياهو ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، ميَّز پوتين وفي سابقة هي الأولي من نوعها بين هجمات إسرائيل العسكرية علي أهداف سورية، وهجمات مناظرة علي أهداف إيرانية في سوريا، وهو ما حدا بالقيادة الإيرانية ممثلة في خامنئي والحرس الثوري إلي ممارسة ضغوطات علي الأسد لإصدار بيان مفاده: أن الهجوم علي أهداف سورية يوازي الهجوم علي أهداف إيرانية في سوريا، وأن دمشقوطهران ستردان سوياً علي أي اعتداء. من الليكود إلي تحالف حزبي »حصانة لإسرائيل»، و»هناك مستقبل»، المعروف إعلامياً ب»أزرق أبيض»، والذي استغل هو الآخر ملفات إقليمية لاستمالة الناخب الإسرائيلي؛ فقبل أيام، نشر التحالف الحزبي رؤيته للتعامل مع تلك الملفات وجاء فيها نصاً: »إن إسرائيل تفتقر إلي قيادة سياسية مبادرة، تعمل علي استغلال الفرص وتغيير واقع المنطقة. ورغم المعركة الموفقة التي يديرها الجيش الإسرائيلي ضد تعاظم قوة حزب الله، الذي يعد حالياً القوة المهيمنة في لبنان، وضد التواجد الإيراني في سوريا، إلا أنه يتشكل قبالة حدود إسرائيل الشمالية واقعاً مهدداً، ولا تؤثر العمليات الإسرائيلية العسكرية علي جدول الأعمال الذي يفرضه بوتين وإردوغان وروحاني في سوريا». وفيما يخص الملف الفلسطيني، تشير رؤية التحالف الحزبي الذي يقوده وزير دفاع سابق موشي يعالون، وقائدا أركان سابقان بني جانتس وجابي أشكنازي إلي »المبادرة بعقد مؤتمر إقليمي مع الدول العربية التي تتطلع إلي الاستقرار، وتعميق إجراءات الانعزال عن الفلسطينيين بما يضمن الحفاظ علي المصالح الأمنية لدولة إسرائيل، وحرية عمل الجيش الإسرائيلي في كل مكان». مؤتمر إقليمي التحالف الحزبي المنافس لنتانياهو، انغمس في رؤيته بالتفاصيل، مشيراً إلي أن إسرائيل في ظل حكومة جديدة بقيادته »لن تتخذ خطوات جديدة أحادية الجانب في الضفة الغربية، ولن تنسحب من أربع مناطق رئيسية: التكتلات الاستيطانية، ووادي الأردن، والقدس، وهضبة الجولان. وإلي جانب النقاشات التي يفرضها المؤتمر الإقليمي المقترح حول تلك الملفات، يتباحث المجتمعون حول قضية لا تقل أهمية، وهي أن مكانة إسرائيل كقوة إقليمية رائدة، تحول دون إجراء مباحثات حول الاتفاق النووي الإيراني، أو تسويات في سوريا دون مشاركتها، ودون أن تفرض مصالحها الأمنية نفسها علي جدول الأعمال». بعبارة أخري، وفقاً لرؤية التحالف الحزبي الإسرائيلي، لا يُسمح للولايات المتحدة أو روسيا أو الصين وكذلك أوروپا بإجراء مباحثات حول الملف النووي الإيراني، أو بعقد مؤتمر إقليمي حول الملف ذاته دون مشاركة قادة »أزرق أبيض». ورغم إصرار إدارة ترامپ علي دعم الليكود وزعيمه عبر سلسلة إجراءات، كان آخرها إغلاق قنصلية واشنطن لدي السلطة الفلسطينية، ووضع منظومة الدفاعات المتطورة المضادة للصواريخ THAAD في قاعدة »نفيتيم» كجزء من المناورات العسكرية الأمريكية التي تجريها في إسرائيل حالياً، إلا أن المراقبين في تل أبيب لا يعولون كثيراً علي رؤي »أزرق أبيض»، أو تفاهمات نتانياهو مع موسكو حيال الإشكاليات الإقليمية، فرؤية التحالف الحزبي تفرض سؤالاً بديهياً: ما الدول العربية المستقرة التي يقصد دعوتها قادة »أزرق أبيض» للمؤتمر المقترح، وما هي تلك الدول التي ستوافق علي حضور مؤتمر بهذه الشروط؟؛ أما بالنسبة لتفاهمات نتانياهو مع روسيا، فالمناخ العام في إسرائيل يؤشر إلي رغبة أطراف في النظام السياسي والقانوني ضرورة الإطاحة بنتانياهو حتي قبل إجراء الانتخابات، وهو ما يلقي بظلال الشك علي إمكانية نجاحه في دفع مثل هذه التفاهمات قدماً. لكن پوتين، أعطاه رغم ذلك، وبعيدًا عن ردع إيران والنظام السوري، طرف الخيط، ليري من قصره في موسكو كيف يستطيع استخدامه.