كثر الحديث مؤخرا عما يحدث في قصر المنتزه الذي يعد إحدي أجمل بقاع مصر التاريخية إن لم يكن أجملها، وبما أنني أفخر دائما بانتمائي إلي عروس البحر المتوسط الإسكندرية الجميلة،فقد شعرت المسؤولية في وجوب كشف وإظهار الحقائق. المستفيدون من المنتزه ليسوا جميعا من الإقطاعيين وأعوان الأنظمة السابقة كما حاول البعض أن يصورهم ويستخدم ضدهم نبرة الاستعداء الشعبي، المنتزه ضمت مئات الكبائن للاستخدام اليومي فقط والتي تنوع منتفعوها مابين أبناء الطبقة الراقية قديما المتوسطة المطحونة حديثا والتي عجزت عن الشراء في الساحل الشمالي لأنها لم تعد تمتلك شيئا سوي عقارات مجمدة في ثلاجة الإيجار القديم، وطبقة أخري من الأغنياء دفعوا الملايين لقدامي المستأجرين خلو رجل للحصول علي كابينة بعلم وموافقة شركة المنتزه والتي حصلت علي مبالغ إضافية جراء ذلك، وهناك كبائن قليلة يسمح فيها بالمبيت ومعظمها من نصيب الطبقة التي حلت محل الملك فاروق من قيادات ثورة يوليو والذين استمتعوا طيلة السنوات السابقة بكبائن وفيلات رائعة قبل أن يشاركهم فيها رجال مبارك من السياسيين والصحفيين، يتواجد أيضا في قصر المنتزه فندق فلسطين الشهير وفندقان آخران بسعة محدودة،وناديان صغيران أحدهما للرياضات البحرية وشاطيء فينيسيا الشعبي بالمقارنة بشواطئ عايدة وكليوباترا وسميراميس المخصصة للكبائن بالإضافة إلي قاعات أفراح ومطاعم بعضها فاخر وبعضها بسيط متاحة للجميع، كانت حدائق المنتزه المقصد الأول لأهالي الاسكندرية بسبب جمال حدائقها وشواطئها بالرغم من ارتفاع رسوم الدخول واستحالة الهروب من دفع التذاكر في ظل نداء رجال الأمن الشهير....علي....والذي يستخدم ككلمة سر لمن لا يحمل كارنيه الدخول،الكارنيه كان يباع قليلا ويهدي كثيرا لأصحاب الحظوة كما كان يسلم لمستأجري الكبائن بمقابل مالي عند التجديد السنوي. نشأ خلاف قانوني بعد 2011 بين مستأجري الكبائن وبين وزارة السياحة حول أحقيتهم في الاستغلال الأبدي لهذا الموقع التاريخي والذي تحول إلي مايشبه الملكية بعد أن توارثت الأجيال كبائن الأسرة بما فيها من ذكريات ولجأ الجميع إلي القضاء واستجاب بعضهم إلي مطالب شركة المنتزه وسددوا المبالغ المطلوبة بأثر رجعي وبأرقام تفوق كثيرا ماكانوا يدفعونه ولكن الدولة أرادت مؤخرا تعظيم الإستفادة من هذا الموقع الرائع وتحويله إلي مشروع سياحي ضخم وهو حق أصيل لها في ظل احتياجها لتمويل الموازنة بعوائد غير تقليدية، فقررت إنهاء العلاقة الإيجارية بشكل قاطع بعيدا عن المماطلة في المحاكم والتي قد تستغرق سنوات طويلة، وأعلنت عن مسابقة كبري للتطوير، نرجو أن تأتي بالافضل لمصر ولكن من دون خلط للحقائق واستغلال المصطلحات الاشتراكية الثورية للإيقاع بين الطبقات الاجتماعية المختلفة والتي استمتعت جميعها بالمنتزه،وليت الدولة تكمل الطريق في هذا الإتجاه وتنصف ملاك العقارات من ضحايا قانون الايجار القديم كما أنصفت نفسها مؤخرا في المنتزه وغيرها.