الاقتحام الجريء كان سلاح الرئيس عبد الفتاح السيسي في العودة إلي أفريقيا، الصراحة والمواجهة، والرؤي الموضوعية التي تتسق مع حجم مصر ودورها في القارة السمراء. مثلاً.. ماذا قال الرئيس لرئيس الوزراء الأثيوبي خلال توقيع »وثيقة سد النهضة في مارس 2015؟» » ليس لدينا مانع من تنمية الشعب الأثيوبي، ولكن خلي بالك شعب مصر يعيش علي هذا النهر، وتأتيه المياه بأمر الله»..» ممكن نشكك في بعضنا ولا نتحرك قيد أنملة، ولكن اخترنا الثقة وتشجيع بعضنا علي التعاون والتنمية». هكذا كان الرئيس واضحا، واختصرت هذه العبارات مسافات الخلافات والهواجس، حول حصة مصر في مياه النيل، وأزاحت الهواجس والشكوك، وأذابت من سماء العلاقات بين البلدين سحباً، وحلت محلها رؤي التفاوض والتحاور، دون التفريط في قطرة مياه واحدة من حصة مصر، وإقرار حق أثيوبيا في برامج التنمية. الرئيس عبد الناصر: أفريقيا في القلب اعتبر ناصر أفريقيا الدائرة الثانية بعد الدائرة العربية، واحتضنت مصر زعماء الحركات التحريرية، وأمدتهم بالمال والسلاح، وكان عام 1960 هو عام التحرير الأفريقي، حيث حصلت 71 دولة علي استقلالها في هذا العام وحده. بعد الاستقلال لعب الدعم المصري دوراً جديداً، فأنشئ الصندوق المصري للتعاون مع الدول الأفريقية، وتمثلت المعونة في الخبراء والفنيين وأساتذة الجامعات والأزهر والأطباء والعمالة الفنية، وإقامة السدود وإنتاج الكهرباء. كانت مصر من أوائل الدول التي ساهمت في إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية سنة 1963، وتولت رئاستها ثلاث مرات في أعوام 1993،1989،1964 وآمن عبد الناصر بالرابطة الوثيقة بين الشعوب الأفريقية وبين مصالحها المشتركة. الرئيس السيسي.. العودة لقلب أفريقيا تغيرت أدوار، وأفريقيا التي تحررت سياسياً، تعاني تبعات التخلف والفقر والنزاعات المسلحة والهجرة غير الشرعية.. وتلقي آمالاً عريضة، علي رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، ومد يد العون والمساعدة بما يعود بالخير علي الجانبين. منتدي أفريقيا الثالث الذي عقد في شرم الشيخ 2018، قدم نموذجاً رائعاً للدور الذي تلعبه مصر في القارة السمراء، خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي.. التنمية والاستثمار والمشروعات المشتركة، وتقديم خبرات مصر الناجحة، في مشروعات البنية التحتية والكهرباء والطرق والمرافق، وهي المشكلات الرئيسية التي تعوق التنمية في افريقيا. أفريقيا لن تعالج مشاكلها إلا بالقضاء علي النزاعات المسلحة، التي تستنزف مواردها وإمكانياتها، وتحتاج ايضا من يأخذ بيدها في المجالات التكنولوجية، واستراتيجيات جذب الاستثمارات. مصر في جعبتها الكثير، وأفريقيا تتعشم خيراً، وتفتح ذراعيها لمد جسور الثقة والتعاون والشراكة، والرئيس مؤمن تماماً بالمصير المشترك، الذي يجسده النيل العظيم، والذي يجري بالخير والحياة. الادوار لا تكتسب بالشعارات، والمكانة لا تأتي الا لمن يستحقها، كان البعض يتحدث عن غياب الدور المصري، لكنه يعود للصدارة ويجعل اسم مصر علي كل لسان.