الشاب اليائس من الحياة قد يجد »متطرفاً» يقايضه علي الدنيا بالآخرة، ويفرش له الطريق إلي التهلكة، فالبلطجي يمكن أن يصبح مقاتلاً في صفوف المجاهدين، والذي يعجز عن ثمن روشتة يتلقفه المعالجون بالشعوذة والدجل، ومن لا يجد عملاً أوجد له الشياطين عملاً بمكافآت سخية، في زرع القنابل والمتفجرات.. وهكذا يقدم أهل الشر حلولاً تدميرية سهلة، والحرائق تأتي من مستصغر الشرر الذي لا يزال تحت الرماد. كلما زادت أفكار الجهل والتخلف يزداد الخطر، لأنها مؤشرات تعمق الأزمة، فتكون النتيجة علاج الخطأ بخطأ أكبر، وهو ما نري أعراضه الآن في انتشار التدين الشكلي علي حساب التدين الحقيقي، وانتحرت مكارم الأخلاق علي مقصلة المساوئ، وغيرها من مكونات التدين الشكلي، الذي يهيئ الأجواء لغيبوبة العقل وتعطيل الوعي. • مقاومة الإرهاب تبدأ من إيقاظ العقول وتطهيرها من الأفكار الملغمة، التي هي أكثر خطورة من الديناميت وقنابل المسامير، وإنقاذ المؤهلين للتطرف والإرهاب لا يقل أهمية عن ضرب أوكار الإرهاب، وظروفنا الراهنة تتطلب خطاباً دينياً وقائياً وليس الوعظ والترهيب والترغيب.. جنباً إلي جنب خطة الدولة ل »استعادة الأمل للشباب»، فالذي يعمل وله دخل ويعيش، لن يفكر في تصنيع قنبلة تنفجر فيه وتحوله إلي أشلاء، والذي له زوجة في الدنيا لن يقدم علي الاستشهاد الكاذب، ويكون مستعداً للتضحية من أجل بيته وزوجته وأولاده. الثمرة الكبري للتنمية هي: »فتح البيوت»، وإيجاد فرص عمل للشباب، في المصانع والمزارع والمدن الجديدة، وكل طوبة تُبني تزرع الأمل في النفوس، وتقف سداً منيعاً في وجه دعاة اليأس والإحباط والفتن، وتسحب من تحت أقدام المتطرفين مساحات العبث والتضليل. لا أمل لبلد لا يهيئ نفسه للمستقبل، بتجهيز شبابه لتحمل المسئولية، وإعدادهم ليكونوا سنداً لوطنهم، بناءين وليسوا هدامين، عقلاء وليسوا متهورين، مهندسين وأطباء وحرفيين، وليسوا متطرفين وإرهابيين، ومصر تمضي في الطريق الصحيح، ويجب ألا نسمح بعودتها للوراء. لم تسلم الدول المتقدمة من الأذي، إلا بعد أن أبعدت حملة السيوف ومن يقطعون الرقاب باسم الأديان، فاتقت شرهم، وأقامت الديمقراطيات الآمنة التي تعبر عن إرادة شعوبها، والعدل الحقيقي المستوحي من الشرائع الدينية الصحيحة، وليس من رءوس قناصة التطرف والإرهاب. المصريون استوعبوا الدرس، فلا أحد يمكن أن يزايد علي إيمانهم، ولا أن يصنفهم بين مؤمنين وكفار، ولن يسمحوا لمن يرفع السلاح ويقتل الأبرياء بأن يكون له مكان بينهم. الفتن الكبري التي مرت بالدول الإسلامية، حدثت بسبب مزج السلطة السياسية بشعارات دينية، ويا ويل من يعارض حاكماً يستمد سلطته من السماء، فيقيم الظلم والبطش والقتل، زاعماً أنه ينفذ شريعة السماء، غير مدرك أنه منبوذ في الأرض والسماء، لأنه لا يقيم عدلاً، بسيفه الظالم الملوث بالدماء.