أعادني الزميل سعيد الخولي لأيام الزمن الجميل من خلال أوراق العمر، لقد نعكش في ذاكرته حتي أصدر كتابه الأول فعادت به سنوات العمر لذكريات الطفولة بين الحقول الخضراء والطاحونة رمز الاكتفاء الذاتي عند الفلاح، ونقلب بين الصفحات لنجد أيام الظلام المحلك وقصص الجن والعفاريت التي كانت تحكيها الجدات ولمبة الجاز التي خرجت العلماء والأدباء والنوابغ. ونمضي إلي أيام رمضان والأطفال يطوفون في الشوارع بالفوانيس ويغنون (وحوي يا وحوي )، ثم يتحدث عن البطاطس وكيف أن قريته تتميز بهذا المحصول. ونجد بين الأوراق حكاية الشاب العترة الذي كان يقود المحراث ووراءه الأنفار يزرعون المحصول، ولم ينس البيوت الطينية التي كانت مكيفة طبيعيا وملابس أهالي القرية الموحدة والبسيطة في مظهرها، ولكن الحال تغير وتبدل الآن بعد أن زحفت الخرسانة لتكسو القرية. وقبل الصفحات الأخيرة كانت الذكريات مع الأستاذ طمان الذي كان غريبا ويلقي كل الرعاية والاهتمام من التلاميذ وآبائهم، ثم ينتفض المؤلف متذكرا نكسة 67 وخوف الأطفال من صفارات الإنذار وعبار ة(اطفي النور يا ولية احنا عساكر دورية) التي كانوا يتغنون بها دون إدراك لمعناها.. وذكرياته مع القطار ذهابا وإيابا من القاهرة لبلدته عندما تركتها الأسرة للإقامة بقاهرة المعز التي بهرته آثارها وأضواؤها ومآذنها.. وتختتم صفحات الكتاب بالحديث عن السادات وقصة اختبائه عند عائلة دبوس أعيان القرية بعد مقتل أمين عثمان أيام الملكية التي راحت مع الثورة، وكيف أنهم حموه ولم يبطشوا به رغم صرخات الصحف وقتها، ولهذا رد السادات لهم الجميل بعد انتصار أكتوبر وزار القرية وهو بطل الحرب والسلام واستقبله محافظ البحيرة آنذاك حسين دبوس بحفاوة، وألقي السادات خطبة وسط جموع أهالي القرية وفرحتهم الشديدة به والتي سطرها التاريخ ورواها السادات إعلاميا .