اسم الجدارية: «بورتريه شخصى لفان جوخ» تاريخ رسمها: «1889» اسم الفنان : «فان جوخ» المدرسة الفنية: «ما بعد الانطباعية» في الأسطورة سقط »إيكاروس» في البحر لأنه اقترب من الشمس بأجنحة مصنوعة من الريش والشمع..وفي الواقع سقط »فان جوخ» لأنه احترق قلبه بالفن فذاب جنوناً وانتحر..وحين اقترب ممن أحبها ولفظته وحين اختلف مع صديقه الوحيد »بول جوجان» سقط باتراً أذنيه..ولكن كان سقوطه الأكبر في اللامبالاة التي قوبل بها فنه في حياته ولم يقدره به أحد.. وبالرغم من أن فان جوخ 1853-1890 الهولندي مصور عبقري وأحد أعظم مصوري ما بعد الانطباعية..ذلك العبقري الذي ظهر واختفي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر..قفزت اليوم أسعار بيع لوحاته في المزادات العالمية المائة والخمسين مليون دولار وهو الذي عاش فقيراً وباع طوال حياته لوحة واحدة فقط بفرنكات قليلة.. بينما رسم في فترة لا تزيد عن العشر سنوات ما يقرب من التسعمائة لوحة [ 900 ] زيتية إضافة لأكثر من ألف عمل اسكتشي ومائي.. وفي حياته قضي كثيرا من الأشهر في مصحات نفسية وكان ما يساعده علي الاستمرار في الحياة كتابة رسائل لأخيه »ثيو» بلغت الثمانمائة خطاب يحكي له قسوة الحياة معه.. ومن المثير أنه في سنواته الأخيره إهتم برسم أكثر من ثلاثين بورتريها لنفسه صور فيها أوضاع وأمزجة شتي عبرت عن عميق حزن شخص في حالة صراع مع حياه تؤرقه وتثقل علي عقله فكشفت فرشاته انفعالات تتفاوت من الحيرة إلي الصدمة ومن محاولة التظاهر بالسكينه التي يغلب عليها التشوش والارتباك..وفي هذا البورتريه الجميل الذي رسمه لنفسه عام 1889 قبل وفاته بعام بدا من الظاهر مستسلماً لكن ملامحه ونظرة عينيه الموجهة إلينا مباشرة تنبئ عن مصيره المأساوي بالانتحار..وقد رسم نفسه في بدلة زرقاء متموجة عنيفة الخطوط وشعر متموج ولحية حمراء أمام خلفية مزدحمة بخطوط حلزونية ملتفة تكشف عن كثير من العصبية والتوتر وتفصح عما يدور بداخله من تداخلات مشوشة وعدم استقرار نفسي لكنها مُحملة بقوة تعبيرية هائلة خاصة في تعبير العينين.. وفان جوخ عاش في فرنسا..وُلد في قرية جروت زونديرت الهولندية لأب قسيس ولم يكن المفضل بين الأبناء السته..وفي السادسة عشرة عمل بائعا في محل بيع لوحات في لاهاي وهناك انجذبت روحه للوحات »رمبرانت»الهولندي.. ومن لاهاي إلي باريس عام 1876 طاف متاحفها منبهراً بالمدارس الفنية والأفكار الإنسانية..وفصل من عمله واتجه لدراسة اللاهوت وعمل في بلجيكا واعظاً دينياً حيث مناجم الفحم والعمال البائسين واستطاع فيما بعد ان ينقل أجواء وفقر هؤلاء العمال البسطاء في لوحاته..وفي باريس استقر وعاش حياة قاسية ومعاناة شديدة أدرك حينها أن عزاءه الشخصي في الرسم وبالفعل كان رسمه يربطه بالحياة إلي أن مات..ففي صباح 27 يوليو 1890 لم يعد يحتمل فخرج إلي أحد الحقول حاملا مسدس وأطلق النار علي صدره ليتخلص من متاعبه ولكن الرصاصة لم تقتله ونقل إلي المستشفي ليموت في 29 يوليو عن عمر 37 عاما..