محمد عبدالقدوس اعتاد أبناء مصر الاحتفال بالراحلين الي الآخرة في ذكري وفاتهم!! لكنني قررت بعد أذنك مخالفة هذا التقليد والكتابة عن هذه السيدة في ذكري أعظم عمل قامت به في سابقة لم تحدث من قبل شرقا أو غربا بل انفردت بلادي بها. والمؤكد أن كلامي هذا أثار دهشتك ورأيته يدخل في دنيا العجائب وتساءلت عن هذه المرأة وما الذي انفردت به دون بقية نساء العالمين؟. ودعني في البداية أقدمها لك.. فهي من مواليد بلاد الشام وتحديداً من طرابلس اللبنانية، مات أبواها وهي في سن مبكرة وجاءت الي مصر مع مهاجر لبناني تركها عند أحد أصدقائه، وهكذا نشأت في بلادنا فقيرة ويتيمة بلا أي أقارب علي الاطلاق ولو من الدرجة العاشرة يعني مقطوعة من شجرة بالتعبير العامي!! ولم تتلق إلا تعليماً بسيطاً ومع ذلك شقت طريقها بنجاح كبير في المسرح حتي أطلقوا عليها لقب »سارة برنار» الشرق واعتزلت التمثيل في قمة شبابها واتجهت الي الصحافة لتقيم مجلة تحمل اسمها روز اليوسف وكانت أول امرأة تقتحم مجال الصحافة والذي كان حكراً علي الرجال وما فعلته بالتأكيد غريب جدا وسابقة لم يحدث لها مثيل فلا يوجد مطبوعة في الدنيا اسمها علي اسم صاحبتها. ومجلة روز اليوسف أنشئت في أكتوبر من عام 1925 يعني عمرها حاليا 93 عاماً وأقبل عليها الجمهور عند ظهورها إقبالا كبيراً وأصبحت جدتي روز اليوسف ملكة متوجة في الصحافة تخرج من مدرستها معظم عمالقة مصر الذين لمعوا بعد ذلك في مجال الصحافة والكاريكاتير.. جمعت بين الحسنين والمسرح ثم صاحبة الجلالة الصحافة مع أنها لم تتلق إلا تعليماً بسيطاً وكانت وحيدة بلا أهل وظروفها في منتهي القسوة ولذلك فإنني إذا قلت عنها أنها معجزة إنسانية فقد أصبت.