ترتفع درجات الصعوبة لتصل إلي المستحيل علي متخذ القرار لتأكده بأن قراره فارق في حياة أمته ومرجح بين الهزيمة والنصر الزوال والبقاء الاصلاح والخراب انها اللحظة الأخطر في عمر الأمم ويلزم لتلك اللحظة رجال من نوع خاص يتخذوا القرار دون تردد ليعبروا بالأمة إلي شاطئ الاستقرار. تعرف الأمم العظيمة قدر متخذ القرار وتعطيه ثقتها الكاملة لأن مصيرها يتحد مع قراره وتتحمل في صبر وتحدي ألم تبعات القرار لأن الشعوب تميز بفطرتها وبما تراه من عمل وصدق في كلمات صاحب القراربين من يقودها إلي التقدم رغم المصاعب ومن يخدرها بمعسول الحديث فتسقط في الهاوية. في المؤتمر الوطني الخامس للشباب تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي باستفاضة في نواح متعددة كلها تعلقت بأمور الدولة المصرية الحديثة التي تم تثبيت ركائزها خلال الأربع سنوات الماضية هي فترة ولايته الأولي. الآن تفصلنا أيام عن حلف الرئيس السيسي لليمين لتبدأ أربع سنوات جديدة هي الفترة الثانية من حكمه لذلك جاء حديثه في المؤتمر الخامس مغايرا،الملفات التي تناولها الرئيس تعددت من الشأن الداخلي إلي الخارجي من شرح توازنات عملية الاصلاح الاقتصادي إلي دور الدولة في تقديم الحماية إلي مواطنيها ولم يبخل الرئيس علي مستمعيه بالمعلومات الدقيقة عن ماتحقق وما سيتحقق . يحتاج هذا الحديث المغاير للرئيس السيسي إلي كثير من التحليل والعمل علي فهمه لمعرفة صورة الدولة الجديدة والقوية التي يبني الرئيس دعائمها ولم يقل الرجل طوال وقت المصارحة بالمعلومات والحقائق أن مايفعله جهد فردي أو منسوب للحكومة. أكد الرئيس أن ما تم بناؤه وسيبني هو عمل المصريين جميعا وأصر علي هذه الروح الجماعية، فالدولة الجديدة القوية التي تتشكل الآن هي من صنع الأمة المصرية وليست من صنع فرد أوأفراد حتي لوكان هذا الفرد هو الرئيس والأفراد هم الحكومة. مفتاح فهم هذا الحديث المغاير للرئيس واستشراف صورة الدولة الجديدة القوية يكمن في كلمة واحدة هي القرار هذا الفعل الذي يبدوللجالس بعيدا سهلا وبسيطا أما لمن يتحمل المسؤلية فهو ثقيل كالجبال. هناك محطات كثيرة أختبرت فيها الأمة المصرية طبيعة الرئيس السيسي وقدرته علي اتخاذ القرار الفارق في مصيرها وحتي قبل توليه الرئاسة كانت المحطة الأولي في 3يوليو 2013 يوم أن طالبته جماهير يونيو بتحرير الأمة المصرية العريقة من الظلام وحكم الفاشيست والارهاب. في هذا اليوم الفصل في تاريخ أمتنا الصابرة لبي الرجل الطلب وحمي الجيش اختيار الشعب كما حماه في 25 يناير. حصد الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد يوليو شعبية جارفة تجسدت في يوم 26 يوليو من نفس عام المصير 2013، شعبية لم تجتمع الا لقلائل في تاريخ مصر القديم والحديث. نعود مرة أخري للكلمة المفتاح وهي القرار التي تفتح باب الأسئلة هل اتخذ الرئيس السيسي قرار تحرير الأمة بحثا عن شعبية؟ لم تكن الشعبية هي هدف الرئيس بل كان الهدف مصلحة الأمة المصرية وانقاذها من مصيرمؤلم سيقع لا محالة لو استمرت سيطرة الفاشيست علي مقدرات البلاد. اتخذ الرجل قراره في 3 يوليو لأجل الأمة ومصلحتها العليا وعندما أعطته الجماهير الشعبية الجارفة بعد القرار لم تزغ هذه الشعبية رغم سطوتها وحلاوتها الرئيس السيسي عن الهدف الأساس وهو مصلحة الأمة. شرح الرئيس بنفسه هذه النقطة المحورية عندما أجاب علي أسئلة المواطنين في جلسة (اسأل الرئيس) أثناء المؤتمر لتلقي الأجابة الضوء وتفهمنا هدف القرار المتخذ من قبل الرئيس في المحطات التي أعقبت يوليو. كان علي الرئيس السيسي أن يختار بين زهوالشعبية وتبعات تحمل أمانة المسئولية في لحظة الاختيار تلك انحاز الرجل إلي الهدف الأساس مصلحة الأمة علي حساب حلاوة الشعبية وبريقها. لم يكن الرئيس عند الاختيار ذلك السياسي الذي يداعب أحلام الجماهير الباحث عن مصلحته وكبريائه، كان قراره قرار رجل دولة وثقت فيه أمة ليقودها من الضعف إلي القوة. اختار بلا تردد مصاعب المسئولية وألم الحقيقة وبدأ طريق الاصلاح بكافة تحدياته ومستوياته سواء سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو دينيا لأجل بناء الدولة القوية التي ستحفظ للأمة المصرية هيبتها. قرار الرئيس بالاصلاح جعل الأمة تواجه نفسها بالحقيقة،الدولة القوية لا تصنعها الهتافات أو المنح بل تصنعها مواجهة المحن فلن يساعدنا أحد سوي الله سبحانه وتعالي وسواعدنا. نعم كانت حقيقة طريق الاصلاح صعبة وحجم التحديات كبيرا لكن تاريخ الأمم الناهضة يقول إن النهوض ليس سهلا أوهينا ويلزمه الصبر والنضال ويلزمه قبل ذلك قائد تثق فيه الأمة وتعلم أنه لن يضيعها. أفضل ميزان يزن حجم الثقة بين الرئيس والأمة هو يوم 3 يوليو ففي هذا اليوم حاز الرئيس علي علامة الثقة الكاملة من الأمة المصرية في صواب وحسم ونجاح القرار المتخذ. قدم الرئيس عبد الفتاح السيسي في المؤتمر الخامس للشباب خريطة طريق للدولة الجديدة القوية وهي خريطة تجسدت الكثير من معالمها خلال الأربع سنوات الماضية وتسير بخطي ثابتة وستتحقق باذن الله كل أهدافها في السنوات القادمة. نحن نثق بدرجة العلامة الكاملة في الرجل وفي أن الدولة المصرية الجديدة القوية تبني اليوم رغم الصعاب والتحديات وأحقاد أهل الشر. مصر أمة صابرة تاريخها وقرارها وقرار قائدها الدائم هو العبور من الهزيمة إلي النصر ومن الضعف إلي القوة .