صياغة دروس التاريخ في كافة الصفوف تعكس تاريخ الحكام والقادة أكثر من تاريخ المصريين وكيف عملوا لينالوا حقوق المواطنة عبر التاريخ. وينعكس ذلك في أسماء الدروس (صلاح الدين الأيوبي والدولة الأيوبية - أحمد عرابي ومقاومة الاحتلال الانجليزي - سعد زغلول وثورة 1919 جمال عبدالناصر وثورة 1952.........). أن ربط التاريخ المصر ي بشخصيات الحكام والقادة والزعماء، يرسخ فكرة البطل الفرد ويغيب قيمة المنجز الجماعي للشعب المصري. تاريخ مصر القديم مختزل بصورة كبيرة تؤدي إلي جهل التلميذ بتاريخ بلاده ولا يتناسب مع المدي الزمني للحضارة المصرية القديمة. القسم الخاص بتاريخ مصر الإسلامي بالرغم من أنه يحتل مساحة كبيرة، إلا أنه لا يبرز كثيراً من الإنجازات الحضارية في تلك الحقبة. تاريخ مصر من الاحتلال العثماني حتي العصر الآن مختصر بشكل مخل أيضاً. أغلب دروس التاريخ تتكلم عن تاريخ السلطة والحروب والثورات ، ويكاد يختفي التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للشعب المصر ي ، بما في ذلك تركيبته الدينية وإسهاماته الثقافية والعلمية والاقتصادية عبر العصور المختلفة. العلاقة مع العالم وخاصة الغرب تحمل دائما طابع الصراع ، دون ذكر لأوجه العلاقات والتأثير المتبادل الثقافي والاجتماعي. الوحدة الثالثة - منهج الدراسات الاجتماعية الصف الخامس - الفصل الدراسي الأول تحمل اسم "مصر قبل الإسلام " وتضم ثلاثة دروس الدرس الأول: شخصيات وأحداث من العصر البطلمي ، والدرس الثاني: شخصيات وأحداث من العصر الروماني في مصر، والدرس الثالث : الحقبة القبطية. "مصر قبل الإسلام" هذه التسمية ليست صحيحة علمياً أو منهجياً ، لأن تاريخ مصر لا يقسم علمياً "مصر قبل الإسلام" ، و"مصر بعد الإسلام". فالتوصيف العلمي الذ ي تستخدمه المدرسة التاريخية الأكاديمية هو: تاريخ مصر القديم - الوسيط - الإسلام الحديث - المعاصر . ويقال عن الفترة الإسلامية، مصر في العصر الإسلامي أو مصر الإسلامية وليس ما قبل وما بعد. الوحدة الثالثة - منهج الدراسات الاجتماعية الصف الخامس - الفصل الدراسي الثالث : "الحقبة القبطية " هذه التسمية أيضا ليست صحيحة. لأن التصنيف المعتمد ف ي كتب الدراسات الاجتماعية هو تقسيم تاريخ مصر إلي حقب سياسية، والمصريون الأقباط لم يحكموا مصر طوال هذه الفترة من القرن الأول حتي السابع الميلادي. فقد كانت مصر تحت حكم الإمبراطورية الرومانية \ البيزنطية. أما تاريخ الشعب المصري الذي آمن بالمسيحية وصاغها بطريقته الشعبية في الطقوس والفن والموسيقي واللغة فهو ما يمكن أن نطلق عليه القبطية. وتأتي الملاحظات الأساسية علي مضمون درس "الحقبة القبطية" كما يلي : يركز الدرس بشكل أساسي علي ظهور المسيحية وانتشارها في مصر أكثر من تركيزه علي تاريخ المصريين الديني والثقافي في هذه الفترة ، فعلي سبيل المثال : لا يذكر معني كلمة قبطية ، وما هي الثقافة القبطية من لغة وفن وبناء ، وكيف استمرت هذه الثقافة عبر العصور المختلفة ، وتأثيرها علي الحاضر الاجتماعي والثقافي المصر ي . يذكر الدرس الإمبراطور دقلديانوس في المنهج مرتين ، مرة في درس عن العصر الروماني باعتباره الإمبراطور الذ ي نجح في القضاء علي ثورات المصريين ومرة أخري في الحقبة القبطية باعتباره الإمبراطور الذي عرف عصره بعصر الاضطهاد الكبير للأقباط . وفي هذا تناقض كبير . أما الحقيقة التاريخية فتقول أن المصريين المسيحيين قاوموا الإمبراطورية الرومانية ودقلديانوس مقاومة عظيمة . ولم تكن مقاومة دينية فقط بل حملت بعداً وطنياً ، حيث تذكر كثير من المراجع التاريخية أن المصريين غير المسيحيين اشتركوا إلي جانب المسيحيين في هذه الثورات التي قمعها دقلديانوس بمنتهي العنف والقسوة. لذلك يجب أن تتغير صياغة هذه العبارة من "نجح دقلديانوس في القضاء علي ثورات المصريين" إلي " ثار المصريون المسيحيون وغير المسيحيين ضد دقلديانوس الذي قمع هذه الثورات بمنتهي القسوة والعنف". يكاد يختفي بعد ذلك ذكر المصريين الأقباط في العصر الإسلامي ، فلا نكاد نعرف عنهم شيئاً طوال تاريخ مصر الإسلامية إلا أقل القليل ، ثم يظهرون بعد ذلك في درس ثورة 1919 ! تاريخ مصر الحديث والمعاصر منذ عصر محمد علي مختزل بشكل كبير ، رغم أن تجليات المواطنة والحداثة في مصر قد بدأت منذ ذلك الوقت، لذلك ينبغي عرضه بشكل تفصيلي أكبر، حتي يستوعب التلاميذ نشأة المواطنة والدولة الحديثة في مصر. لا يحتو ي الدرس الذي يتناول ثورة 1919 - النموذج التقليدي للوحدة الوطنية في تاريخ مصر المعاصر- إلا علي جملة واحدة عن حول مشاركة المسلمين والأقباط في الثورة (ثار الشعب المصري كله مسلمين ومسيحيين ....ضد الاحتلال الانجليزي). يتكلم نفس الدرس عن دستور 1923 دون ذكر أ ي نص من نصوصه وأهميته في بناء المواطنة علي أسس حديثة. تاريخ مصر الاجتماعي والثقافي والاقتصادي في بدايات القرن العشرين والذ ي واكب تكوين مؤسسات الدولة المصرية الحديثة، لا يذكر عنه إلا أقل القليل في دروس التاريخ الخاصة بهذه الحقبة. بساطة وقلة المادة المقدمة في هذه المقررات الدراسية، عكس ما يشاع ويتردد عن الحشو في المناهج الدراسية. الأسلوب : تبتعد كتب الدراسات الاجتماعية عن السرد كلية، مع أن التاريخ في النهاية سرد. وبدلاً من أن تصوغ هذه الكتب تاريخ مصر عن طريق السرد، تلخص الموضوع في نقاط مختزلة علي طريقة الكتب الخارجية التي تركز علي التلقين لا الفهم. بعض الصور والرسومات التوضيحية يحتاج إلي المراجعة والتدقيق. الصف الخامس/ الفصل الدراسي الثاني يقدم المغول بأنهم من "منغولياً" لكنه يضع بجوار أسطر التعريف مستطيلاً ملوناً بعنوان مفاهيم اتعلمها فيعرف المغول بأنهم: شعب بدائي كان يعيش علي مهنة الرعي والصيد وبرغم أن كلا التعريفين غير دقيق إلا أن استخدم كلمة "بدائي" غير ملائم، ففضلاً عن عدم دقته، يشير إلي "مفهوم" يفيض عن الآخر، يدعمه تعبير الكتاب في الصفحة نفسها قائلاً: أكتب ثلاثة أسطر عن صفاتهم وهمجيتهم.