في 19 يوليو 1993 ، صدر العدد الأول من جريدة أخبار الأدب، برئاسة تحرير الأديب الكبير الراحل جمال الغيطاني، وذلك بعد عام من طرح الكاتب الكبير إبراهيم سعدة رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم آنذاك، لفكرة هذا الاصدار، التي جاءت في ثنايا افتتاحيته للعدد الأول من أخبار النجوم. منذ هذا الاعلان بدأ الغيطاني في الاعداد لهذه الجريدة " الحدث" في الوسط الثقافي والصحفي، فإصدار جريدة أسبوعية متخصصة في الأدب والثقافة، مغامرة بكل المقاييس، قبل الغيطاني المغامرة، وبدأ في تكوين الفريق الذي سيخوض به هذه المعركة الصعبة، التي وصفها البعض وقتها بأنها المغامرة المستحيلة، وتوقعوا أن تغلق بعد سنوات من صدورها، كما حدث للعديد من المجلات الثقافية.. لكن قبل الجميع التحدي، وظهر العدد الأول، بما ينبئ أننا أمام شكل جديد للصحافة الثقافية، شكل يوازن بين الإبداع والفنون الصحفية الأخري. وعددا وراء عدد تظهر قوة أخبار الأدب، وتميزها وتفردها، وقدرتها علي أن تكون لها فلسفتها الخاصة، المشتبكة مع الحياة الثقافية، وليست التابعة لأحد، مهما كان نفوذه وسطوته، خاضت معارك ضارية ضد ما رأت فيه تهميشا لدور مصر الثقافي، وخاضت معارك ضد ثقافة المهرجانات، التي سادت في فترة، ووقفت ضد العبث بآثارنا، وذات يوم كان عنوانها الرئيسي: إلي وزير الثقافة: ثقافتنا مهانة وآثارنا منهوبة.. فلماذا لا ترحل؟ رفعت سقف الحرية إلي أبعد مدي..كتب فيها أجيال متنوعة، وعلي صفحاتها، نشبت معارك نقدية، أعادت للأذهان المعارك النقدية الكبري في تاريخ الثقافة العربية. ومما لاشك فيه أنه خلال مسيرتها، راهنت علي أسماء إبداعية ونقدية ومترجمين، يفتخرون أنهم كانوا ممن يسهمون مع فريقها الرئيسي في تشكيل جوهر الجريدة، التي ساهمت في الكشف عن أجيال إبداعية عربية ومصرية، فقد راهنت الجريدة علي تقديم أسماء شابة وقتها من مختلف الأقاليم المصرية، وكان يتجاور في ساحة الإبداع أسماء كبار المبدعين بجانب المواهب، التي بدأت تتفتح موهبتها علي صفحات أخبار الأدب، وكان تعبير " تقليب التربة"" من التعبيرات التي صكها الراحل الكبير جمال الغيطاني، بمعني أنه كان يؤمن إيمانا راسخا بأن المواهب المصرية في كافة المجالات لا يمكن أن تنضب ولكنها تنتظر من يرويها، ويكشف عنها ويساندها، فالكشف عن الموهوبين والبارزين كان عنوانا وخطا واضحا من خطوط أخبار الأدب، بل في أحيان كنا نقدم ليس فقط مثقفين ومبدعين، بل علماء، فلأول مرة يظهر اسم المهندس البارع هاني عازر الذي صمم مترو أنفاق ألمانيا كان علي صفحات هذه الجريدة، وفي العام الماضي عندما تمت استضافته في معرض الكتاب، كان من ضمن الأوراق التي بحوزته وتسرد مسيرته جريدة أخبار الأدب. قوة أخبار الأدب عبر مسيرتها، استمدتها من إحساس فريقها بقيمة ما يقدمونه مهما كانت الظروف، المهم أن نتلقي أي صدمة ونحن قادرون علي الوقوف، لم يستسلم صحفيوها تحت أي ظرف للتفريط بما آمنوا به، قد نكون قصرنا في شئ، وهذا وارد في أي عمل، لكننا نسعي دائما إلي أن نتمسك بمهنيتنا، وبأهداف هذه الجريدة، التي تدخل عامها ال 23 وهذا دليل علي عمق وأهمية دورها ومكانتها. لعل من أهم ما ينتظرنا في بداية عامنا الجديد، هو إقامة حفل توزيع جوائز مسابقة أخبار الأدب، خلال الفترة الوجيزة القادمة، هذه المسابقة التي عادت منذ العام الماضي، بعد توقف سنوات طوال، رغم إقامة أكثر من دورة لها في السنوات الأولي لأخبار الأدب، وكان يعدها الكاتب الكبير الراحل جمال الغيطاني، إحدي وسائلنا في الكشف عن الموهوبين وتقديمهم لهذا الوطن، عادت هذه المسابقة بدعم مالي من وزارتي الثقافة والشباب، وقدمت في العام الماضي مجموعة من المبدعين، وفي هذا العام نقدم موهوبين جددا في مجالات الرواية، القصة القصيرة، شعر الفصحي، شعر العامية، وأضفنا فرع الترجمة، الذي فازت به مترجمتان سيكون لهما شأن كبير في هذا المجال، فالترجمة واحد من المشروعات الأساسية لهذه الجريدة، منذ اللحظة الأولي لصدورها، ومعظم المترجمين الكبار والشباب علي الساحة الآن هم من أبناء أخبار الأدب. وأخيرا هناك أفكار كثيرة من أجل تطوير الجريدة في الفترة القادمة نسعي إلي تقديمها ونحن نستقبل عامنا ال23 .