أود أن أشكر مكتبة الأسرة علي إصدارها كتابين للناقد والمفكر الراحل غالي شكري (1935 1998 )، الأول هو"ثقافة النظام العشوائي"والثاني "من الأرشيف السري للثقافة المصرية،"وكلاهما صدرا علي الأرجح في ثمانينيات القرن الماضي،ومنذ رحيل غالي بعد صراع ضار مع المرض الذي هاجمه وهو في ذروة تألقه الفكري،لم يتذكره أحد،وأظن أن أعماله التي تزيد علي أربعين كتابا محترما لم تعاد طباعتها ،بل إن أحدا لم يتذكر ،أثناء الاحتفالات الدائرة الآن بذكري رحيل شيخنا جميعا نجيب محفوظ،كتاب غالي "نجيب محفوظ من الجمالية إلي جائزة نوبل"الصادر في أعقاب جائزة نوبل،ويضم مجموعة بالغة الأهمية من الحوارات الطويلة والمتنوعة ،والتي فتح فيها محفوظ قلبه وعقله،وتحدث في كل شئ بصراحة عن رحلته. أريد أيضا أن أُذكرّ بغالي الذي حصل علي الدكتوراه من السوربون عن النهضة والسقوط في الفكر المصري الحديث ،وكان المشرف علي رسالته المستشرق المعروف جاك بيرك،بعد أن هاجر من مصر ضمن عدد كبير من الطيور المهاجرة،وهم صفوة الكتاب والفنانين المصريين ،الذين توزعوا في المنافي الاختيارية في العواصم العربية والأوربية بعد أن تولي السادات ،ورفع شعاره الكريه والكاذب أيضا بأن أحدا من الملحدين لن يتولي أي منصب إعلامي في عهده(هذا هو نص الشعار حرفيا ودون أي تصرف).وكان غالي أيضا ضمن عدد كبير من الكتاب والفنانين الذين فصلهم السادات من أعمالهم بعد البيان الشهير الذي وقّع عليه كتاب من أمثال نجيب محفوظ ويوسف إدريس وأمل دنقل وحسين فوزي وتو فيق الحكيم نفسه . أزعم أن أعماله الفكرية الشامخة مازالت شامخة ومؤثرة ومشتبكة مع هذا الزمان وقضاياه منذ أول كتبه :سلامة موسي وأزمة الضمير العربي1962.لنتأمل بعض العناوين فقط :شعرنا الحديث إلي أين؟1976معني المأساة في الروايه العربية 1971 ،التراث والثورة 1973 ، النهضة والسقوط في الفكر العربي1978 ،الثورة المضادة في مصر 1978 ،بلاغ إلي الرأي العام 1988 ،النقد والحداثة الشريدة 1989 ،أقواس الهزيمة 1989 ،أقنعة الإرهاب 1990 ،الأقباط في وطن متغير 1990 ..وغيرها وغيرها من الأعمال التي تحتاجها الأجيال الجديدة ويجب إعادة طباعتها.. وإذا أضفنا إلي هذا تأسيسه وإدارته-تحريريا بالطبع-لعدد كبير من الصحف والمجلات العربية في عدد من العواصم العربية والأوربية،ثم نضيف إلي هذا وذاك توليه لتحرير مجلة القاهرة الفصلية التي حوّلها إلي أهم وأخطر مطبوعة عربية علي الإطلاق ،ورغم انني لست من المولعين باستخدام هذه المفردات التخينة والطنانة إلا أن مجلة القاهرة شئ مختلف تماما. لوبحثت جيدا في مكتبتي ،فمن المؤكد أنني سأعثر علي بعض أعدادها،وسيظل أحد أحلامي إلي أن يتم تجميعها وإعادة إصدارها ،ليس فقط من أجل عيون عم غالي الراحل الجميل ،بل أيضا لأن من حق الأجيال الطالعة أن تعرف أن هناك واحدا اسمه غالي شكري أصدر مثل هذه المطبوعة في تسعينات القرن الماضي.