ما من جلسة عائلية أو توك شو أو أى حوار يتناول الوضع الراهن فى مصر إلا ويفرض علينا هذا السؤال نفسه، "والحل أيه؟"، ثم يتنظر المنتظرون ويحلل المحللون إلى ما لا نهاية، المشكلة الحقيقية أننا ننتظر وقوع حلول سحرية تنفرج بها الأزمة وتنتعش بها البلاد، حلول على شاكلة "ارحل"، "الجيش ينزل"، "الوزارة تمشى"، وغيرها من الحلول الافتراضية التى تجافى المنطق بعض الشىء. دعونا نبحث المشهد بهدوء وبدون انفعالات زائدة، نحن أمام تحول سياسى يفترض أن تستخدم فيه آليات السياسة، لكننا حتى هذه اللحظة لم نلجأ سوى للحلول السريعة، للأسف لن تجدى الحلول السريعة هذه المرة لسببين. السبب الأول، أن التنازع المطالب برحيل الإخوان أو الرئيس لم يأخذ شكل تحرك سياسى واضح، لو انعدمت بالفعل كفاءة الرئيس وحكومته وضاق به الشعب، فلماذا قدرنا أن التغيير لابد وأن يكون ثوريا عاجلا؟ ماذا حدث لآليات الديمقراطية المتعارف عليها؟ المعضلة الأزلية أن الإصرار على التغيير بهذا الشكل يرسخ فكرة أن الحكم لن يستقيم لأحد بعد اليوم، وهذا تزيد شديد فى الثورية يرسخ بدوره أن انتقال السلطة فى مصر ليس له سبيل سوى التظاهر، هذه مزايدة على الآليات السياسية المتعارف عليها ويضعف من موقف مصر تماماً لأنه ابتذال لمفهوم الثورة. السبب الثانى أن الحل السهل يضعف الكيانات السياسية، لأنه لا يجبرها على مواجهة الجماهير ببرامج واضحة أو مبادرات فاعلة، فهذه القوى السياسية ستكتفى فقط بإحداث التغيير من خلال حشد الرفض واعتلاء غضب الجماهير خارج آليات الديمقراطية. المشكلة أننا كلنا مهتمون بالشأن العام بمنظور فوقى تنظيرى، ننشغل بالتفاصيل وننغمس فى رد الفعل ومتابعة الأحداث اليومية التى نتعاطاها كالمخدر ثم يأتى اليوم التالى بأحداث جديدة لتدق بها طبول الإعلام فنتوه فيها. خارج هذه الفقاعة، وطن ينتظر الحلول الصعبة التى لا نريد أن نسمعها، من حقك أن "تكره" أو "تحب" الإخوان، أن تقتنع بأى رؤية سياسية تراها، لكن من حق الوطن عليك أن تدفع هذا الرؤية إلى حيز التنفيذ من خلال الدعوة لها بين الناس، حرك أسرتك، حرك منطقتك، ادفعهم للمشاركة فى الحياة السياسية، ساهم فى تغيير حقيقى فى أرض الواقع، تغيير صعب ومجهد لكنه تغيير به استدامة ولا خلاف عليه. كفانا بحثا عن الحلول السهلة ولننغمس فى عمل سياسى تنظيمى يضاهى ذلك التنظيم الذى نحاول أن نتغلب عليه، لو أننا أيقنا أن التغيير الحقيقى لا يتأتى إلا من خلال العمل الفعلى، وأننا يجب أن نكون جزءا من الحل سنكف عن اللهث وراء الأحداث وسنكف حتماً عن السؤال "والحل أيه؟".