محاولات إسرائيل لعرقلة القضايا القانونية (خبير يوضح)    القنوات الناقلة المفتوحة لمواجهة الزمالك ونهضة بركان في نهائي الكونفدرالية الإفريقية    دون وقوع خسائر بشرية.. التحقيق في اندلاع حريق بعقار سكني بمدينة نصر    وزيرة التضامن تبحث ريادة الأعمال الاجتماعية مع نظيرها البحريني    شهادات تقدير لأطقم «شفاء الأورمان» بالأقصر في احتفالات اليوم العالمي للتمريض    «المصرية للاتصالات» تنفي تلقي أية عروض رسمية لشراء حصتها ب «فودافون» ..سنقوم بالإفصاح عن أية مستجدات    الأحد 19 مايو 2024.. الدولار يسجل 46.97 جنيه للبيع في بداية التعاملات    طارق شكري: 3 مطالب للمطورين العقاريين للحصول على إعفاءات ضريبة للشركات    سعر كيلو السكر في السوق اليوم الأحد 19-5-2024    أيمن عاشور: مصر شهدت طفرة كبيرة في مجالي التعليم العالي والبحث العلمي    وزير المالية: حريصون على توفير تمويلات ميسرة من الشركاء الدوليين للقطاع الخاص    رئيس صحة النواب يستعرض تفاصيل قانون تطوير وإدارة المنشآت الصحية    حنفي جبالي :الحق في الصحة يأتي على رأس الحقوق الاجتماعية    الدفاع المدني الفلسطيني: إسرائيل دمرت أكثر من 300 منزلًأ منذ بدء عمليته في مخيم جباليا    "اليوم التالي" يثير الخلافات.. جانتس يهدد بالاستقالة من حكومة نتنياهو بسبب خطة ما بعد الحرب    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    الأولى منذ عام 2000.. بوتين يعتزم زيارة كوريا الشمالية    القومي لحقوق الإنسان يستقبل السفير الفرنسي بالقاهرة لمناقشة التعاون المشترك    عقب مواجهة الترجي.. وصول بعثة الأهلي للقاهرة    رضا عبد العال: الأهلي حقق المطلوب أمام الترجي    وزير الداخلية يقرر إبعاد 5 سوريين خارج البلاد لأسباب تتعلق بالأمن العام    استمرار موجة الحر.. هيئة الأرصاد تحذر من ارتفاع درجات الحرارة    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    الحالة المرورية اليوم.. كثافات في شارع جامعة الدول العربية وسيولة بكوبري أكتوبر    بالصور| تكريم سلمى أبو ضيف من مبادرة "المرأة في السينما" ضمن فعاليات مهرجان كان    أحمد أيوب: مصر تلعب دورا إنسانيًا ودبلوماسيًا لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة    الفنان حسن مصطفى.. تميز بالصدق فى الأداء.. مدرسة المشاغبين والعيال كبرت «أبرز أعماله».. وهذه قصة زواجه من ميمي جمال    الليلة.. عمر الشناوي ضيف برنامج واحد من الناس على قناة الحياة    انطلاق الموسم المسرحي لاقليم جنوب الصعيد الثقافي على مسرح قنا| صور    الهجرة: «الجمهورية الجديدة» هي العصر الذهبي للمرأة    بسبب الموجة الحارة تحذيرات عاجلة من الصحة.. «لا تخرجوا من المنزل إلا للضرورة»    طريقة عمل الأرز باللبن، تحلية سريعة التحضير وموفرة    بحضور وزير الشباب والرياضة.. تتويج نوران جوهر ودييجو الياس بلقب بطولة CIB العالم للإسكواش برعاية بالم هيلز    موعد عيد الأضحى 2024 وجدول الإجازات الرسمية في مصر    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    أخبار جيدة ل«الثور».. تعرف على حظك وبرجك اليوم 19 مايو 2024    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    افتتاح الدورة التدريبية عن أساسيات وتطبيقات تقنيات تشتت النيوترونات    إعلام روسي: هجوم أوكراني ب6 طائرات مسيرة على مصفاة للنفط في سلافيانسك في إقليم كراسنودار    منها «تناول الفلفل الحار والبطيخ».. نصائح لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    حديث أفضل الأعمال الصلاة على وقتها.. الإفتاء توضح المعنى المقصود منه    تعليم الفيوم يحصد 5 مراكز متقدمة على مستوى الجمهورية فى المسابقة الثقافية    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    دراسة طبية تكشف عن وجود مجموعة فرعية جديدة من متحورات كورونا    مصرع فتاة أسفل عجلات جرار زراعى بالمنوفية    ترامب: فنزويلا ستصبح أكثر أمانًا من الولايات المتحدة قريبا    أسعار الخضراوات اليوم 19 مايو 2024 في سوق العبور    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    نهائي دوري أبطال أفريقيا| بعثة الأهلي تصل مطار القاهرة بعد التعادل مع الترجي    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    اليوم.. إعادة محاكمة متهم بأحداث محمد محمود الثانية    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    محمد يوسف: محمد صلاح عالمي وينبغي أن يعامله حسام حسن بشكل خاص    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكسرت أصابع الضمير
نشر في اليوم السابع يوم 08 - 02 - 2013

كان ينبعث نور خافت من الطابق العلوى فى ذلك المبنى الشامخ.. تسللت إليه بهدوء لأزور قريبتى التى كانت ترقد هناك.. وفجأة لفت نظرى وجود أشخاص احتضنتهم الأرض فى ذلك الليل الذى لف المكان بوشاحه الحزين وأصوات الآهات والأنين تنبعث منه فى كل مكان.. أغمضت عينى من كثرة الأصوات التى سكبها الليل فى مسامعى.. تسمرت فى مكانى برهة ولزمت الصمت وأطلقت العنان لمشاعرى لكى تسمع الصدى.
لمحته من بعيد وقد أحاط رأسه بكفيه ماسحاً على شعره وزفرات الألم تتصاعد من محياه والدموع تنهمر من مقلتيه كزخات المطر.. شد انتباهى فلم أجد إلا خطواتى تقودنى إليه دون تردد.. وقفت أمامه فى صمت وبلا حراك حتى تنبه لوجودى وسألنى: من أنت؟! ماذا تريدين؟! اعذرنى إذا اقتحمت عليك أفق خلوتك دون استئذان.. لست أدرى ما أقوله لك.. لكن دموعك استوقفتنى لمرارتها وصوتها اليائس الحزين.. هل لى أن أعرف مم تشكو؟! أبكى زوجتى التى اختطفها الموت من دقائق.. أبكى من كانت لى الدنيا بأسرها.. كنت أعيش فقط لأجلها وكانت لى الأم والأب والولد.. كانت هى لذة عمرى فقد امتلكت قلبى وأضاءت لى حياتى.. وها أنا الآن ألقى الغطاء بيدى هاتين على جسدها الطاهر والابتسامة لم تفارق وجهها الملائكى حتى استكانت وهدأت روحها.. ثم بدأ يروى قصته والذهول يتملكنى من هول ما أسمع.. قال: تملكنى التعب مساء اليوم فتسللت إلى سريرى بحذر خشية أن أوقظها من نومها لكننى سمعت صوت بكاء وألم تحبسه بصمت داخل أنفاسها خوفا من أن تزعجنى أو تقلق منامى بينما نوبات الألم تداعب أجفانها وتزحف مسرعة نحو أحشائها.. وجدت روحى تكاد تخرج من بين ضلوعى خوفا عليها وأحسست بألمها ينتقل إلى قلبى.. حملتها على أكتافى إلى أقرب مشفى من تلك المشافى التى يقال عنها أنها ملك للشعب.. كانت جيوبى خاوية إلا من صقيع الفقر وجحيم العوز.. هناك صرخت متوسلا كطفل عديم الحيلة مسلوب الإرادة أنقذوا لى زوجتى أنها تموت ألماً.. فإذا بصوت عال يملؤه الصراخ من إحدى الممرضات يقول: انتظر دورك أمامك الكثير.. والأطباء لم يأتوا بعد!! لكن زوجتى تحتضر!! ألا تفهم عربى يا هذا؟! ونظرت حولى لأجد أكواماً من اللحوم مبعثرة على الأرض تئن وتصرخ من الألم ولا مجيب لاستغاثاتها، ولا غرف تؤويها، ولا مسكنات تهدئ من آلامها، ولا أطباء يشرفون على علاجها، ولا أحد يهتم لأمر هؤلاء المتسولين الذين يسمون فى قاموس الحياة بالفقراء والمعدمين.. من هم حتى يشعر الآخرون بهم وبآلامهم؟!
صرخت بصوت عال محتجاً على كلام الممرضة مستحيل مستحيل أدعها تموت أرجوكم أين الطبيب.. لو كنت أملك مالا لأخذتها إلى مشفى الأغنياء والمترفين ولكنى فقير معدوم الحال.. أرجوك اتصلى بالطبيب...نظرت إلى باستحقار وأعادت على مسامعى كلماتها الأولى!! حسناً .. سأنتظر ولكن ألا يوجد سرير تريح جسدها عليه أو دواء مسكن يهدىء من روعها أو طبيب مقيم يرى علتها؟! وبين الأخذ والرد مر الطبيب وكأنه فارس زمانه ترافقه ممرضة تجر عربة فيها قليل من الشاش وبعض الحقن والضمادات.. انطلقت صوبه مسرعا وقبلت يده لكى ينقذ توأم روحى.. فرد على ببرود شديد: انتظر دورك يا هذا أمامك الكثير من المرضى!! لكن زوجتى تموت أيها الطبيب.. أغلق باب غرفته فى وجهى.. فدفنت رأسى بين يدى وقلبى يرتعش ويتألم من هذا الحال العصيب.. وظللت أسأل نفسى.. هل يمكن أن يكون هناك مشفى بلا طبيب مقيم أو كمية دواء كافية لهؤلاء المساكين؟! ألا توجد دماء تنقذ حياة الأطفال الأبرياء؟! ألا توجد غرفة تستر عورات النساء؟!.. لم أستكن ولم أهدأ إلا عندما كشف الطبيب على زوجتى ولكنه نظر إلى دون اكتراث قائلاً: علة زوجتك ليست من اختصاصى عليك الانتظار حتى يأتى الطبيب المختص.. ومتى يأتى؟!.. لا أعلم!! ..أرجوك أيها الطبيب اعطها مسكنا يوقف ألمها.. لا لا أستطيع فقط انتظر.. هنا تنبهت على صوت زوجتى وهى تودعنى بنظراتها الوداع الأخير وتطلب منى السماح وبعدها فارقت الحياة.. وها أنا أنتظر لأستلم جثتها..
هذه قصتى وقصة مشفى الفقراء.. وقصة من لا ظهر له يحميه ولا مال يرفع من شأنه.. انعكست ملامحه على وجهى وشعرت بالدماء الحارة تسرى فى عروقى وبالعرق يتفصد من جبينى وأنا أقف أمامه دون حراك.. هرولت مسرعة إلى مكتب المدير كونى صحفية أريد تفسيراً لما حدث.. وبنظرة المتخمين مالاً والمترفين جاهاً رد على قائلاً : ما ذنبى إذا كان المشفى يفتقر لكل شىء ولم يتم الاعتناء به ليكون كاملا يستقبل جميع الحالات ففيه نقص فى عدد الأطباء ونقص فى كمية الأدوية ونقص فى الكفاءات.. ولكن ذلك يقع ضمن مسئولياتك كونك مديراً ومسئولاً!!.. لا لا يا سيدتى.. الذنب ذنب الحكومة التى لم تعر مواطنيها الاهتمام الكافى ولم توفر لهم التأمين الصحى الكامل ولم تحسبهم من جنس البشر ولا تشعر بهم ولا بمعاناتهم إلا أثناء فترة الانتخابات فقط.. هنا ارتفع صوتى دون شعور مني.. ألهذا الحد هانت عليكم نفوس البشر الذين لا ذنب لهم سوى أنهم من طبقة الفقراء.. ألا يوجد لديكم رادع من ضمير؟!..تصرفون الملايين على أغراضكم الشخصية وتستخسرون الفتات على أبناء شعبكم وتبخلون عليهم بتجهيز مشفى يداوى علاتهم ليكونوا مواطنين أصحاء يخدمون وطنهم بإخلاص وأمانة؟! لن أقول لكم سوى ما يردده هؤلاء المرضى ليل نهار.. حسبنا الله ونعم الوكيل!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.