يحتاج الدكتور عصام العريان القيادى بجماعة الإخوان المسلمين ومستشار رئيس الجمهورية، أن يقرأ التاريخ جيدا، حتى لا يخرج رزاز كلامه محملا بعملية تزييف واسعة النطاق. دعا العريان اليهود المصريين الذين طردوا من مصر فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر إلى العودة، وقال: «عبدالناصر طردهم ليه؟، دول راحوا شجعوا الاحتلال الإسرائيلى، وأنا أنادى اليهود للعودة فمصر أولى بهم». تحتاج هذه التصريحات إلى وقفة، خاصة أنها تأتى من رجل له فى سلم السلطة حظوظ ومواقع، فهو مستشار لرئيس الجمهورية، وقيادى فى جماعة الإخوان، ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة، ولم يمر على زيارته إلى أمريكا أكثر من شهر، لم يتم الكشف عن كل الأسرار التى دارت فيها، ومن يدرى فربما تكون مثل هذه التصريحات لها علاقة بهذه الزيارة؟ . التزييف الذى قاله «العريان» يتمثل فى قوله «إن عبدالناصر طرد اليهود من مصر»، والمعروف أنهم خرجوا منها بإرادتهم الكاملة بعد أن باعوا كل أملاكهم، ومن له حقوق منهم حصل عليها عبر القضاء، وهاجر بعضهم إلى أوروبا وأمريكا، وهاجر آخرون إلى إسرائيل ليقدموا كل خدماتهم إليها، ويصبحوا مواطنين فى دولة لقيطة تمارس وظيفتها فى احتلال فلسطين، والتحقوا بالجيش الإسرائيلى الذى حارب مصر واعتدى على شعبها، أما اليهود المصريون الذين فضلوا العيش فى مصر فظلوا آمنين فيها. تصريحات العريان هى تجريف للتاريخ، خاصة أنه تحدث عما أسماه ب«طرد عبدالناصر لليهود»، متجاهلا فضيحة «لافون» الشهيرة عام 1954، حيث تم القبض على شبكة أعضاؤها من يهود مصريين جندتهم إسرائيل، وقامت بتفجير أهداف أمريكية ومصرية من أجل إثبات زعزعة الاستقرار فى مصر، وقطع الطريق أمام أى علاقات طبيعية بين مصر وأمريكا، والمعروف أنه تم الكشف عن هذه الشبكة بعد اشتعال المتفجرات فى جيب العميل المكلف بوضعها فى دار سينما «ريو»، وأنقذه المارة، وفى المستشفى تبين أن جسمه ملطخ بمسحوق فضى لامع، وبتفتيشه عثر معه على قنبلة عليها اسم صاحب محل نظارات يهودى، ليتم بذلك اكتشاف الشبكة بالكامل. يطالب العريان بعودة اليهود المصريين من إسرائيل، حتى تتحول مصر مرتعا للجواسيس، ويصبح الأمن القومى المصرى مستباحا، وبالمرة يزج باسم عبدالناصر فى القضية، فى محاولة بائسة وعقيمة للنيل من هذا البطل الفذ.
