نظمت حركة نحن هنا الأدبية، مؤتمرا أدبيا بمدينة التل الكبير بالإسماعيلية بالتنسيق مع لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس الأعلى للثقافة تحت عنوان (سيناء- الوادى ثقافة وطنية واحدة) ببيت ثقافة التل الكبير استمر على فترتين، بمناسبة الاحتفال بعيد النصر (1956م)، وعلى وقع الأحداث الراهنة التى اتخذت من سيناء مسرحا لها، شهد المؤتمر تنظيم جلستين حواريتين وأمسية شعرية. شارك فى الجلسة الحوارية الأولى كل من د.مدحت الجيار والروائى الكبير محمد جبريل، د. زينب العسال، د.محمد على سلامة، د. شريف الجيار ومحمود الشامى، منسق عام الحركة، وعبد الله حسن مدير ثقافة التل الكبير وعبد الله الهادى رئيس نادى أدباء التل الكبير والشاعر حسنين السيد منسق حركة نحن هنا بالقاهرة وقدم الجلسة الأديب قاسم مسعد عليوة مقرر الحركة. أشارت الدكتورة زينب العسال إلى سرقة الكيان الصهيونى لتراث سيناء الشعبى، ولفتت الانتباه إلى أهمية الحفاظ على هوية هذا التراث وسيناويته ومصريته، وضربت مثلا بزى المرأة السيناوية المعروف وكيف أن المزيفين من الصهاينة دسوا بين زركشات هذا الزى نجمة داوود. ونبهت العسال إلى أهمية تمثل أبناء الوادى الذين ينتقلون إلى سيناء لقيم وتقاليد وأعراف سكانها، وتعظيم الاهتمام بالقيم المشتركة، بحيث لا يدخل الداخلون فيها بمفاهيم الوادى؛ واستنكرت خلو وسط سيناء، الذى يعادل مساحيا ثلثى سيناء، من نشاط تنموى ثقافى حقيقى، وتطرقت إلى نظم التعليم، وتدهوره فى الوسط. الروائى الكبير محمد جبريل، أخذ على أدباء محافظتى سيناء خلو كتاباتهم من عبق المكان، وأنه على كثرة ما قرأه لهم لم يجد المشهد السيناوى، وأكد أهمية الاستثمار بعمومه، والاستثمار فى التنمية الثقافية على وجه الخصوص، وضرب مثلا باستثمار رجل الأعمال حسن راتب لأمواله فى مشروع ثقافى جيد هو إقامة جامعة بمنطقة شمال سيناء، حيث الارتباك والفوضى. وبعدما أشاد الدكتور محمد على سلامة وكيل كلية الآداب بجامعة حلوان ب(حركة نحن هنا) الأدبية ودورها فى الحركة الثقافية فى العامين السابقين، قال إن ما يصنع الإرادات الكبرى هو الإرادات الصغرى، وحركة (نحن هنا) الأدبية خير مثال على هذا، ليس فقط لأنها حركة تحد وإثبات وجود، ولكن لأنها حينما أرادت فعلت، هذا ما ينبغى أن يعيه السيناويون باعتبارهم مواطنين مصريين، فإذا ما أهملتهم الحكومات المتعاقبة مثلما أهملت صعيد مصر ودلتاها فلا يلطموا الخدود ولا يشقوا الجيوب، وإنما بالسعى والمثابرة يمكنهم تحقيق مطالبهم ما دامت هى مطالب عادلة، وعلى المثقفين أن يكونوا فى المقدمة بما امتلكوا من وعى وإدراك وقدرة على التبصير بحقائق الأمور، ثم عرض لكتاب تاريخ سيناء القديم الذى وضعه نعوم بك شقير 1916م وقال إن الكتاب الذى تناول تفاصيل كثيرة عن سيناء يمكن أن يكون نبراساً لدراسات جديدة لتحقيق تنمية شاملة وحقيقية لسيناء لا لفصلها عن مصر كما كان يدبر فى ذلك الوقت. ولفت الدكتور مدحت الجيار النظر إلى نضال الزعيم مصفى كامل فى عام 1902 للاحتفاظ بسيناء مصرية ومناوئة خطة سايكس بيكو التى كانت تستهدف إحداث هذا الانفصال، وقال إن هذا هو سر انحيازه إلى الدولة التركية. وقال إن الجامعة تتحمل العبء الأعظم لأنها هى التى تخرج المدرسين وتؤلف الكتب وتمنح الدرجات العلمية ودرها الأساسى هو خدمة البيئة بالعلم، وأكد على ضرورة تغيير لجان التأليف للكتب الجامعية لأنها كما قال سبب الفشل العلمى والثقافى للطلاب.. وطالب كذلك المسئولين عن المراحل التعليمية المختلفة بتنظيم رحلات فى كل مرحلة عمرية إلى سيناء الحقيقية، لا سيناء الهامش، فمثل هذا الأمر جدير بربط ابن الوادى بسيناء، وحمل كسابقيه المسئولية على المثقفين، وخص منهم الأدباء لأن الخيال الأدبى هو أساس الأداء العلمى. قاسم مسعد عليوة مقرر عام حركة (نحن هنا) الأدبية، عرض لتاريخ سيناء مبرهنا على الجذر الثقافى الأصيل الذى جعلها فى لحمة النسيج المصرى الواحد، ومن ناحية الثقافية أكد على مبدأ الوحدة والتنوع، ثم عرج على الأوضاع الثقافية الراهنة، والفجوة التى أخذت فى الاتساع بفعل أنظمة الفساد والاستبداد التى نظرت إلى سيناء كميدان للحرب، ومنطقة للأمن وكنز للنهب والسلب ناعيا تأخر الاهتمام بالشأن الثقافى فيها وخلو وسط سيناء التى وصفها بوادى التيه من أى بادرة ثقافية وتعليمية حقيقية. وقال إن هذه الفجوة قابلة للردم إن الثقافة هى الأساس، وبين كيف أنه لا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية لسيناء ما دامت خططها تتجاهل التنمية الثقافية، وطالب بتنشيط أكثر لأنشطة الهيئة العامة لقصور الثقافة وغيرها والاهتمام بالأخصائى الثقافى وإعادة تأهيله ليخرج من المكاتب إلى المضارب ويكون داعية ثقافيا وليس مجرد موظف. أما الندوة الثانى ضمت كلا من الشاعر النبطى حمدان ضيف الله ترابين ومصطفى الأطرش الناشط السياسى، الشاعر محمد ناجى والشاعر الإعلامى عبد الحليم سالم وأدارها الشاعر محمد المغربى نائب مقرر عام الحركة، وتناولت كلماتهم الأوضاع الثقافية فى سيناء من قلب سيناء دونما تزييف أو تضليل . واستعرض الأطرش محاولات تهيئة سيناء للاستقبال الفلسطينيين وكيفية سيطرة حماس على رؤوس الأموال فى سيناء وانتقد النظام السياسى للدولة فى تهميش سيناء ومعاملتها بدون تمليك أو خلافه. وتحدث محمد ناجى عن الأوضاع الثقافية وعدم وجود نوادى أدب فى مناطق كثيرة بسيناء، مؤكدا أهمية مد اليد للمبدعين الحقيقيين فى أماكنهم من بدو سيناء وحضرها وعمل نوداى فى نخل والحسنة وبئر العبد والشيخ زويد.