وزير الري يؤكد عمق العلاقات المصرية التنزانية على الأصعدة كافة    جامعة المنيا تفوز بثلاثة مراكز متقدمة على مستوى الجامعات المصرية    انخفاض سعر جرام الذهب عيار 21 اليوم في الأسواق ومحال الصاغة    خبير: يجب وقف قرار رفع سعر الخبز لهذا السبب    الخارجية العراقية: نحث الفلسطينيين على التعامل الإيجابي مع المبادرات المطروحة بما يحفظ حقوقهم    حزب الله: استهدفنا رادار القبة الحديدية في ثكنة يردن الإسرائيلية وأوقعنا الضباط والجنود    للمرة الثانية.. كوريا الشمالية تطلق بالونات قمامة تجاه جارتها الجنوبية    أوكرانيا: تدمير 24 طائرة روسية بدون طيار من طراز «شاهد» خلال يوم    مواعيد مباريات اليوم الأحد 2-6 - 2024 والقنوات الناقلة لها    «الأرصاد»: اضطراب الملاحة على شواطئ البحر الأحمر وخليج السويس    نتيجة الشهادة الإعدادية محافظة قنا 2024.. تظهر خلال الأسبوع الحالي    122 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 30 ألف طالب بالتعليم الفنى لأداء الامتحانات    إحالة تشكيل عصابي للمحاكمة بتهمة سرقة الدراجات النارية بالقطامية    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى بولاق الدكرور دون إصابات    بدء تشغيل قطار 1935/1936 ثالثة مكيفة «مرسى مطروح - القاهرة»    رئيس جامعة القاهرة: استحداث جائزة «الرواد» لأول مرة لإبراز نخبة العلماء المؤثرين أكاديميًا ومجتمعيًا    وسام أبوعلي: معظم عائلتي استشهدت    إضافة 3 مواد جدد.. كيف سيتم تطوير المرحلة الإعدادية؟    تكدس مروري بالطريق الزراعي بسبب انقلاب سيارة في القليوبية    «أوقاف شمال سيناء» تنظم ندوة «أسئلة مفتوحة عن مناسك الحج والعمرة» بالعريش    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    سيناتور أمريكي: نتنياهو مجرم حرب ولا ينبغي دعوته أمام الكونجرس    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 2يونيو 2024    الفنان أحمد جلال عبدالقوي يقدم استئناف على حكم حبسه بقضية المخدرات    أسعار الخضار في الموجة الحارة.. جولة بسوق العبور اليوم 2 يونيو    عبير صبري: وثائقي «أم الدنيا» ممتع ومليء بالتفاصيل الساحرة    ل برج الجدي والعذراء والثور.. ماذا يخبئ شهر يونيو لمواليد الأبراج الترابية 2024    ورشة حكي «رحلة العائلة المقدسة» ومحطات الأنبياء في مصر بالمتحف القومي للحضارة.. الثلاثاء    توقيف يوتيوبر عالمي شهير نشر مقاطع مع العصابات حول العالم (فيديو)    الزمالك يدافع عن شيكابالا بسبب الأزمات المستمرة    عمرو السولية: معلول ينتظر تقدير الأهلي وغير قلق بشأن التجديد    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    براتب 50 ألف جنيه شهريا.. الإعلان عن فرص عمل للمصريين في الإمارات    أحمد موسى: الدولة تتحمل 105 قروش في الرغيف حتى بعد الزيادة الأخيرة    مدحت شلبي يكشف 3 صفقات سوبر على أعتاب الأهلي    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    أمير الكويت يصدر أمرا بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد    إجراء جديد من محمد الشيبي بعد عقوبة اتحاد الكرة    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    قصواء الخلالي: التساؤلات لا تنتهى بعد وقف وزارة الإسكان «التخصيص بالدولار من الخارج»    نبيل فهمي: نتنياهو يعمل من أجل مصلحته وفقد اتزانه لتحالفه مع اليمين المتطرف    موازنة النواب: الديون المحلية والأجنبية 16 تريليون جنيه    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    مجلس حكماء المسلمين: بر الوالدين من أحب الأعمال وأكثرها تقربا إلى الله    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    تعرف على صفة إحرام الرجل والمرأة في الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصعيد والأقباط والفقر.. مفاجأت الاستفتاء.. حدة الاستقطاب لم تنجح فى إغراء الكتلة الصامتة بالانضمام إلى الحراك السياسى

مرت المرحلة الأولى من الاستفتاء السبت الماضى، وصاحبتها عدة تغيرات فى الشارع السياسى المصرى، فلم يعد التيار الإسلامى واثقا من الفوز اعتمادا على سلاحه الدينى وقدرته على الحشد خاصة أن الفارق بينه وبين نظيره المدنى قليل جدا، إضافة إلى أن زيادة نسبة الموافقين على الدستور فى محافظات بعينها بسبب ضعف الإمكانيات المادية لتلك المناطق أو لقلة وعى وثقافة أهلها وسهولة استقطابهم من قبل تيارات بعينها. وكذلك لم تعد كتلة الأقباط هى الورقة المستهدفة من جانب القوى السياسية لكسب رفضها للدستور فى مواجهة التيار الدينى فالمحافظات التى بها كثافة سكانية من الأقباط مثل أسيوط جاءت نتيجتها بالموافقة، وهذا يرجع إلى اسباب عدة اما نتيجة قلة عددهم مقارنة بالمسلمين هناك أو لأن تلك المناطق تصنف ضمن الأكثر فقرا ويسهل التأثير عليهم بأمور وأوراق كثيرة، ووسط كل هذا ما زالت الكتلة الصامتة تفضل أن تنزو بعيدا عن الحراك السياسى ومراقبة المشهد من بعيد متمسكة بهدفها الدائم فى الاستكانة والعزوف عن رسم مستقبل هذا البلد. «اليوم السابع» تقدم قراءة فى المشهد السياسى الحالى والتغيرات التى طرأت عليه فى محاولة منها لتحليل أسباب النتائج التى آلت إليها المرحلة الأولى وتوقعاتها بشأن المرحلة الثانية.
الأعداد والجماعة الإسلامية فى أسيوط لاتسمح بتفوق «لا».. والفقر صاحب الكلمة الأولى فى سوهاج.. جمال أسعد: الإسلاميون يستغلون مشاركة الأقباط فى الانتخابات للحشد بالتصويت ضد ما يختارونه واستفتاء مارس خير شاهد
من الصعب معرفة العدد التقريبى للأقباط فى مصر لعدم وجود إحصائية خاصة بهم ورغم إنهم يمثلون كتلة تصويتية مهمة، يصعب معرفة عددهم الحقيقى، لكن تسعى القوى السياسية دوما إلى استقطابهم فى الانتخابات أو الاستفتاء، وظهر هذا جليا فى الانتخابات الرئاسية السابقة، فسعى أحمد شفيق المرشح الرئاسى السابق لاستخدامها، باعتباره كان ممثلا للقوى المدنية أمام مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية.
بدت الكتلة التصويتية للأقباط فى المرحلة الأولى من التصويت على الاستفتاء الدستورى غير واضحة المعالم، خاصة لأن المناطق المعروفة بارتفاع النسبة العددية لهم، بعضهم خرج «بنعم» رغم أنه كان معروفا أن الأقباط سيتجهون للتصويت «بلا» فى الاستفتاء الدستورى للتأكيد على موقف الكنيسة التى أعلنت انسحابها من الجمعية التأسيسية للدستور اعتراضا على المادة رقم 220 المفسرة للمادة الثانية.
قراءة بسيطة لمحافظات المرحلة الأولى تجد فيها عدم ظهور واضح لكتلة الأقباط، خاصة فى محافظة أسيوط المعروف بارتفاع عدد الأقباط بها خرجت للتصويت بنعم حيث بلغ عدد المصوتين بنعم نسبة «%77» بعدد يبلغ 450 ألفا و773 صوتا.
الأمر نفسه حدث بانتخابات الرئاسة فى نفس المحافظة، حيث أعطت المحافظة النسبة الأكبر للرئيس الدكتور محمد مرسى، حيث حصل على إجمالى أصوات وقتها تقترب من 554 ألف صوت مقابل 347 ألفا لمنافسه أحمد شفيق.
الأمر الذى يفسره البعض بارتفاع نسب الفقر فى المحافظة والأمية والبطالة، مما يجعل التأثير على الأفراد باسم الاستقرار واردا.
لكنه فى نفس الأمر يطرح تساؤلات حول هذه الكتلة.. أين ذهبت، وهل تأثرت بسهولة بأمور الاستقرار وعدم التطوير فى المحافظات أم إن القوى المدنية وجدت صعوبة فى اختراق هذه المناطق.
وهل النسبة العددية للأقباط هناك ليست كبيرة مقارنة بما يسمح بارتفاع نسب التصويت «بلا»، أم إن سيطرة الجماعات الإسلامية عليها كان لها الدور الأكبر على الإسلاميين للحشد والتصويت «بنعم».
وقال الناشط السياسى والنائب البرلمانى السابق جمال أسعد إن الإسلاميين فى الصعيد يستغلون مشاركة الأقباط فى الاستفتاء والانتخابات للحشد بتصويت بعكس ما يصوتون به، وظهر هذا فى استفتاء مارس بالتصويت بنعم، ضد الكنيسة والمسيحيين، وهو نفس ما فعلوه فى الاستفتاء على الدستور 15 ديسمبر، بدعم المواطنين للتصويت بنعم باعتباره الخيار أمام المسحيين المصوتين بلا.
وأكد أسعد أنه إذا حاولنا تحليل نتائج الاستفتاء والتى أتت أغلبيتها بنعم فى أسيوط، سنجد أن هذه المحافظة تمثل معقل الجماعة الإسلامية، كما أن عدد الأقباط ليس كبيرا فلا تزيد نسبتهم هناك على %20 إلى %30 وحتى إن ذهب أغلبيتهم للتصويت، فلن يمثلوا نسبة كبيرة للتصويت بلا.
الأمر نفسه ينطبق على محافظات المنيا وسوهاج، التى يرتفع بها عدد الأقباط بنسبة كبيرة، وجاءت نتيجة التصويت بأغلبية نعم بنسبة حوالى %78، فى المرحلة الأولى من التصويت، وهو الأمر الذى لم نتعرف على أسبابه أو على كيفية انطباقه على المرحلة المقبلة.
الدكتور رامى عطا الأستاذ بإكاديمية الشروق والذى أجرى عددا من الأبحاث على محافظات الصعيد، يقول إن نتائج المرحلة الأولى فى الصعيد توضح أكثر من مؤشر، الأول أنه ربما تأثر الأقباط هناك بالشائعات التى أثيرت حول ما سيتعرضون له من مخاطر إذا توجهوا للمشاركة فى الاستفتاء.
وأضاف عطا ربما شعر الأقباط بعدم وجود جدوى من المشاركة لمعرفتهم المسبقة بالنتيجة، مما جعل عددا منهم يذهب للمقاطعة.
وأشار عطا إلى أنه من الصعب، بل المستحيل أن يكون عدد من الأقباط توجه للتصويت «بلا» خاصة أنهم يدعمون فكرة الدولة المدنية التى يؤكد عليها التصويت برفض الدستور.
لا تختلف محافظة سوهاج كثيرا عن أسيوط حيث إنها من أكثر المحافظات فقرا والقرى، وفقا للتصنيف الخاص بمركز العقد الاجتماعى 2010، بما يفسر اتجاه البعض للتصويت بنعم إنه من السهل التأثر على المواطنين من اتجاه واتجاه آخر، إنهم من الممكن أن يتجهوا للتصويت بنعم رغبة فى ما يشاع عن أن الموافقة على الدستور هى الوسيلة الوحيدة للاستقرار.
أيضا لا تمثل الكتلة القبطية فى سوهاج نسبة كبيرة فحتى إن صوتوا جميعا ب«لا» فهى لا تمثل نسبة عددية كبيرة.
نتائج المرحلة الأولى تعطى مؤشرات لما سيحدث بالمرحلة الثانية، خاصة فى بقية محافظات الوجه القبلى ومنها المنيا وقنا المعروفين بارتفاع النسب العددية للأقباط بهما.
البداية مع محافظة المنيا والتى يوجد بها عدد كبير من الأقباط وبها تقريبا نفس الظروف الاجتماعية والسياسية بأسيوط وسوهاج، من انتشار للتيارات الإسلام السياسى وانتشار الفقر.
فيبلغ عدد السكان الذين يعيشون بالمنيا تحت خط الفقر وفقا لتقرير التنمية البشرية 2005 ما يقرب من 600 ألف نسمة من سكانها البالغ عددهم بالأساس 4 ملايين نسمة، وتمثل المحافظة المرتبة العشرين بين محافظات مصر.
الأمر نفسه ينطبق على قنا التى تحتل الترتيب السابع عشر بين محافظات الجمهورية ال26، وارتفعت بها نسب الفقر بصورة كبيرة مما يشير إلى إمكانية خروج النتيجة فيها بنعم أيضا رغم ارتفاع نسب الأقباط بها.
الوضع فى الحضر اختلف كثيرا عنه فى محافظات الوجه القبلى، حيث تقدمت المناطق المعروف بها ارتفاع عدد الأقباط فى القاهرة مثل شبرا التى صوتت الأغلبية بها ب«لا» فى الاستفتاء الدستورى، مما يؤكد أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية كان لها تأثير أكبر فى الصعيد.
ضحايا الارتباك السياسى مفتاح التحول الديمقراطى.. محللون نفسيون: البلبلة الإعلامية ساهمت فى عزوف الصامتين عن المشاركة.. وعلينا دراسة أسباب هذا العزوف بعد ثورة 25 يناير التى شارك فيها الجميع
علاقة «الكتلة الصامتة» بثورة يناير لم تسر على وتيرة واحدة، ففى البداية اكتفت تلك الكتلة بمراقبة المشهد من بعيد أو توجيه اللوم على القائمين بالثورة ومهاجمتهم ليس حبا فى النظام ولكن لرغبتهم الدائمة فى حياة الاستكانة والاستقرار التى عاصروها فى عهد النظام البائد بعيدا عن الحديث فى السياسة أو خوض المعترك السياسى والمشاركة فى رسم مستقبل هذا البلد وبحجة يقينهم أن صوتهم أو موقفهم تجاه هذا النظام لن يقدم جديدا فنتيجة الاستفتاءات والانتخابات معروفة ومحسومة دائما لصالحه، حتى جاءت الاسفتاء على التعديلات الدستورية فى مارس الماضى وفرضت الكتلة الصامتة نفسها فى صورة حاشدة، رغم أنه لم تكن لدى معظمها خلفية كافية بالمواد المستفتى عليها، فوقعوا بعضهم فريسة لبعض العبارات العامة التى يمكن من خلالها استهواء هذه الفئات خاصة فيما يتعلق بالمادة الثانية من الدستور.وذهب أساتذة العلوم السياسية وعلم النفس والاجتماع لتفسير خروج نسبة كبيرة من تلك الكتلة فى انتخابات مجلس الشعب الماضية بأن حزب الكنبة سيكون كلمة السر فى جميع الانتخابات المقبلة وأن حالة التحول الديمقراطى التى تشهدها مصر ستدفع بهم لمسايرة الحياة السياسية والاندماج فيها دون أن يكونوا مسيسين أو مستقطبين من قبل أحزاب سياسية أو دينية معينة، فقرروا ترك منازلهم والنزول للانتخابات معللين عزفهم فى الماضى للمناخ السياسى السيئ الذى كان يزور إرادتهم. حتى جاءت الانتخابات الرئاسية وخشى المرشحون من عودة هذا الفرس الرابح لجحره مرة أخرى فى الوقت الذى لم يحسم فيه ما يقرب من %40 من الشعب اختياره بعد، فاستهدفوا فى دعايتهم المناطق العشوائية والقرى الفقيرة للوصول إلى أكبر كم منهم مركزين فى حديثهم معهم على مفاتيح أبواب الحياة الكريمة، فى محاولة لإثبات أن تلك الفئة ليست سبب الخيبة فى الانتخابات دائما كما يشاع عنها، ولكن موقفها هذا قد يرجع إلى رفضها للوضع أو لظروفها المعيشية الصعبة التى تجنبها المشاركة فى السياسة مقابل انشغالها بطرق توفير لقمة العيش.
ولكن فى المرحلة الأولى من الاستفتاء السبت الماضى، فوجئ الجميع بغياب تلك الكتلة حيث لم تتجاوز نسبة المشاركين فى الاستفتاء %31 من إجمالى عدد الناخبين المقيدين بالكشوف الانتخابية حتى تصبح بذلك الكتلة الصامتة لغز يصعب حله وفصيل يحتاج كثيرا من الجهد لفك شفرته خاصة أن القوى المتصارعة لم تبذل مجهودا فى تحديد هوية تلك القوى، ولماذا اختارت أن تبعد عن السياسة لتضع يدها على الحل الذى من خلاله سيدفع هؤلاء المواطنين يوما للخروج من بيتهم للإدلاء بأصواتهم.
وتقول عزة كريم، مستشارة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية إن الكتلة الصامتة شاركت بشكل فعال فى التغيير الذى حدث لمصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وتجلى ذلك فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية والانتخابات البرلمانية الماضية، ولكن بدأت مساهمتها تقل تدريجيا بداية من انتخابات مجلس الشورى وصولا إلى الاستفتاء الأخير، مضيفة: المجموعة التى لم تستفت ليس لعدم قناعة بالاستفتاء ولكن عدم معرفة الرأى فى الدستور نفسه هل هو جيد أم سيئ هل به ثغرات أم أنه سيساعد على الاستقرار فعلا وذلك كله تيجة البلبلة التى أحدثتها وسائل الإعلام وعدم الشرح الوافى للدستور فى القنوات الفضائية وبالتالى من اتخذ قرار المقاطعة نابع من موقفه الفكرى. وأشارت عزة كريم، إلى أن الحالة الاجتماعية ليس لها علاقة قوية بالكتلة الصامتة بمعنى أن كثيرا من الفئات المتعلمة ذات الوضع الميسور رفضت المشاركة فى الحياة السياسية نظرا لحالة التشوش التى انتابتها مؤخرا. أما الدكتور سيد صبحى، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، فيقول إن صمت تلك الكتلة ورفضها الإدلاء بصوتها به عدة جوانب الأول أن هذا الصمت له وجاهته وقيمته وعلينا أن ننتبه إليه فالمقاطعة لا تعنى دائما السلبية، قائلا: علينا أن نبحث وراء السبب الذى دفع هؤلاء المواطنين للامتناع عن الإدلاء بأصواتهم والمشاركة فى الحياة السياسية فربما يكون لهم وجهة نظر محددة نتناقش معهم فيها بناء على مشاهد تكررت أمامهم ورفضوها.
سؤال حاضر.. وجنوب سيناء «السياحية» اختارت شفيق.. وانحازت لدستور مرسى.. د. هدى زكريا: الغريب أن يتوقع الناس من المناطق الأكثر فقراً أن تكون أكثر وعياً وحادث القطار ليس مقياساً لتصويت أسيوط ب«نعم»
ارتفاع معدلات الفقر، ووفاة أكثر من خمسين طفلا فى حادثة قطار أسيوط، ومقتل الصحفى الحسينى أبوضيف ابن مدينة سوهاج جعل البعض يتوقع أن هذه الأحداث ستكون كافية لدفع الصعيد لرفض الدستور تنكيلا بجماعة الإخوان والرئيس محمد مرسى الذى حمله عدد كبير من السياسيين مسؤولية هذه الأحداث، إلا أنه بقراءة أولية فى نتائج المرحلة الأولى للاستفتاء على الدستور، وجدنا أن هذه الأحداث لم تؤثر بشكل سلبى على النتائج، حيث استمرت محافظات الصعيد فى موقفها فى دعم الرئيس مرسى بتصويتها ب«نعم» على الدستور.
ففى محافظة أسيوط، أظهرت النتائج تقدم عدد المصوتين ب«نعم» على الدستور بفارق 308 آلاف و187 صوتًا على من صوتوا ب«لا»، حيث بلغ إجمالى الناخبين الذين صوتوا بالاستفتاء 604 آلاف و918 صوتًا، كانت الأصوات الصحيحة 590 ألفًا و675 صوتًا، منها 449 ألفًا و431 ب«نعم»، بنسبة %76.08، مقابل 141 ألفًا و244 صوتًا ب«لا» بنسبة %23.92، فيما بلغت الأصوات الباطلة 14 ألفًا و243 صوتًا.
تصويت أسيوط ب«نعم» فى الاستفتاء لم يبتعد كثيرًا عن تأييدها للرئيس محمد مرسى فى الانتخابات الرئيسة، ولكن ما مثل مفاجأة لدى البعض هو أن قرية المندرة قبلى والتابعة لمركز منفلوط محافظة أسيوط، والتى وقع فيها حادث تصادم قطار بأتوبيس مدارس، وأدى إلى مصرع 51 طفلاً، منذ أسابيع ماضية، أيدت الدستور بنسبة %92، حيث بلغت أصوات الموافقين على الدستور 1215، بينما بلغت أصوات الرافضين 104، بحضور إجمالى 1373 صوتاً.
وفى محافظة سوهاج، مسقط رأس الصحفى الحسينى أبوضيف الذى قتل فى أحداث الاتحادية، جاءت نسبة التصويت ب«نعم» %78.80، حيث صوت ب«نعم» على مشروع الدستور 469 ألفًا و943 صوتًا، بينما صوت ب«لا» 126 ألفًا و836 صوتًا، بنسبة 21.20%، وكان عدد الأصوات الصحيحة 596 ألفًا و329 صوتًا، وجاء عدد الأصوات الباطلة 13 ألفًا و352 صوتًا، وكان إجمالى الحضور 609 آلاف و681 شخصًا.
وفى محافظة أسوان، أظهرت النتائج أن 149 ألفا و20 شخصا صوتوا ب«نعم» على مشروع الدستور بنسبة بلغت %75.22، فيما صوت ب«لا» 45 ألفا و396 شخصا بنسبة %22.9، وكان إجمالى عدد الحضور 198 ألفا و107 ناخبين، وبلغ عدد الأصوات الصحيحة منها 194 ألفا و416 صوتا، والباطلة 3691 صوتا.
ومحافظة جنوب سيناء، أيضا كانت إحدى المحافظات التى أثارت علامات استفهام حول توجهها للتصويت حيث إنها كانت إحدى المحافظات التى دعمت الفريق شفيق فى وجه مرسى فى الانتخابات الرئاسية لرفضهم سيطرة الإخوان، خاصة أن جنوب سيناء تضم مدنا سياحية بالدرجة الأولى مثل شرم الشيخ وطابا ودهب، وغيرها، وبالرغم من ذلك صوت فيها ب«نعم» على مشروع الدستور 11 ألفًا و697 صوتًا بنسبة %63.43، بينما صوت ب«لا» 6 آلاف و743صوتًا، بنسبة %36.57، وكان عدد الأصوات الصحيحة 18 ألفًا و440 صوتًا، وجاء عدد الأصوات الباطلة ألفًا و410 أصوات، وكان إجمالى الحضور 19 ألفًا و850 مصوتًا.
أما شمال سيناء، فلم تغير موقفها عن انتخابات الرئاسة أو الاستفتاء الأول، خاصة أن العصبيات القبلية وزعامات شيوخ القبائل الذين أعلنوا تأييدهم لمرسى أثرت على التصويت، حيث صوت فيها ب«نعم» على مشروع الدستور 50 ألفًا و924 صوتًا بنسبة %78.30، بينما صوت ب«لا» 14 ألفًا و111 صوتًا، بنسبة %21.70، وكان عدد الأصوات الصحيحة 65 ألفًا و53 صوتًا، وجاء عدد الأصوات الباطلة 941 صوتًا، وكان إجمالى الحضور 65 ألفًا و976 مصوتًا.
وقالت الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع، إن محافظات الصعيد بعيدة كل البعد عن الوعى السياسى، قائلة إنه من الغريب أن يتوقع الناس أن المناطق الأكثر فقرا ستكون هى الأكثر وعيا، مشيرة إلى أن هذه المحافظات وعيها دائما ما يكون معكوسا.
وأكدت أن الذين يعيشون حالة من الجهل والفقر الشديد لا ننتظر منهم رد فعل ثوريا، حتى بعد حادثة القطار، لافتة إلى أن هذه المحافظات بها قبائل لها تاريخ طويل مع جماعة الإخوان المسلمين، هى التى تحكم الأمور، فالمسألة ليست ردود فعل طبيعية بأن تأخذ محافظة أسيوط موقفا ضد الدولة بعد حادثة، إنما غالبا ما يتم تفصيل الأمر دينيا.
على جانب آخر، أشارت إلى أنه لا يمكن حتى الآن أن نجزم بنزاهة العملية الانتخابية فى محافظات الصعيد، لأننا-على حد قولها- لا يمكن أن نعرف ما الذى دار بالفعل، ومدى هيمنة القبلية داخل لجان التصويت على الاستفتاء.
وأشارت إلى أن الداعين لقبول الدستور استخدموا الوعود المعتادة بالاستقرار والأمن وتنمية البلاد، وغيرها من الوعود التى تؤثر بشكل كبير على الأهالى فى محافظات الصعيد، حتى إن تم تكرارها فى كل انتخابات واستفتاء، بالإضافة إلى أن الصعيد يختلف تماما عن القاهرة التى تعد مجتمعا متجانسا فيه الأغنياء والفقراء، إنما الصعيد فيه صرامة وعادة ما يكون الحزب الحاكم «مربط» العلاقات مع شيوخ القبائل هناك.
أما بالنسبة لجنوب سيناء، فقالت «زكريا» إنه حتى الآن تعتبر سيناء علامة استفهام كبيرة، لافتة إلى أنها متروكة منذ وقت طويل، ولا نعرف تحديدا من يديرها، حتى إن المحافظة تظهر وتختفى مع الأحداث، تارة نجدها متصدرة وسائل الإعلام، وتارة أخرى تختفى تماما. وأشارت إلى أنه دائما ما يكون هناك تحالف سرى واضح بين الدولة ومن يديرون الحياة فى سيناء لا يمكن الكشف عنه، ويتجلى بوضوح فى مواقف مثل الانتخابات والاستفتاء، وبالتالى فإن سيناء تحتاج إلى كشف الغطاء عنها أولا حتى نتمكن من تحديد ما يدور بداخلها بالفعل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.