لم أر ولم أسمع ولم أقرأ قديماً أو حديثاً أن الشعب المصرى كان فى خيار بين أمرين أحدهما نعم والآخر لا واختار "لا" بل دائماً يختار "نعم". صديقى: هذا هراء فالشعب يختار "نعم"، عندما يرى أنها فى صالحه، ويختار لا عندما يرى أن عاقبة الأمر غير محمودة. وهل كانت "نعم" فى صالحه عندما اختارها فى استفتاء مارس 2011 أم أنها قادت البلاد والعباد إلى طريق مسدود. صديقى: لقد اعترفنا بخطأ "نعم" فى استفتاء مارس 2011 - ولكن عدتم إليها فى استفتاء الدستور الجديد صديقى: لأن نعم ستقود البلاد إلى الاستقرار وبناء المؤسسات - لقد أقسمتم جهد أيمانكم أن نعم فى استفتاء مارس 2011 ستقود البلاد إلى الاستقرار، وبناء المؤسسات، وبعد مرور ما يقرب من عامين لا استقرار حصدنا ولا مؤسسات بنينا. صديقى: الخيار للشعب إذا اختار لا، فالأمر لله ثم للشعب ولكنك تعلم أن الشعب لا يختار كلمة لا أبداً، فهو دائماً يختار كلمة نعم ولو طرحنا الاستفتاء بصيغة أن الدستور سيئ ومرفوض سيختار الشعب نعم صديقى: أنت تتجاوز فى حق الشعب وتصفه بأوصاف لا يحق لمثلك أن يصفه بها تعال معى ننزل إلى الشارع الآن ونجرى بحثا ميدانيا، ونطرح على الناس فى الشارع بعض الأسئلة، لأثبت لك أن الشعب أحياناً يختار "نعم" وأحياناً يختار لا (ترجلت وصديقى بشارع بالقرب من ميدان رمسيس وباغت صديقى رجلاً يمر بجوارنا وسأله هل نحن فى أوروبا ولسنا فى القاهرة؟ فأجاب الرجل نعم، "استلقيت على ظهرى من الضحك" وظهرت علامات الدهشة على وجه صديقى ثم خاطب الرجل قائلاً: صديقى: كيف لنا أن نكون فى أوروبا ونحن بالقرب من ميدان رمسيس؟ الرجل: ظننتك تقصد أن الجو هذه الليلة شديد البرودة مثل أوروبا فقلت لك "نعم" صديقى: وقد بدت علامات الارتياح على وجهه، الحمد لله لقد كان سوء تفاهم لا يوجد لسؤال البحث ملحق سوف نبنى نتيجة البحث على الإجابة الأولى بنعم أو لا. (على بعد خطوات منا على الرصيف المقابل تقف فتاه فتوجه إليها صديقى وألقى عليها السلام، وقال لها: أنا فى سن والدك ولم يتبق لى فى الحياة إلا أيام معدودة وعاطل عن العمل، ولا أملك قوت يومى فهل لو تقدمت لخطبتك ستقولين نعم أم لا؟ الفتاة: سوف أقول نعم طبعاً تنتابنى هيستيريا من الضحك صديقى: ولكنى فى سن والدك وعاطل عن العمل، أنت أكيد سوف تقولين لا الفتاة: "هو فى حد لاقى عرسان اليومين دول" تعال وتقدم لوالدى وأنا سوف أقول نعم، وإن كانت نعم واحدة لا تكفى سوف أقول نعمين صديقى موجهاً حديثه لى: إنها مؤامرة عدنا مرة أخرى لنظرية المؤامرة هل كل شىء فى الكون وفى الفضاء يتآمر عليكم (ظهر فجأة بائع متجول فى الشارع فقفز إليه صديقى قفزاً، وكأنه وجد طوق النجاة، وسأله بكم تبيع القطعة فأجابه البائع بسبعة ونص، فسأله صديقى وكم ثمن كل البضاعة التى معك؟ فأجابه البائع معى مائة قطعة ثمنها سبعمائة وخمسون جنيهاً، فسأله صديقى لو قلت لك سأشترى كل البضاعة التى معك بمائة جنيه فقط هل تقول نعم أم لا البائع: سوف أقول نعم وأبوس إيد سيادتك - لا أعرف لماذا لم أضحك هذه المر؟ صديقى: هل أنت مجنون؟ كيف تبيع بضاعة ثمنها سبعمائة وخمسون جنيهاً بمائة جنيه؟ البائع: أولادى بالأمس ناموا بدون عشاء فالسوق لا بيع فيه ولا شراء وأنا أتجول بالعربة منذ الصباح، ولم أبع ولا قطعة واحدة ولم يدخل جيبى قرش واحد وأصوات أطفالى تتردد فى أذنى لا تغيب. "صمت صديقى طويلاً من هول المفاجأة وأدرك أن الشعب المصرى لم يعد قادراً على قول كلمة لا فهذه الكلمة رفاهية غير متاحة له".