بائعو السعف: أحد الشعانين موسم من العام للعام والرزق على الله    برلماني: انضمام مصر لصندوق تنمية الصادرات بأفريقيا يعزز جهود توطين الصناعة    انخفاض أسعار الأسماك 30% في بورسعيد.. بشرى سارة من الغرفة التجارية بعد المقاطعة    الرئيس السوري يؤكد ضرورة تعزيز التضامن العربي لتحقيق الاستقرار بالمنطقة    باحث بالشؤون الأمريكية: تأثير احتجاجات الحركة الطلابية لن يكون بالمستوى المتوقع    جانتس يهدد بإسقاط حكومة نتنياهو حال منع وزراء فيها صفقة مع حماس    أونروا تستهجن حصول الفرد من النازحين الفلسطينيين بغزة على لتر من الماء يوميا    وزير خارجية الأردن: على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات فاعلة تفرض حل الدولتين    وزيرالدفاع الإسرائيلي: ملتزمون بالقضاء على «حماس» وتحرير الأسرى    نص أقوال محمد الشيبي خلال التحقيق معه في قضية حسين الشحات    تحقق أول توقعات عبير فؤاد لمباراة الزمالك ودريمز الغاني    إصابة 11 شخصا إثر حادث تصادم سيارتين في بني سويف    غدا.. الجنايات تستكمل محاكمة متهم بقتل آخر عمدًا بالحوامدية    تحذيرات عاجلة لهذه الفئات من طقس الساعات المقبلة.. تجنبوا الخروج من المنزل    فوز رواية قناع بلون السماء للكاتب الفلسطيني باسم خندقي بجائزة البوكر للرواية العربية    ثقافة الإسكندرية تقدم التجربة النوعية «كاسبر» على مسرح الأنفوشي    أمين الفتوى: 3 أمور تمنع الحصول على الورث (فيديو)    وزير الصحة يشهد فعاليات الاحتفال بمرور عامين على إطلاق «معًا لبر الأمان» للكشف المبكر وعلاج سرطان الكبد    «الصحة» تفتتح فعاليات ورشة عمل حول «وضع أطر مؤسسية لمشاركة القطاع الخاص في الرعاية الصحية»    أغنيتين عراقيتين.. تفاصيل أحدث ألبومات أصالة    بروتوكول بين إدارة البحوث بالقوات المسلحة و«التعليم العالي»    مذكرة لرئيس الوزراء لوقف «المهازل الدرامية» التي تحاك ضد المُعلمين    التشكيل الرسمي للمقاولون العرب وسموحة في مباراة الليلة    حزب الوفد: نرفض أي عدوان إسرائيلي على رفح الفلسطينية    أرخص 40 جنيها عن السوق.. صرف الرنجة على بطاقة التموين بسعر مخفض    التشكيل الرسمي ل مباراة نابولي ضد روما في الدوري الإيطالي    أغلى 5 فساتين ارتدتها فنانات على الشاشة.. إطلالة ياسمين عبد العزيز تخطت 125 ألف جنيه    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمرضى بمستشفى أبوكبير    إنجاز جديد.. الجودو المصري يفرض سيطرته على أفريقيا    رضا حجازي: زيادة الإقبال على مدارس التعليم الفني بمجاميع أكبر من العام    نشرة في دقيقة | الرئيس السيسي يتوسط صورة تذكارية عقب افتتاحه مركز الحوسبة السحابية الحكومية    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    الإعدام لعامل قتل شابا من ذوي الاحتياجات الخاصة بواسطة كمبروسر هواء    وزير بريطاني يقدر 450 ألف ضحية روسية في صراع أوكرانيا    الرئيس العراقي خلال استقباله وزير الري: تحديات المياه تتشابه في مصر والعراق    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    مساعد وزير الصحة: انخفاض نسب اكتشاف الحالات المتأخرة بسرطان الكبد إلى 14%    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    تأجيل محاكمة المتهمين في عملية استبدال أحد أحراز قضية    بصلي بالفاتحة وقل هو الله أحد فهل تقبل صلاتي؟..الإفتاء ترد    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 18886وظيفة معلم مساعد بوزارة التربية والتعليم    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    الليلة .. سامى مغاورى مع لميس الحديدى للحديث عن آخر أعماله الفنية فى رمضان    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    أجمل دعاء للوالدين بطول العمر والصحة والعافية    قرار جديد من القضاء بشأن 11 متهماً في واقعة "طالبة العريش" نيرة صلاح    جدول امتحانات التيرم الثاني 2024 لصفوف النقل والشهادة الإعدادية (القاهرة)    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    «فوبيا» تمنع نجيب محفوظ من استلام «نوبل»    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    حسام البدري: أنا أفضل من موسيماني وفايلر.. وكيروش فشل مع مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمرو موسى: ليت الأسد اقتدى بعلى صالح.. وتمزيق سوريا يفتح أبواب جهنم.. وارتكبت دمشق خطأ فى التقدير حين قدمت علاقاتها مع دول الجوار على علاقاتها العربية
نشر في اليوم السابع يوم 28 - 11 - 2012

يستبعد عمرو موسى تمزق سوريا إلى دويلات طائفية بولاءات عابرة للحدود، معتبراً أن من شأن ذلك أن يفتح أبواب جهنم فى المنطقة، ويرى أنه كان من الأفضل لو اقتدى الرئيس بشار الأسد بالرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح الذى غادر السلطة وبقى فى البلد، ويلاحظ أن وقت هذه الصيغة قد فات، وأن لا مخرج فى سوريا إلا بانتخابات حرة وتغيير شامل، وهنا نص الحلقة الرابعة من حوار عمرو موسى لصحيفة الشرق الأوسط:
متى كان لقاؤك الأخير مع الرئيس بشّار الأسد؟
- آخر لقاء كان فى قمة سرت فى أكتوبر 2010.
هل كنت تتوقع أن يصل الربيع العربى إلى سوريا؟
- أنا كنت أتوقع أن يحدث تغيير انفجارى فى العالم العربى من منطلق أنه يستحيل منطقياً أن يكون العالم العربى وحده متخلفاً عن كل المسيرة العالمية، إنه منطق الأمور، كنت أتوقع هذا التغيير، ولذلك تقدمت فى مارس عام 2004 فى قمة تونس بورقة «الإصلاح والتغيير فى العالم العربى»، واعترض البعض على كلمة الإصلاح، تحدثت فيها عن حقوق الإنسان والشفافية والديمقراطية وحقوق المرأة وإعادة النظر فى نظم التعليم ومناهجه، وبسببها أساساً مع أسباب أخرى انفجرت القمة ولم تُعقد وغادر بعض الرؤساء من دون أن يتقابلوا، ولكن عادوا للاجتماع فى مايو.
فى قمة تونس 2004 تمت مناقشة كل شىء، بداية بوثيقة «الإصلاح والتغيير فى العالم العربى» وكذلك وثيقة العهد التى طرحتها المملكة العربية السعودية، والتى تعكس موقف خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز من ضرورة أن يفى الملوك والرؤساء بما يتفقون أو يتعاهدون عليه. طرحتها على مستوى وزراء الخارجية أولاً، وأنا اقترحت رسمياً اشتراك جامعة الدول العربية فى معرض فرنكفورت للكتاب، لأن دعوة كانت قد وصلتنى وقبلتها من حيث المبدأ، وقلت إن هذا أعظم رد بعد أحداث 11 سبتمبر وتصوير العالم العربى وكأنه ملىء بالإرهابيين والجهل المتفشى، قلت لا بد من المشاركة فى أكبر معرض للكتاب فى العالم بالكتاب العربى والعلم العربى والتاريخ العربى، وقام البعض بالاستفسار عن تكاليف المشاركة، والبعض الآخر قال إذا كان الأمين العام قرر هو قبول الدعوة فعليه أن يتحمل هو المسئولية، أنا أصررت وقلت إذا لم تقرروا فسأعرض الأمر على القمة فنحن نتحدث فى موضوع استراتيجى مهم جداً، ولا بد أن يشارك العرب فى فعاليات الكتب ومنتديات الثقافة وهذا أهم من مشاركاتهم فى المهرجانات غير المفيدة.
وكان هناك أيضاً نقاش يتعلق بالموقف من فلسطين والجو العام كان سيئاً جداً فى تلك القمة، كنا نحاول إعداد البيانات مع الحبيب بن يحيى، وزير خارجية تونس، وهو شخص محترم جداً ومن أفضل وزراء الخارجية العرب طرّاً، ويبدو أن الأمور كبرت وتأزمت، ومشروع البيان يختلف عليه المعنيون ويعترضون، فشعر الرئيس بن على بغضب كبير، ووُضعت صيغة تونسية للبيان، وقال بن على إما توافقون عليها أو لا داعى للاجتماع، شعرنا بأن الوضع غير مرتب وكنا على مستوى وزراء الخارجية، وفجأة جاء بن يحيى وقال إذا لم يتم الاتفاق فلنؤجل القمة إلى وقت لاحق، وكان بعض القادة العرب بدأ بالوصول إلى تونس، وكلمنى الرئيس بن على تليفونياً وقال لى إنه يرى أن الوضع يشير إلى أننا لن نخرج بأى شىء من القمة وأنه يرى التأجيل وندرس متى يمكننا الاجتماع ثانية. قلت له أنا أيضاً أشعر بأن الوضع لن يؤدى إلى قمة نتفق فيها على شىء، إنما علينا أن نحدد فوراً موعداً آخر وأن لا نضيع الوقت ونتفق على جدول الأعمال، قال بن على وهو كذلك، وباشر القادة بمغادرة تونس وسمعت تصريحاً من القاهرة أن مصر ستستضيف القمة بدلاً من تونس، توجهت فوراً إلى القاهرة وطلبت لقاء الرئيس.
ذهبت إلى الرئيس مبارك صباح اليوم التالى وكان عنده الأمير سعود الفيصل ووزير الخارجية المصرى أحمد ماهر فى اجتماع، فلما أخطر الرئيس بأن الأمين العام وصل دعيت فوراً للانضمام إليهم إذ كانوا يناقشون الوضع بعد تأجيل القمة، انضممت إليهم ووجدتهم فعلاً يناقشون ما حصل وهل تعقد القمة فى القاهرة بدلاً من تونس، وسألنى الرئيس مبارك رأيى، قلت يا سيادة الرئيس القمة البديلة يجب أن تُعقد فى تونس وليس فى مصر، وقال إن لديه التوجه نفسه، لأن بعض الأصوات دعت إلى عقدها فى القاهرة فى إشارة إلى أن الحديث كان يدور فى هذا الاتجاه، وقلت إن هذا سيُحدث أثراً غير طيب فالقمة تأجلت ليس لتغيير مكانها وإنما تأجلت لإعداد أفضل لها. فوافق الرئيس، وقلت إذاً، أنا سأعلن أن مصر أبلغتنى عدم موافقتها على عقد القمة فى مصر بل تعقد فى تونس، قلت إن علينا أن نحدد أيضاً الزمان وليس فقط المكان، وأنا سأسافر اعتباراً من اليوم التالى لزيارة الدول العربية، وأيد الأمير سعود كلامى بعدما أيَّده الرئيس، وبمجرد خروجنا من ذلك اللقاء وتصريحى بأن تونس هى مقر عقد القمة تراجع التوتر إذاً، لا توجد أى مؤامرة ولا أى منافسة وهذا سهل على الأمر، وقلت إننى أقترح عقد القمة فى مايو، وكان شهر أبريل على الأبواب أو كان بدأ يكون الشهر الفيصل الذى نعدّ فيه للقمة، وعقدت القمة فى تونس وبنجاح كبير.
وكانت تلك إحدى المشاكل التى قامت الجامعة العربية بمواجهتها بسرعة ولم يكن لدينا أى تردد فى مقابلة الرئيس المصرى مثلاً ولا أن نطلب ألا تُعقد القمة فى مصر، يبدو أن مثل تلك الأمور لم تكن تحصل، بالصراحة والسرعة التى كنا نعمل بها. ونجحت القمة فى أنها أصدرت وثيقة العهد ووثيقة التطوير وكانت مسألة مهمة جداً، وأعيدت بعدها تركيبة المجلس الاقتصادى والاجتماعى وأصبح دوره حاكماً بالنسبة إلى كل منظمات الجامعة العربية، وكذلك أنجزنا مجلس الأمن العربى الذى لم يكن فعّالاً كثيراً ولكنه أصبح موجوداً، وخففنا المنظمات العربية ورفعنا موازنة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
أما عن توقعاتى بالنسبة إلى سوريا و«الربيع العربى» فأنا اعتقدت بنظرية الأوانى المستطرقة بالنسبة للجمهوريات العربية، انظر ما حدث فى تونس والذى انتقل فى أيام قليلة إلى مصر فاليمن وليبيا، فكيف لا تنضم سوريا إلى هذه القافلة؟
هل هناك خطر من أن تتمزق سوريا إلى دويلات نظراً إلى خبرتك فى الجامعة العربية ومتابعتك للأحداث ومعرفتك باللاعبين؟
- هناك مثل هذا الخطر، إنما يدحض هذا الخطر خطورة النتائج والفوضى العارمة التى قد تترتب عليه، إذا انضم العلويون إلى العلويين فى أى منطقة ضمن الشرق الأوسط والشيعة إلى الشيعة والسنّة إلى السنّة والتركمان إلى التركمان والكرد إلى الكرد سنفتح أبواب جهنم، ولا أعتقد أن من مصلحة أحد أبداً أن تتمزق سوريا، وليس فى مصلحتنا نحن العرب أن تتمزق سوريا، وأعتقد أن الدول الكبرى ذات المصالح الاستراتيجية ترى الرأى نفسه.
هل هناك مجال للتسوية مع بقاء بشّار الأسد؟
- بعد آلاف الضحايا والدم الذى سال لا أظن ذلك ممكناً، كيف سيحكم وكيف سيتحدث عن المصالحة السورية وعن الشعب ومصالح الشعب بعد الذى حصل؟ لا بد من وضع جديد، منطق الأمور يؤكد هذا.
لو عرض عليك الآن القيام بوساطة فى سوريا هل تقبل توليها؟
- لا أعتقد أن الوساطة الآن لها أى فاعلية إلا إعطاء الانطباع بأن جهوداً دولية وعربية تبذل للحل، وأن النشاط مستمر طبقاً لخطة وسياسة قائمة وهو ما يجافى الحقيقة، وأسباب فشل مهمة كوفى عنان معروفة وحاضرة. لا مناص من تأكيد رسالة جماعية: يا سيادة الرئيس لا يمكن الاستمرار لأن الوضع لن يستقر ولا يمكن العودة إلى ما كان، فى مرحلة سابقة تمنيت لو أن الرئيس الأسد اقتدى بالرئيس على عبد الله صالح لكن هذه الصيغة فات أوانها الآن ولا بد من تغيير شامل.
إذا افترضنا أن بشّار الأسد طلب منك الآن نصيحة كصديق، بماذا تنصحه؟
- السؤال سهل والإجابة صعبة إنما قبل أن أنصحه لا بد أن نرتب الأمور عربياً وأن يُعقد اجتماع عربى رفيع المستوى لبحث إمكان توفير أو تأمين إقامة الأسد وأسرته وضمان حياة مستقرة لهم، وثانياً أن يتم تفاهم عربى - أميركى وتفاهم مع الدول الفاعلة الأخرى (أوروبا وروسيا وتركيا) لضمان الشىء نفسه إذا أقام بشار فى أى دولة عربية، وأن يكون كل ذلك فى إطار زمنى محدد، أى عرض مضمون لمدة شهر، وأنصح الرئيس السورى بقبول هذا العرض. سبق وعاش لدينا فى مصر ملوك ورؤساء وزعماء كثيرون على أن لا يعملوا فى السياسة.
شخص يكون رئيساً فيصبح رئيساً فى المنفى؟
- ولم لا؟ وهل هو أولهم؟ طالما سيُعامل باللباقة اللازمة وتؤمن له الحماية ليعيش مع عائلته، هذا على رغم المرارة التى يجب تخطيها حقناً للدماء، أنا أفكر فى حل دبلوماسى.
لو كنت مكان بشّار الأسد ماذا كنت تفعل؟
- أولاً، ما كنت أسَلتُ أنهاراً من الدماء لتفصل بينى وبين الشعب إلى الأبد، الضحايا تصل إلى أكثر من 35 ألف ضحية، فتخيل كم من العائلات والأصدقاء والجيران والمتعاطفين بين الضحايا، هنا انفصمت العلاقة بين الشعب والحكم بما لا يترك مجالاً للصلح أو الثقة فى النظام، ولذلك العلاج يكون بالديمقراطية. أنا أؤمن بطبعى بالديمقراطية ولا أؤمن بالديكتاتورية، إن زمن الديكتاتوريات ولى، على رغم أنها فى زمن مضى كانت موجودة كجزء من النظام الدولى، إنما الآن لا مكان للديكتاتوريات ولا مكان لفرض الرؤساء، ومن يُقدم على هذا فسيفشل ويدفع الثمن من دون شك، فنحن فى عصر مختلف، والواقع أنه إذا كان بشار يعتقد أنه يستطيع تكرار تجربة والده فى حماة فهو مخطئ خطأ كبيراً، الزمن غير الزمن وهو ليس والده.
ثانياً، بالنسبة إلى سوريا، أرى أنه لا يمكن التفاوض على أساس إبقاء بشّار الأسد وأن يتولى بعض المعارضين بعض الوزارات مثلاً، فهذا حل سهل بل ليس حلاً لأنه يتجاهل ما حدث، وهو أمر لن تقبله قوى كثيرة فى سوريا، الحل هو أن يغادر بشّار الأسد وتُجرى انتخابات ويأتى مجلس نواب جديد ينتخب رئيساً جديداً وهكذا، لا أرى حلاً غير هذا: حلّ البرلمان وإجراء انتخابات جديدة تحت إشراف دولى تأتى بحكومة جديدة قائمة على نتائج هذه الانتخابات الديمقراطية. لا بد من انتخابات ديمقراطية تحت إشراف دولى وتُنتج ما تُنتج وتتشكل حكومة، ويغادر بشّار بعد أن يكون ترك سوريا على الأقل وفيها نظام يستطيع أن يتدبر شئونه. لا أنصح الرئيس السورى بالهرب بليل، بل أن يرتب الوضع ويغادر إلى دولة عربية، بدل أن يتوجه إلى روسيا أو الصين مثلاً، ويعيش كمواطن عربى عادى. مصر مثلاً استضافت الرئيس جعفر نميرى بعد مغادرته السودان والكثير من الزعماء من المغرب والمشرق، وكانت مصر دائمة مضيافة من دون أن يشكل هذا موقفاً لمصر مع أحد أو ضد أحد، إنما مصر ترحب بالكل باعتبار أن دورهم انتهى ويكون ذلك جزءاً من الحل.
ما هو الخطأ الاستراتيجى الذى ارتكبه بشّار الأسد فى علاقاته العربية؟ هل قلَّل من أهمية مصر والسعودية؟
- نعم، إنه أعطى أهمية أكبر لإيران، ربما كان هناك شعور بوجود تنافس معين بين دمشق والقاهرة، وأن الوضع ليس بالضبط على ما كان عليه سابقاً بين مصر والسعودية، وأن هناك حالة قلق بين دمشق والرياض، إنما هذا كله كان يمكن التعامل معه لو كان هناك انفتاح وصراحة وخصوصاً بين مصر وسورية وكان هناك تفهم سورى للسياسة السعودية، ولكن الأهم من ذلك وفى ما يتعلق بحركة التغيير العربية، اعتقادى بأن سوريا لم تقدر الأمور حق قدرها بعد انتصار الثورة فى مصر وتونس وغيرهما، وقللت من أهميتها، أى لم تتفهم حركة التاريخ بدقة وتتحسب لها، بل ربما أصاب دمشق الغرور إزاء ما اعتبرته هشاشة النظام فى مصر وصلابته فى سوريا، وهذه النقطة بالذات فيها تفاصيل كثيرة. وأضيف إلى هذا انحصار الدبلوماسية السورية فى إطار ضيق يتعلق بسوريا وما حولها فقط من غير الانفتاح الإقليمى والدولى لشرح مواقف سوريا السياسية، موقفها من إسرائيل مثلاً، كانت هناك أمور كثيرة غير واضحة. ربما كان الخطأ الاستراتيجى الكبير تضييق السياسة السورية لتغطى موضوعين أو ثلاثة فقط، وعدم إيلاء أهمية لمواضيع أخرى، أى التركيز على الموضوع اللبنانى و«حزب الله» والبعد الإيرانى ودخولها فى هذا الحلف الذى أدى إلى التأثير فى دورها العربى، إلى درجة التفكير: أنت معنا (العرب) أم معهم (الإيرانيون)؟ ولو أننى شخصياً كعمرو موسى وكأمين عام للجامعة العربية سابقاً وكوزير خارجية مصر سابقاً لا أرى أن نتعامل مع إيران من منطلق أن نفترض أنها عدو، أرى أن نتعامل مع إيران على مبدأ أنها واحدة من دول المنطقة، ليست عربية وإنما إسلامية، ولكن بيننا وبينها خلافات جذرية ولا بد أن نجلس ونتحاور معها، أما أن ندخل فى حلف معها وفى هذه الظروف فأمر يجب أن يُعاد النظر فيه، أو على الأقل إعادة النظر فى أبعاده، فسوريا دولة عربية وعليها أن تهتم بحل المشاكل فى البحرين وأن تهتم بحل المشاكل فى العراق وأن تهتم بحل المشاكل مع دول الخليج وأن تهتم بحل المشكلة مع الإمارات والجزر الإماراتية وهكذا، طالما لها هذه العلاقة مع إيران، أما أن تكون هذه العلاقة من دون أى مردود عربى فهذا يدعو إلى النظر فى حقيقة السياسة السورية.
هل تعتقد أن القيادة السورية حاولت أن تكون الضلع العربى فى مثلث إيرانى - تركى - سورى كبديل للمثلث السورى - السعودى - المصرى؟
- ربما داعبت أذهان بعض المسئولين السوريين مثل هذه الفكرة وأنا سمعتها أو استشعرتها، إنما لم يكن من الممكن لتركيا أن تحدد دروها بأن تكون جزءاً من المحور الإيرانى - السورى، لم يكن هذا ممكناً أبداً لأن تركيا لديها سياسة كبيرة حيال العالم العربى والشرق الأوسط، وكذلك هى جزء من التحالف الغربى (حلف شمال الأطلسى) وباعتبارها دولة كبيرة فى البحر المتوسط لا يمكن أن ينتهى بها الحال أن تصبح فقط ضمن مثلث تركى - إيرانى - سورى ضد بقية الدول، هذه الفكرة إذا كنت أعتبرها طائرة فإنها لم تكن لتستطيع أن تقلع أبداً.
أريد أن أذكر أسماء بعض وزراء الخارجية لأسمع انطباعاتك عنهم كونك تعاطيت مع عدد كبير من وزراء الخارجية العرب. كيف تصف لنا علاقتك مع الأمير سعود الفيصل وتعاملك وتعاونك معه؟
- الأمير سعود الفيصل من أفضل الشخصيات التى التقيت بها، سواء سعودية أو عربية أو غيرها، لأنه رجل عاقل رفيع المستوى فى ثقافته وفى تصرفاته، ولذلك أكنّ له كل تقدير للعلاقات التى ربطتنا. علاقات العمل انتهت الآن إنما ما زلت أقدر جداً دوره الوازن فى الدبلوماسية العربية، وأقدره هو شخصياً.
تعاطيت مع وزير خارجية هو الشيخ حمد بن جاسم.
- تعرفت إلى الشيخ حمد بن جاسم عندما كان وزيراً للشئون البلدية والقروية فى قطر، وكان له بعض المهمات الدبلوماسية التى توكل إليه، وجدته شخصية ظريفة ذكية نشيطة، وهذا خليط هائل فى تشكيل الشخص السياسى. طبعاً فى قطر الشخصية الرئيسة والعقل المدبر هو الأمير حمد بن خليفة الذى هو شخصية ذكية للغاية ويعلم مدى قوته، وقلت له مرة إن قوتك يا سمو الأمير هى فى الsoft power فلم تعد أقدار الدول تُحدد بأحجامها بأنها دولة صغيرة أو كبيرة مساحةً أو سكاناً، بل الدولة التى تستطيع أن تسيطر على الsoft power أكثر من غيرها وتدير أمورها بحنكة وحكمة، بمعنى الأموال والاتصالات والإعلام والانفتاح على العالم والثقافة تصديراً واستيراداً، فهم استوردوا الكثير من الثقافة: جامعات ومتاحف، وهذا كله نشاط.
حمد بن جاسم يعرف تماماً ماذا يريد ويأتى قاصداً النقطة التى تهمه فقط فتجده دائماً على عجلة من أمره يريد إنجاز الأمور وهو مستعد للعمل والتنفيذ وليس مستعداً للصياغات والكلام بل تهمه النتائج.
قطر مزيج غريب ففيها قاعدة أميركية ولها علاقة ما مع إسرائيل وفى الوقت نفسه «حماس» وقناة «الجزيرة»، إضافة إلى القوة المالية وغياب الثقل السكانى وأعبائه؟
- هذا ما قصدته بالsoft power والشيخ حمد هو مَنْ يمثل هذا كله، ومهندس السياسة القطرية هو الأمير حمد بن خليفة والمهندس المساعد أو الطيار المساعد هو الشيخ حمد بن جاسم، والشخصيتان يمكنك التحدث إليهما بكل صراحة فى أى موضوع. فعند طرح أى موضوع تحصل على موقف محدد سواء تتفق أو تختلف وينتهى الكلام، فهم أشخاص عمليون، ولم أشعر معهم بأنهم أتعبونى على رغم أننا اختلفنا فى بعض النقاط، إنما ما زلت أقدِّر رغبة الشخصيتين فى القيام بعمل ما لأهميته ولأنهما يريان ذلك، لذلك، حمد بن جاسم نوع جديد من وزراء الخارجية العرب.
وتجربتك مع الشيخ عبد الله بن زايد وزير خارجية دولة الإمارات؟
- الشيخ عبد الله شخصية شابة صاعدة. مثقف ومتعلم يجيد التحدث بالإنجليزية بطلاقة، وكذلك يجيد التفكير بها، لديه آفاق واسعة فى تفكيره، فهو مثلاً أول مسئول عربى فكر فى زيارة الدول الجزر فى المحيط الهادئ. أنا أكبرت فيه ذلك جداً لأنه بادر بشىء لم يفكر فيه أحد غيره، ولديه الإمكانات الشخصية والمادية للقيام بذلك. وأكبرت فيه أيضاً أنه اتصل بى قبل قيامه بتلك الرحلات وأطلعنى على نيته وطلب رأيى وما لدى من اقتراحات، فقلت له إن هذا شىء عظيم للغاية فتكون أول وزير خارجية عربى يزور تلك الدول وأرجو أن تثير معهم القضية الفلسطينية وأوضاع القدس وأن يكون تصويتهم فى مصلحة الدول العربية بعد أن كان تصويتهم دائماً ضدنا، ونجح فى ذلك. هو نموذج جيد واختيار جيد لمنصب وزير الخارجية فى الإمارات، لديه دائماً المبادرة والقدرة على تنفيذها ولديه عدد من المستشارين الجيدين يقدمون إليه النُصح، وفى الوقت ذاته فتح قنوات الاتصال مع الجميع، من البيت الأبيض إلى الكرملين إلى أستراليا إلى كل الدول الأوروبية إلى دول آسيا، والحقيقة أنه شاطر جداً، لعله نموذج لما يجب أن يكون عليه وزير الخارجية: آفاق واسعة وقدرة شخصية على التصرف والكلام والطلاقة والإطلاع ثم قدرة مادية تسمح وخصال شخصية تحبب فيه أقرانه وزملاؤه.
تعاطيت مع وليد المعلم وزير الخارجية السورى فما هو انطباعك عنه؟
- وليد المعلم شخص ذكى لمّاح وطريف أيضاً، يحدّه أنه ليس طليق اليدين، فالأمير سعود الفيصل مثلاً لديه مقدار من حرية الحركة وكذلك الشيخ عبد الله بن زايد والشيخ حمد بن جاسم والكثيرون من وزراء الخارجية العرب، أما وليد فلا يتمتع بذلك وهذا ما حدَّ من حركته، إنما أقول إنه وزير خارجية كفء يعرف ما يجب عمله، إلا أنه غير قادر على تنفيذ ما يريد، وليد منفذ جيد جداً لسياسة حكومة البعث ولكن لو كان يستطيع التحرك خارج هذا الإطار لتمكن من تحقيق الكثير وأن يفيد سوريا أكثر.
وتعاطيت قبل ذلك مع نائب الرئيس السورى فاروق الشرع.
- فاروق الشرع شخص مختلف متحفظ جداً ومنغلق على نفسه لا يبدى الصداقة ولا يبدى الود ولا يبدى المرونة ويتمتع بشخصية «راسية» وكان له حضوره فى اللقاءات العربية. لكن، دولياً لم تحاول سوريا أبداً حين كان وزيراً للخارجية أن تكون جزءاً من المشهد الدولى. أعتقد أن هذا خطأ كبير جداً فى السياسة والدبلوماسية السورية سواء خلال فترة الوزير الشرع أو أيام الوزير المعلم وإن لأسباب مختلفة بين الوزيرين، فالمعلم أقدر على الحركة، كانوا يستطيعون الاستفادة كثيراً لأن مجال المناورة كان مفتوحاً أمامهم.
مَنْ من وزراء الخارجية العرب الآخرين ترك لديك انطباعاً إيجابياً؟
- عند ذكر وزراء خارجية الأردن فناصر جودة مثلاً رجل متميز مقدام كما سابقيه، كذلك ربطتنى بعبد الإله الخطيب معرفة وثيقة وهو شخصية من الشخصيات العربية ذات الكفاءة العالية ولديه لفتات ولمسات إنسانية لطيفة، وأنا أعتقد أن أمامه دوراً كبيراً فى الأردن، وصلاح البشير الذى تولى المنصب بعد عبد الإله الخطيب محامٍ متمكن وشخصية من الشخصيات الأردنية الحضارية، ناصر جودة كان شخصية مختلفة، نشط وحركته سريعة ويتمتع بشخصية جذابة تجمع المزايا العربية من الود والترحيب والكرم واللباقة، إضافة إلى مهنية عالية، ولا زلت أحتفظ بالكثير من العلاقات الوثيقة معهم ونتحادث هاتفياً باستمرار.
هوشيار زيبارى وزير خارجية العراق شخصية ممتعة وهو كردى ومن أكفأ وزراء الخارجية العرب ويفهم الأمور وأبعادها وماذا يقول ومتى يصمت ومتى يثير ما يريد أن يثيره من مواضيع، وهو وزير خارجية وُفِّق فيه العراق. الحبيب بن يحيى وزير خارجية تونس السابق شخصية قديرة ذات كفاءة عالية تربطنى به صلة صداقة لا زالت قائمة.
والحقيقة أن وزراء الخارجية العرب فى السنوات الأخيرة وحتى الآن يمثلون مجموعة ذات كفاءة عالية، عاصرت وزراء كثراً أذكر منهم الشيخ محمد بن مبارك فى البحرين وهو رجل دبلوماسى محترم، والدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وهو جم النشاط قدير سريع البديهة لطيف المعشر، ولام أكول الذى خلفه ويمثل الفكر السودانى الموحد بين الشمال والجنوب، وعلى كرتى وهو من أركان الحكم الإسلامى، ووزير خارجية المغرب الفاسى الفهرى واليمن أبو بكر القربى وعمان يوسف بن علوى، لا يمكن أيضاً إغفالهم أو إغفال أدوارهم.
الظروف اللبنانية أدّت إلى أن نجد وزراء الخارجية يسيرون فى خط ورئيس الدولة يسير فى خط آخر ورئيس الوزراء فى خط مختلف، وتلك معضلة من المعضلات، فى مراحل الخلافات الرئاسية والوزارية السنّية - الشيعية فى لبنان ظهرت شخصية طارق مترى وكان يمثل وزير الخارجية بالوكالة فى كثير من المحافل الدولية، وهو مثَّل لبنان تمثيلاً جيداً جداً، وكان من الأشخاص ذوى الكفاءة العالية والصدقية الشخصية الذين كنت ألجأ إليهم لاستشارتهم فى مسائل عادية لا علاقة لها بلبنان لأنه مهنى بارع وقدم الكثير فى الوقت الذى كانت تمر فيه الدبلوماسية اللبنانية بحالة شلل للاختلاف بين توجهات رئيس الجمهورية وتوجهات رئيس الوزراء وتوجهات رئيس مجلس النواب وتوجهات وزارة الخارجية.
أما عن مصر، فقد خلفنى وزيران قبل الثورة، ووزيران أو ثلاثة بعد الثورة خدموا لفترات قصيرة جداً ولم يتمكنوا من إظهار قدراتهم السياسية لأنها كانت مرحلة انتقالية.
أما الوزيران اللذان خلفانى فى وزارة الخارجية قبل الثورة أى أحمد ماهر وأحمد أبو الغيط فقد كانا يتمتعان بكفاءة عالية، إلا أن العهد كان حينها توجه إلى الانكماش وإلى عدم الخروج إلى الساحة مبارزاً ولا خطيباً ولا شاعراً، وهذا قلَّل من زخم الدبلوماسية المصرية فى السنوات الأخيرة ولكن الوزيرين قاما بكل ما فى استطاعتهما.
نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط
موضوعات متعلقة:
عمرو موسى: صارحت صدام حسين بأخطاء سياسته.. وغزو الكويت لم يكن ابن ساعتها.. ومصر ودول عربية أخرى عارضت مناقشة مبادرة الشيخ زايد لتنحية الرئيس العراقى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.