لما تكون عيان، دايما ينصحوك تأكل مسلوق، لأنه خفيف على المعدة، و"السلق" هو إنك تحط كل الحاجات على بعض "اللحمة أو الفراخ والملح والفلفل" فى مياه، وتسخنهم مع بعض لغاية ما يوصلوا لدرجة الغليان، فتأخد المياه من اللحوم دسامتها، وتأخد اللحمة من المياه الطراوة. طيب لما المسلوق حلو وسهل كدة، ليه الناس مبتحبهوش ومتضايقة منه؟ يمكن عشان المسلوق بيفكرهم بالمرض وإحنا طبعا شعب مجروح ومريض، زى ما قال عصام شرف، ولا لأن طعمه بيبقى مايع، وكمان المسلوق مرتبط دايما بالسرعة أو التسرع أو زى ما بيقول سواقين الميكروباص والتوك توك، "الإنجاز على البوتجاز"، ولا ننسى أن نقول لهم، "إنكم جميعا فى قلوبنا". يعنى فيها إيه لما نسلق "الدستور" مثلا؟، لأنه أصلا حاجة معقدة، فنخلصه ونخلص معاه من المرحلة دى، ولما تسأل، طيب والمستقبل؟ والأساس اللى المفروض البلد تتبنى عليه؟ يقولك، ما أنت طول عمرك كنت عايش، وأنت مش عارف إيه هو الدستور أصلا؟ فعلا شعبنا مكانش بيعرف الدستور إلا لما يدخل على حد غريب فيقول، "دستووور"، ولما سمعنا إنه اتعدل سنة 2007، ولكن ده مش مبرر عشان نسلقه. والدستور طول عمره كان عامل زى اللحمة، بنسمع عنه فى المواسم، ومحدش عارفه ولاعارف طعمه إلا "الطباخين" بتوعه، وهما مكانوش طباخين أوى، ولكنهم كانوا طباخين بدرجة "ترزية" بيعرفوا "يقيفوه" كويس حسب هواهم، فليه دلوقتى عايزين نسلمه لترزية جداد يسلقوه؟، والترزية الجداد حتى مطلعوش طباخين، طلعوا جزارين. لكن إيه رأيكم كدة فى دستور مشوى على نار هادية وريحته مفحفحة؟ مش أحسن؟ ولكن أنا شايف إن إحنا كمان بنكره المسلوق، عشان إحنا مسلوقين فى كل حاجة، وبما فيه الكفاية، مسلوقين فى الصراعات السياسية وحلالها وحرامها، فالسياسة كانت حرام وبقت حلال، وبعد كده أصبح فيها تحليل وتحريم بفتاوى مختلفة، وأصبح المختلف فى الرأى السياسى هو الكافر. وعشان إحنا مسلوقين بقينا منزوعين الدسم، مش عارفين أصلا هويتنا، وكل يوم يتبرع حد ويعرفنا عليها، ويلبسها ثوب مختلف عن اللى إحنا عارفينه عن نفسنا، وعادة بيكون نفس الثوب اللى بيلبسه. ده على مستوى المواطن اللى عايز يفكر وبيحاول يفكر، ولكن المواطن الداير فى الساقية فبيتسلق كل يوم، مسلوق فى الطريق لغاية ما يروح الشغل، وبيتسلق فى طابور العيش، وبيتسلق فى الشغل لغاية ما يقبض أول الشهر، وبيتسلق فى غلاء الأسعار كل يوم، ولو فكر يسافر مبيتسلقش فى القطر، ولكنه بيتشوى أو يتفرم. كفاية سلق بقى، نفسنا نشوف الشوى، أو حتى نشم ريحته.