فى البداية أتقدم بالتهنئة للإخوة الأقباط على اختيار الأنبا تواضروس البابا ال118 لمنصب بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، وأتمنى أن يسهم فى تعزيز وترسيخ أواصر الوحدة الوطنية. لا شك أننا نعيش فى فترة مهمة من تاريخ مصر الحديث، حيث أوشك الدستور المصرى أن يظهر للوجود بعد نقاشات عديدة ومجادلات شديدة حول تشكيل الجمعية، وكذلك حول مسألة التصويت فى الجمعية، وبعض موادها، ومحاولات الاستقطاب بين جميع الأطراف السياسية، سواء المشاركة فى الجمعية أو خارجها، ومن ثم أرى أن هناك بعض الملاحظات يجب الاهتمام بها: أولا: هل فعلا تشكيلة الجمعية التأسيسية ممثلة بشكل حقيقى عن كل فئات المجتمع المصرى وطوائفه بصرف النظر عن الانتماءات السياسية أم لا؟ فإن كانت الإجابة بنعم.. فلم الادعاء دوما أن الجمعية لا تمثل جميع فئات المجتمع، وإن كانت الإجابة لا، فيجب إعادة النظر بشكل لائق بما يحافظ على تحقيق المطلوب وعدم إهدار الجهود التى بُذلت. ثانيا: محاولة البعض تقسيم المجتمع إلى مدنى ودينى لا تصب فى مصلحة الوطن، وقد قضينا فترة طويلة بعد الثورة ومازال الجدل مستمرا فى هذه القضية التى يُصر البعض على تعميق هوة الخلاف من هذا المنطلق، أقول الجميع يعمل على أرضية المواطنة ومدنية الدولة، وليس هناك من الإسلاميين أو غيرهم من يدعو إلى دولة دينية. ثالثا: البعض ربما يحاول إرضاء أنصاره وأتباعه بإحداث حالة من الاستقطاب الحاد، ومحاولة المزايدة فى طريقة تعامله مع الدستور، كأنه هو الوحيد الحريص على مستقبل مصر دون غيره، وهذه نقطة شديدة الخطورة، وأتصور لو أننا أخلصنا النوايا وأحسنا الأفعال لما حدث هذا الاستقطاب. رابعا: من حين لآخر تظهر مناوشات رجال النظام السابق، فى محاولة منهم لتعكير الأجواء، وإثارة المشكلات بين أبناء الوطن، ويستغلون هذه الخلافات ليصدروا الأزمات فى المجال العام، ومن ثم وجب على الرئيس مرسى السعى الدؤوب لاستبعاد كل من له علاقة بالفساد من كل مؤسسات الدولة. خامسا: هناك ملاحظة أرى أنها جوهرية، وهى أن بعض المعترضين على مسودة الدستور الحالية لم يقرؤوا المسودة بعناية، والذى يغلب عليهم اتخاذ مواقف مسبقة نتيجة للخلاف السياسى من جانب، ولأن البعض غير موجود داخل الجمعية ممن يرى أنه الأحق بالتمثيل من جانب آخر. سادسا: البعض يطرح فكرة الدستور المؤقت كمخرج لحل أزمة الجمعية التأسيسية للدستور، وأنه فى حالة عدم التوافق الوطنى الموجودة حاليا فالدستور المؤقت يساعد على تخطى مأزق التوافق الفكرى لأنه لا مجال لتأخير الدستور أكثر من ذلك، لأن ذلك معناه عدم وجود برلمان منتخب فى الفترة القادمة، وبذلك تركز السلطة التشريعية فى يد الرئيس محمد مرسى، وهو الأمر الذى ترفضه كل القوى السياسية. سابعا: إن القارئ للمشهد الحالى يعلم أنه أصبح هناك معسكر للقوى الوطنية والسياسية والحزبية به خلافات وجدت الآن لأسباب واهية، وهذه الخلافات أنشأت معسكر «النظام السابق»، والذى بدأ فى التجمع لقيادة الثورة المضادة، أملا منه فى إجهاض الثورة ومن ثم العودة إلى الحكم مرة أخرى، وبناء عليه يجب التركيز فى هذه الفترة على الخروج من هذا المأزق الذى أدخلنا فى قضايا فرعية وزاد من حدة الانقسام والاستقطاب، وصرفنا عن تحقيق باقى إنجازات الثورة.