يبدو أن توأماً لبنانياً متماثلاً قد نجح فى ارتكاب "الجريمة الكاملة" فى ألمانيا، حيث أفرجت عنهما الشرطة أخيراً بسبب استحالة إثبات أيهما صاحب الحمض النووى الذى عثرت عليه بموقع جريمة السطو التى شهدها "KaDeWe" أكبر وأشهر المحلات التجارية الألمانية. وترجع القصة إلى شهر يناير الماضى، حيث تعرضت واحدة من كبرى المحلات التجارية فى برلين إلى سرقة مجوهرات تقدر قيمتها بخمسة ملايين يورو. وبعد عدة أيام من وقوع الحادث، استدعت الشرطة التوأم اللبنانى المتطابق حسن وعباس، البالغين من العمر 27 عاما، ووجهت لهما تهمة السرقة. وكان الدليل الذى ارتكزت عليه فى الاتهام هو بصمة الحمض النووى (دى ان ايه) التى عثرت عليها الشرطة بمكان الجريمة، والذى اثبت فحصه أنه يخص أحد الأخوين. وبما أنهما توأم متطابق فإن بصمة الدى ان ايه تصبح بدورها متطابقة، ومن ثم يستحيل تمييز الجانى بينهما. وهكذا وجد المحققون أنفسهم أمام معضلة حقيقية : أى من التوأم هو مرتكب السرقة؟ الأمر الذى اضطر النيابة للإفراج عن الاثنين فى النهاية. وقد فسرت نيابة برلين قرار الإفراج عن التوأم بأن الأدلة التى حصلت عليها الشرطة تشير إلى اشتراك واحد فقط من الأخوين فى جريمة السرقة، إنما المشكلة ظلت فى تحديد من منهما هو مرتكب السرقة بسبب تطابق الحمض النووى للتوأم المتطابق، والذى تم فحصه من خلال نقطة عرق على سطح قفاز عثرت عليه الشرطة بمكان السرقة. الأمر الذى جاء لصالح التوأم، إذ اعتقدت النيابة فى قيام أحد الجناة الحقيقيين بوضع الدى ان ايه الخاص بالتوأم فى موقع الجريمة لإلصاق التهمة بهما، لكن يظل التوأم هما المشتبه بهما الرئيسيين فى تلك القضية. وقد آثر الأخوان حسن وعباس التزام الصمت التام أمام الشرطة، الأمر الذى فسره محاميهما بأنه لا يعنى بالضرورة إخفائهما شيئا ما، إنما هما يستخدمان فقط حقوقهما القانونية. وفى أعقاب الإفراج عنهما، صرح الأخوان عن فخرهما بدولة القانون فى ألمانيا وأعربا عن شكرهما للمحققين، كما لو كانا يسخران منهم، وفقاً للصحيفة. وتصدرت واقعة السرقة التى وقعت فى 25 يناير الماضى صفحات الجرائد الألمانية، إذ يعد "KaDeWe" أحد الأسماء الأسطورية فى تاريخ برلين، حيث اندفع إليه أهالى ألمانياالشرقية بعد سقوط سور برلين، لأنه كان رمزاً للمجتمع الاستهلاكى الغربى. ويعمل 2000 شخصا بهذا المكان الذى احتفل فى 2007 بمئويته. ومن الواضح أن الجناة كانوا على دراية تامة بالمكان، حيث تؤكد الصحافة الألمانية أن المسروقات كانت من ضمن أغلى المجوهرات ثمناً من الذهب والماس، وأن عملية السرقة تمت على يد ثلاثة أشخاص، وفقاً لتسجيلات فيديو المراقبة بالمكان. ومن جانبه، يشير مارتن وينكل، الخبير فى جرائم السطو، إلى احتمال أن تكون عصابة من المحترفين قد استخدمت التوأم لتدبير تلك السرقة، وأنها هى من تدير الأمر برمته فى الخفاء. وفى حال كان هؤلاء المحترفون قد انتقوا عن قصد هذا التوأم المتماثل لتضليل الشرطة، فإن اختيارهم، كما يصفه وينكل، هو اختيار مكيافلي بلا شك. لاتزال المسروقات مفقودة، ولايزال البحث مستمر عن الشريك الثالث فى هذا السطو، فى محاولة لفك لغز القضية التى حيرت الشرطة الألمانية.
