قال الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجرى، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة –إيسيسكو-، إن الظروف الإقليمية والدولية الحالية، تبعث القلق على المصير الذى تسير إليه البشرية خلال هذه المرحلة من التاريخ. وأشار إلى أن مصدر هذا التوتر الذى يؤرق الضميرَ الإنسانىّ، ويهدد السلم والأمن الدوليين، هو الإعراض عن الالتزام بالقوانين الدولية، والتجافى عن العمل بالمبادئ والقيم التى بشرت بها الرسالات السماوية، وحملتها الثقافات والحضارات الإنسانية المتعاقبة، وغلبة روح الهيمنة والتصارع على مناطق النفوذ والاستحواذ على المصالح. وأشار فى كلمة ألقاها بالأمس فى مدينة باكو عاصمة جمهورية أذربيجان، فى افتتاح الدورة السنوية الثانية لمنتدى باكو الدولى الإنسانى، بحضور الرئيس الأذربيجانى، السيد إلهام علييف، إلى أن المشاكل الإنسانية تزداد خطورتها فى عصر العولمة وفى مرحلة ما بعد الحداثة، بينما كان منطق الأشياء يقضى أن تجد هذه المشاكل العويصة سبيلها إلى الحل، لتستقر أوضاع العالم، ولتعيش الإنسانية فى سلام يعمّ أرجاء الأرض. وهو ما يفرض على الصفوة الراقية من النخب فى مختلف المجالات التى تشارك فى أعمال المنتدى، أن تتضافر جهودها لاتخاذ موقف موحّد يمهّد الطريق نحو مستقبل أكثر أمنًا وعلاقات أكثر إنسانية، وأن يكون عامل ضغط أخلاقى على صنّاع القرار وموجّهى الرأى العام فى العالم، لتدارك الأوضاع قبل حدوث الانهيار الذى سيؤثر على جميع شعوب العالم دون استثناء. وأكد أن بناء التنمية الاقتصادية فى إطار القيم الإنسانية، هو الهدف الرئيس الذى يتطلب منا جميعًا تقوية التعاون الدولى على جميع المستويات، من أجل إضفاء الروح الإنسانية على العولمة، للحدّ من جموحها المندفع فى اتجاهات غير مأمونة، لنرسم الخطوط العريضة للمستقبل على أساس من الإدارة الجيّدة، والحكم الرشيد، والعلوم المبدعة، والتقدم الذى يصنع الحضارة الإنسانية الجديدة. وقال المدير العام للإيسيسكو "إن احترام التنوع الثقافى الخلاق فى إطار التعددية الحضارية، هو المدخل الرئيس لتعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات، وإذا كانت الخصوصيات الثقافية والحضارية للشعوب فى عصر العولمة مهددة فى الصميم، فهذا مؤشر إلى أن العالم اليوم فى حاجة إلى الإصلاح، وأن العولمة فى حاجة إلى ترشيد، وأن السياسة الدولية بصورة عامة، فى حاجة إلى مراجعة نافذة بناءة بفكر إنسانى جديد، وبروح التوافق والاعتراف بالآخر، ووضع القوانين التى تجرّم الإساءة إلى الأديان والرموز الدينية والثقافات، وتؤكد على احترام حقوق الإنسان وكراماتهم، والتمييز بين حرية التعبير المطلوبة وبين حرية التشهير المرفوضة". وحذّر من أن السير فى الطريق المعاكس سيؤدى إلى المزيد من التدهور فى أوضاع العالم، وإلى ازدياد بؤر التوتر وارتفاع موجات الكراهية والعنصرية والتمييز والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان. وأشار فى كلمته إلى أن الإيسيسكو تولى قضايا الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات الاهتمامَ البالغ من خلال طرح الرؤية الإسلامية الحضارية إلى الحوار على شتى المستويات، أمام المجتمع الدولي، معبرة ً بذلك عن موقف الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى التى وضعت على عاتقها هذه المسؤولية انطلاقاً من أن الحوار هو سبيل العقلاء واختيار الحكماء. وبالحوار، لا بالصدام والصراع، يمكن تسوية المشاكل الكبرى التى تهدد الأمن والسلم الدوليين. ولكنه الحوار الذى يقوم على أساس متين من ميثاق الأممالمتحدة، والإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والعدل والإنصاف. وأضاف قائلاً: "إن التنوع الثقافى الخلاق الذى يغنى الحضارة الإنسانية، هو مصدر القوة الذاتية للأمم والشعوب، وهو خط الدفاع عن الكرامة والعدالة وحقوق الإنسان. ولذلك فإن الحوار الذى ينطلق من الاحترام لهذا التنوّع الثقافى المبدع، من شأنه أن يفتح أمام الإنسانية أفاقًا واسعة للاستقرار والأمن والسلام. وهذا المنتدى مدعوٌّ إلى أن يقوم بدور مهم فى هذا الاتجاه، من أجل تعزيز قيم الحوار الثقافى والحضاري، ونشر ثقافة السلام العادل، لا السلام الخادع المفروض قسرًا على الشعوب المحتلة المضطهدة".