جالسنى عندما عم الهدوء المكان، وساد السكون كل الأركان، قال بصوت متحجر، بعد أن ظهرت على وجهه زخات سياط التأنيب التى جلد بها ذاته، لقد تسببت فى موته؛ لأننى لم أستطع إدخال أنبوب الهواء فى حلقه قبل أن يغرغر، قلت له مطمئنا أيها الطبيب الشاب لا تقرن فلسفة الموت بأسباب الحياة، ولا تقرن أسباب الحياة بفلسفة الموت فشتان بينهما، آنئذٍ انشرح صدره وزال همه وأخذ نفسا عميقا، ثم قال: الآن إذًا يراودنى النوم عن نفسى وإذا نظرنا للأسباب التى أدت إلى تقارب الأرقام وضآلة الفارق بين المرشحين نجدها تتلخص فى الآتى: 1. عدم وجود رأس للثورة المصرية أو قيادة تُجمع خلفها كل القوى الثورية. 2. عدم توحد القوى الثورية حول مرشح بعينه، وتباين وجهات نظرهم فى المرشحين المتقدمين للمنصب. 3. احتشاد الكثير من القوى المضادة للثورة خلف مرشح واحد (مع احترامنا له) من الجولة الأولى، وهو ما جعل نجاحه فى الجولة الأولى ووصوله للإعادة أمراً غير مستغرب. 4. عزوف كثير من الناخبين وامتناعهم عن الإدلاء بأصواتهم مقاطعة منهم للعملية الانتخابية التى لم يجدوا فيها مرشحهم الذى يتمنون. 5.وجود أفواه إعلامية مضللة تعمل على التأثير على الناخبين وتلعب على بساطة العامة من الناس. أسباب جعلت الفارق الضئيل بين المرشحين فى جولة الإعادة يفقدنا الأمل فى إكمال مسيرة التغيير نحو الأفضل، وذلك عندما كنا نرى انتشاء الفريق الآخر بالنصر المزيف. ولأنه لم ينته الأمر عند انتخاب رئيس الدولة، ولأن هناك العديد من المراحل التى تتطلب توعية الناس للقيام بواجبهم نحو اختيار الأفضل، فإننا نذكرهم بأن هناك إعادة لانتخابات مجلس الشعب أو على الأقل ثلثها الفردى، وأن هناك انتخابات المجالس المحلية، وأيضا ربما بعد صياغة الدستور الجديد تكون هناك انتخابات رئاسة أخرى، كل ذلك يستدعى الانتباه، فالجولات القادمة كثيرة، وطالما لم يقضِ الشعب على الفلول بالضربة القاضية، فإنه يمكنه أن يطرحهم أرضاً، ويثبتهم فى وضع لمس أكتاف، ويفوز عليهم بنظام الجولات، فما زال للفلول فرص للعودة فى الجولات القادمة.