لقد باع لنا الإخوان الترماى حين أقنعونا بمشروع النهضة واكتشفنا حين صحونا من غفوتنا أننا نقبض على الريح، وأن البضاعة التى اشتريناها هى بضاعة بائرة ما كان لعاقل أن يشتريها أو يقنعه بها تاجر مهما بلغت درجة شطارته. صديقى المهندس: ما تقوله غير صحيح فمشروع النهضة مشروع متكامل يستطيع أن ينقل مصر إلى مصاف الدول المتقدمة خلال سنوات قليلة، ولكن الشعب غير مؤهل لذلك : أى شعب تقصد؟ صديقى المهندس: الشعب المصرى : وكيف حكمت على الشعب المصرى بهذا الحكم القاسى بدون أن تبدأ خطوة واحدة فى مشروع النهضة صديقى المهندس: الشعب هو من يجب عليه أن يبدأ الخطوة الأولى : (مندهشاً) ولكنه مشروعك أنت، حين قدمته لنا أقسمت جهد أيمانك أنك تستطيع تنفيذه صديقى المهندس: وأنا عند عهدى ووعدى فأنا لم أخلف عهداً، ولا وعداً قطعته على نفسى أبداً، ولكن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت ليكون الشعب قادراً على استيعاب مشروع النهضة : ومتى يكون الشعب قادراً على ذلك؟ صديقى المهندس: حين يؤمن الشعب بمشروع النهضة : وكيف يؤمن الشعب بمشروع لم يره أمامه ولم يلمسه بيده ولم يشاهد له أسسا أو ملامح صديقى المهندس: المشروع واضح الملامح وراسخ الأسس : أنا لا أرى أى مشروع أنت تتحدث عن شبح لا يراه غيرك صديقى المهندس: أنت تشكك فى وجود مشروع النهضة؟ : ساعدنى كى أصدقك صديقى المهندس: لا أستطيع مساعدتك، أنت من يجب أن يساعد نفسه ويؤهل نفسه لاستيعاب مشروع النهضة : قل لى ماذا أفعل وسوف أفعله بالحرف الواحد صديقى المهندس: تصلح من نفسك : ولكن مشروع النهضة مشروع اقتصادى وليس مشروعاً لإصلاح النفس صديقى المهندس: المشروع يرتبط بإصلاح الفرد ثم إصلاح الأسرة ثم إصلاح المجتمع : هذا كلام نظرى لا ينبنى عليه عمل وسنظل ندور فى دائرة مفرغة لا نهاية لها صديقى المهندس: أنت تتعجل الأمور فبناء الأمم يحتاج إلى جهد ومثابرة ووقت طويل : ولكنى لا أراك تبذل أى جهد، كل ما فعلته هو أنك بعت لنا وهماً صديقى المهندس: (غاضباً) مشروع النهضة ليس وهماً فقد قضيت سنوات طويلة فى إعداده وأنا حزين أن المشروع حبيس الأدراج تعال معى وشاهده بنفسك. (ذهبت وصديقى المهندس إلى مكتبه الفخيم ليفتح درجاً ويخرج منه ملف كبير يحوى ألاف الأوراق عليه عنوان من الخارج مكتوب بماء الذهب "مشروع النهضة"، وضعه أمامى بثقة وتحدى، تصفحت الملف لأجد آلافا من الأوراق البيضاء الخالية من أى خط أو رسم).