وزير الخارجية يؤكد ضرورة وقف إطلاق النار فى قطاع غزة ودخول المساعدات    الاتحاد من أجل المتوسط: مؤتمر الاستجابة لغزة عكس مواقف مصر نحو القضية الفلسطينية    وزير الخارجية الأمريكي: لن نسمح لحماس بتقرير مصير غزة بعد انتهاء الحرب    بعد غياب 34 يوما| الأهلي جاهز لعودة الدوري بمواجهة فاركو غداً    رغم أزمته مع لجنة الحكام، قمر الدولة يحكم مباراة الحدود ومنتخب السويس    اتحاد الكرة يرد على تصريحات رئيس إنبي    "يورو 2024".. بطولة تحطيم الأرقام القياسية    أخبار مصر.. تأجيل محاكمة سفاح التجمع الخامس ل16 يوليو فى جلسة سرية    تسلل ليلًا إلى شقتها.. ضبط المتهم بقتل عجوز شبرا لسرقة ذهبها وأموالها    سفير مصر بالكويت: حالة المصاب المصرى جراء حريق عقار مستقرة    محمد الشرنوبي يطرح أغنيته الجديدة "استغنينا" (فيديو)    وزارة الصحة تتابع مشروع تطوير مستشفى معهد ناصر وتوجه بتسريع وتيرة العمل    جامعة بنها ضمن أفضل 10 جامعات على مستوى العالم    البنك الأهلي يحصل على شهادة ISO 9001 في الامداد اللوجيستي من المواصفات البريطانية    يورو 2024| ألمانيا يبدأ المغامرة وصراع ثلاثي لخطف وصافة المجموعة الأولى.. فيديوجراف    إجازة المشاهير| «وفاء» هتحضر أكلة شهية و«نبيلة» هتفرق العيدية    السبت أم الأحد..الإفتاء تحدد موعد وقفة عرفة رسميًا    بلغت السن المحدد وخالية من العيوب.. الإفتاء توضح شروط أضحية العيد    ندوة مركز بحوث الشرطة لمواجهة الأفكار الهدامة توصى بنشر الوعي والتصدي بقوة للشائعات    مجدي البدوي: «التنسيقية» نجحت في وضع قواعد جديدة للعمل السياسي    أبو الغيط: استمرار الصراع فى السودان سيؤدى إلى انهيار الدولة    بلينكن: نعمل مع شركائنا فى مصر وقطر للتوصل لاتفاق بشأن الصفقة الجديدة    المدارس المصرية اليابانية: تحديد موعد المقابلات الشخصية خلال أيام    حملات مكثفة بالإسكندرية لمنع إقامة شوادر لذبح الأضاحي في الشوارع    مسئول أمريكي يشيد بجهود مصر لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة وإعادة تأهيلهم    7 نصائح للوقاية من مشاكل الهضم في الطقس الحار    محافظ المنيا يشدد على تكثيف المرور ومتابعة الوحدات الصحية    القوات المسلحة توزع كميات كبيرة من الحصص الغذائية بنصف الثمن بمختلف محافظات    بالأسعار.. طرح سيارات XPENG الكهربائية لأول مرة رسميًا في مصر    مبابي: أحلم بالكرة الذهبية مع ريال مدريد    "سيبوني أشوف حالي".. شوبير يكشف قرارا صادما ضد محترف الأهلي    10 آلاف طن يوميًا.. ملياردير أسترالي يقترح خطة لإدخال المساعدات إلى غزة (فيديو)    مراسل القاهرة الإخبارية من معبر رفح: إسرائيل تواصل تعنتها وتمنع دخول المساعدات لغزة    جامعة سوهاج: مكافأة 1000 جنيه بمناسبة عيد الأضحى لجميع العاملين بالجامعة    أسماء جلال تتألق بفستان «سماوي قصير» في العرض الخاص ل«ولاد رزق 3»    وفاة الطفل يحي: قصة ونصائح للوقاية    القوات المسلحة تنظم مراسم تسليم الأطراف التعويضية لعدد من ضحايا الألغام ومخلفات الحروب السابقة    إصابة 3 طلاب في الثانوية العامة بكفرالشيخ بارتفاع في درجة الحرارة والإغماء    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    الجلسة الثالثة من منتدى البنك الأول للتنمية تناقش جهود مصر لتصبح مركزا لوجيستيا عالميا    أيمن عاشور: مصر تسعى لتعزيز التعاون مع دول البريكس في مجال التعليم العالي والبحث العلمي    مساعد وزير الصحة لشئون الطب الوقائي يعقد اجتماعا موسعا بقيادات مطروح    «أوقاف شمال سيناء» تقيم نموذج محاكاه لتعليم الأطفال مناسك الحج    وزير الإسكان يوجه بدفع العمل في مشروعات تنمية المدن الجديدة    عفو رئاسي عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة عيد الأضحى 2024    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح المسوّق بالكامل لشركة «أرامكو» بقيمة 11 مليار دولار في سوق الأسهم السعودية    «الأوقاف» تحدد ضوابط صلاة عيد الأضحى وتشكل غرفة عمليات ولجنة بكل مديرية    الأرصاد تكشف عن طقس أول أيام عيد الأضحي المبارك    رئيس الحكومة يدعو كاتبات «صباح الخير» لزيارته الحلقة السابعة    "مقام إبراهيم"... آية بينة ومصلى للطائفين والعاكفين والركع السجود    اليونيسف: مقتل 6 أطفال فى الفاشر السودانية.. والآلاف محاصرون وسط القتال    نصائح لمرضى الكوليسترول المرتفع عند تناول اللحوم خلال عيد الأضحى    وزير الدفاع الألماني يعتزم الكشف عن مقترح للخدمة العسكرية الإلزامية    حبس شقيق كهربا في واقعة التعدي علي رضا البحراوي    النمسا تجري الانتخابات البرلمانية في 29 سبتمبر المقبل    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    «اتحاد الكرة»: «محدش باع» حازم إمام وهو حزين لهذا السبب    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 12-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية مصر والنيل والدكتور زويل
نشر في اليوم السابع يوم 09 - 09 - 2012

لو حكينا أيها السادة نبتدى منين الحكاية؟ ربما يجب أن تَبْدأ من عند الاسم الأخير فى هذا العنوان، وهو الدكتور زويل، وحكايته معى التى أظنها هى جزءًا من الحكاية مع كل المصريين، فمنذ سنوات صحا المصريون على خبر ترشح عالم مصرى - يعيش فى أمريكا - لجائزة نوبل عن أبحاثه واكتشافه للفيمتو ثانية، وأزعم أننى وأغلب المصريين لم نكن نعرف الرجل، ولا نعرف حتى قيمة الثانية فى الوقت حتى نعرف الفيمتو ثانية، ولكننا فرحنا وحفظنا اسم العالم المصرى المهاجر لبلاد العم سام، واعتبرنا الجائزة التى حصل عليها والتى تحسب لأمريكا ومَعَاملها هى جائزة تخصنا أكثر من أمريكا.
ومصر والمصريون فى زمن الهزائم دائمًا ما يتباهون حتى لو كان بشعر بنت أختهم، وزاد فخرنا وحبنا للعالم المصرى حين حضر لمصر فى زيارات متعاقبة وظهر فى الإعلام كرجل شديد التواضع ومتحدث محبب للنفس حتى أصبح حلم كل أب وكل أم أن يروا أبناءهم فى يوم ما مثل زويل.
وتكررت زيارات العالم الكبير للبلد الأم، ما جعلنا نشعر بأن فخرنا بالرجل فى محله رغم أن نوبل محسوبة حين حصل عليها لأمريكا ومَعَاملها وجامعاتها، بل بدأ الحلم يراود الجميع فى إمكان تحقيق طفرة علمية فى مصر، حين عرض الرجل فى وسائل الإعلام حلمه بإنشاء مدينة علمية، وقابَلَ مبارك آنذاك، وراحت الأخبار تتواتر بقرب تحقيق الحلم، ولكن كانت مجرد أخبار، ولم يتعدَّ الأمر ذلك، بل قيل وقتها: إن البيروقراطية العتيدة وعدم الاهتمام بالعلم والعلماء طفَّشَا الرجل وذهب لتحقيق أحلامه فى قطر.
ولكن ظل زويل على علاقة بمصر وصار له مسئول إعلامى يورد أخباره وصوره ومؤتمراته وتكريماته عبر العالم إلى المصريين الذين أحبوه، وللحق كنت أرى أحيانًا إفراطًا فى ظهوره الإعلامى، بل تعدى الأمر ذلك، فقد شعرت بأن العالِم الجليل بهرته أضواء مصر الاجتماعية والفنية وانبهار الناس ومشاهير الفنانين به فصار ضيفًا ووجهًا مألوفًا فى افتتاح فيلم أو افتتاح حفل، وإن لم أرَ ذلك فى حينه نقيصةً فى زويل بقدر ما رأيته نقيصةً فى مصر التى تستغل العلماء اجتماعيًّا وليس علميًّا، وفسرته أيضًا بأن زويل فى أمريكا مجرد عالم بين آلاف العلماء، لا تسعى مثلاً أنجلينا جولى لالتقاط صورة معه، ولا تجرى وراء لقائه أوبرا وينفرى، وبالتالى فقد وجد فى مصر ما يفتقده فى أمريكا، والعكس صحيح.
ولم أكن لأوجه لومًا أو انتقادًا لزويل فيما سبق ذكره، ولكن حين قررت أن أحكى فالشىء بالشىء يذكر، وحدثت ثورة يناير وأحداثها، ووجه زويل خطابًا للأمة المصرية، فبدا لى وقتها كما بدا لغيرى أن الرجل قرر، أو أشار عليه أحد بأن عليه أن يأخذ دورًا فى المرحلة الجديدة، ولم يكن بالتأكيد دور العالم؛ بل دور السياسى، وبالفعل بدأ الحديث من هنا ومن هناك عن إمكانية أن يرشح زويل نفسه للرئاسة، ولكن جنسيته الأمريكية حالت دون ذلك.
ولم يكن زويل كما بدا يمكن أن يخرج من المشهد المصرى المرتبك، فدار مرة أخرى الحديث عن المدينة العلمية وضياعها بسبب فساد نظام هوى، فخرجت فكرة المدينة العلمية والجامعة، وهنا يتقاطع اسما "مصر" والنيل" مع اسم زويل، فمثلى مثل كل المصريين أو أغلبهم قرأنا خبر الموافقة على مدينة زويل العلمية التى تساءلت: لماذا تكون باسم زويل وليست باسم مصر وتُسمى قاعة مثلاً باسم العالم الجليل؟ ولم يكن هناك ما يفسر هذه التسمية بالنسبة لى على الأقل إلا رغبة فى تخليد وزعامة.
وهنا تظهر كلمة جامعة النيل التى لم يكن يعرف عنها أغلب المصريين إلا أنها مشروع طرحه رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف، وبالتالى نالها من سوء السمعة والفساد ما نال العصر الذى ظهرت فيه، والحق أن جامعة النيل - لمن لا يعرف - جامعة مصرية أنشأتها مؤسسة ذات نفع عام، ووافق المجلس الأعلى للجامعات على تحويلها لجامعة أهلية، إذًا هى ملك للشعب، والأهم أنها مشروع علمى وتعليمى قائم منذ ثمانى سنوات، به عشرة برامج للدراسات العليا وستة مراكز بحثية، بالتعاون مع مراكز بحثية عالمية، وهى منظومة تعليمية اعتمدت على دعم المتفوقين بمنح دراسية كاملة، وتجذب أوائل الجامعات وتمنحهم راتبًا شهريًّا إضافة لمنحتهم الكاملة ليكونوا مساعدين فى الأبحاث، وخرجت أكثر من 50 باحثًا تخطَّفتهم الجامعات العالمية لدرجة الدكتوراه، هذه الجامعة المحترمة، حتى لو كان صاحب فكرتها هو الشيطان نفسه، لماذا يسطو على أرضها ومعاملها ويسحب تمويلها الدكتور العالم زويل، ويتم استنزاف العاملين بها وطلبتها لمدة 18 شهرًا ويتنازل بعضهم عن راتبه، ويأتى آخرون تطوعًا للمساعدة فى تعليم طلبتها، وتتقاعس هيئات كانت تدعمها انتظارًا لأمر الحكومة فى الوقت الذى تملأ الفضائيات إعلانات لجمع إعانات لجامعة زويل التى احتلت المكان؟.. لماذا؟
رجل عالم يحترم العلم والتعليم؛ لماذا يأتى ليهدم صرحًا قائمًا من أجل صرح يحمل اسمه، ويجمع مالاً من الشعب دعمًا لهذا الصرح، بينما هناك بالفعل جامعة قائمة كان يمكن أن يعتبرها نواة يبنى عليها ولا يهدمها؟.. لماذا؟ كل الإجابات للأسف ضد الدكتور زويل، بل أكاد أجزم بأن جينات زويل المصرية أصيلة رغم جنسيته الأمريكية، فهى تعود لعصر الفراعنة حين كان يأتى فرعون جديد فيهدم معابد سلفه ويبدأ فى بناء معابد أخرى، صفة اكتسبها الأبناء والأحفاد المصريون فى السياسة، ولكن هل يصح أن يكتسبها العلماء الذين يُعلمون الشعوب أن العلم سلسلة مترابطة بين الماضى والحاضر والمستقبل؟
يبدو لى كما لأىِّ عاقل دون تحيز أن الدكتور زويل نسى دور العالم والباحث الذى لا يمكن أن ينفرد بالمعمل ويحتاج لفريق عمل، ويسير على نهج الساسة المصريين "بتوع انسف حمامك القديم"، وإن كان الدكتور زويل كذلك فأين حكومة مصر المكونة فى أغلبها من أساتذة جامعة ورئيسهم، وهو شخصيًّا أستاذ جامعى؟ كيف يساهمون فى بداية عهدهم بإغلاق صرح علمى حتى لو كان فى مقابل آخر، وحتى لو كان من صنيع الأعداء من النظام السابق؟ وكيف يوافق المفتى رجل الدين والفيصل للأمة فى الحلال والحرام على أن يظهر فى إعلانات تروج لهدم صرحِ علمٍ؟ وسؤال أخير: بكم تبرع الدكتور زويل من أجل هذه الجامعة المزعومة؟ وهو سؤال من حقى كمصرية، فإذا قرر رجل - أى رجل - أن يردم النيل ومصر من أجل اسمه فعلىَّ أن أسأل: كم دفع؟ أم أن الهدم والبناء لهم؛ والدفع علينا نحن الشعب؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.