تعرض الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، فى خطبته اليوم، للموضوع المثار مؤخرا حول ملك اليمين، حيث أكد أن الهدف من وراء إثارة هذا الموضوع هو البلبلة والتشويش على الناس فى دينهم، قائلاً: "إنه شىء تعودنا عليه من أعداء الإسلام عبر القرون، ونحن لا ننساق وراءه وإنما علينا أن نبين ونوضح"، مؤكدًا أن الإسلام لاقى عبر مسيرته الغراء المنيرة الكثير من التشويهات والتخرصات والشبهات وحورب بكل طريقة، فحورب فى ثقافته وحورب فى اقتصاد أهله وحورب فى أرضه، ومازال يحارب إلى يومنا هذا. وأضاف مفتى الجمهورية، فى خطبة الجمعة بمسجد فاضل بمدينة السادس من أكتوبر، أننا نشهد كل حين تكرارًا لتلك الأكاذيب وإعادة لهذه الشبهات وكأنها لم يرد عليها وكأنها لم تكذب، فهى نوعًا من تلبيس إبليس، أى إلباس الحق بالباطل. وأوضح جمعة أن الإسلام قد جاء إلى العالم وكان نظام الرق قائما فى كل بقاع الأرض، وهو نظام يعنى أن يستعبد إنسان إنسانا آخر، فيصير هذا الرجل أو المرأة كالشىء الذى يجوز بيعه ويجوز توريثه، ووصل الحال عند الرومان أنهم كانوا يدربون أبناءهم على السهام ويجعلون العبيد هم الهدف. وأضاف مفتى الجمهورية: "كان للرق موارد أربع، منها رقيق الدين أى أنه إذا كان لى دين عند إنسان وعجز عن السداد فأنا أمتلك هذا الإنسان، وإذا كان الدين أكبر من قيمة هذا الشخص فإننى أمتلك أبناءه وزوجته، وهناك مورد الخطف، وهو أن يُخطف رجل أو امرأة أو طفل ويتم بيعه، فجاء الإسلام وجعل ذلك من الفساد فى الأرض وحرم ذلك، بالإضافة إلى مورد الجوع، أى إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يطعم أبناءه فإنه يبيعهم، وهو ما يحدث إلى اليوم فى الهند، وهو ما حرمه الإسلام أيضا، فحرم قتل الأبناء أو بيعهم، وكان من موارد الرق الحرب والأسر، فأبقى الإسلام على صورة الرق من الحرب "أسرى الحرب" وكان الإمام أو الخليفة هو سيد الأسرى، ويجوز له أن يستبدل بهم أسرى المسلمين، أو أن يردهم أو أن يضرب عليهم الرق، وأمرنا الإسلام أن نعتق الرقيق ونعتق العبيد، وجعل تكفير الذنوب بعتق الرقاب"، أى أن الإسلام جاء فأغلق ثلاثة موارد للرق وأبقى على واحدة وقيدها، وفتح بابا للعتق حتى أصبح العتق تعبدا لله وتقربا إليه وتكفيرا عن الذنوب، مضيفا أن الشرع يتشوق إلى الحرية. وأشار مفتى الجمهورية إلى أنه فى القرن التاسع عشر، وبعد أن ضج الناس من سرقة الأمريكان للأفارقة والذهاب بهم إلى ليفربول واستعبادهم وإذلالهم، عقدت عدة اجتماعات لإلغاء الرق فى العالم أجمع، وفى أغسطس سنة 1877 انتهى الرق فى مصر، وأعلن عن حرمته وتجريمه، وأن من يمارسه يُحكم عليه بالأشغال الشاقة، وصدر القانون بذلك. وأكد د. على جمعة أن المرأة التى تأتى للرجل فتقول له ملكتك نفسى، وعاشرها معاشرة الأزواج فهو زنا حرام شرعا، فالحر لا يدخل تحت يد شخص آخر حتى برضاه، فلا يجوز أن أبيع أبنائى، فإذا بعتهم ظلوا أبنائى وظلوا أحرارا. وأضاف مفتى الجمهورية أن من يقومون بذلك يفترون على الله وعلى الإسلام وعلى المسلمين ويغيرون المسميات، فهو زنا ويسمونه ملك يمين، كل ذلك من عدوان المعتدين ومن تلبيس المفلسين ومن جهل الجاهلين، فمنذ أكثر من 153 سنة انتهى الرق فى العالم الإسلامى كله، قائلا: "إذا جاء أحد البطالين العاطلين يريد أن يتلاعب بالإسلام والمسلمين، فقولوا له خسئت وخسرت، والله من ورائك محيط، وهذا التلبيس إنما هو من قبيل الإفلاس". واختتم مفتى الديار المصرية خطبته، بالتأكيد على أننا نعيش فى عصور قد اختلط فيه العاطل بالباطل، ونطق فيه الرويبضة، أى الرجل التافه يتكلم فى الشأن العظيم.