الخوف مرض من الأمراض الخطيرة ذات العواقب الوخيمة، وهومرض روحانى ، تشعر به الروح فتتألم فتصاب بالرعب من شئ معين، ويجب أن نتعلم كيف نسيطر عليه، فكم من شخص دمر حياته الخوف وشل أركانه بالرغم من أن علاجه بسيط وسهل بأمر الله، ويمكن أن نقضى عليه فى داخلنا بالسيطرة عليه والتحكم فيه، وبالتحلى بقوة إيماننا بالله وذكر الله كثيرا، وكم من حالات كثيرة شفيت بأمر الله بكثرة ذكر الله وبقول ( لا إله إلا الله محمد رسول الله)، قال تعالى: ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) الرعد آية 28 صدق الله العظيم، فالخوف هومن الأسباب الرئيسية لكثير من الأمراض النفسية والروحانية والجسمانية والشعور بالخوف هو الذى يجعل الجسم مستعدا للتصرف، إما عن طريق الفرار من الموقف أو حماية نفسه باستخدام القوة الجسدية عندما يكون رد الفعل الخوفى أكبر مما يتحمله. وأسباب الخوف كثيرة، فمنهم من يخاف من غروب الشمس أو شروقها، ومنهم من يخاف من الإصابة من الجنون ومنهم من يخاف المرتفعات أو الأماكن المغلقة والتى سببت له من قبل فى إحداث الهلع الشديد، ويحاول تجنبها، ومنهم من يخاف من الوهم بأنه لن يعيش طويلا بحكم مرضه أو لقراءته لأخبار الحوادث كثيرا، ومنهم من يخاف المرض نفسه فيبتعد عن كل شئ ممكن أن يصيبه بالمرض ويقوم بغسل يده مرارا وتكرارا فرارا من المرض ( الوسواس القهرى ). ومنهم من يشعر بالذنب لاقتراف سلوك معين أو تخيله بأنه سلوك مشين وبسببه يقع تحت تعذيب الضمير الخلقى القاسى، والخوف من أن يكتشف ذلك، ومنهم من يخاف من آلام الفراق الذى يحدث عند المحبين فيخاف من حدوث هذه اللحظة، ومنهم من تعرض لموقف مرعب فى طفولته لا يناسب طفولته وعمره فيخاف منها، ومنهم من يخاف الموت أو يخاف الفقر فى المستقبل على نفسه وعلى أولاده، ومنهم من يخاف رئيسه فى العمل فيعيش فى خوف وقلق مستمر، ومنهم من يخاف القتال فى سبيل الله، والله أحق أن نخشاه قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَو أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ) النساء (77) فأسباب الخوف كثيرة ومتعددة، ومنه الخوف المرضى ومنه غير المرضى. والخوف المرضى: هو الذى يشنج العضلات والأعصاب ويضيق الأوعية ويسد الشرايين ويحفز غددا على إفراز هرمونات، وأكثر ضررا يسببه هو أنه يسبب آلاما حادة فى الصدر فى منطقة ما فوق المعدة وضيق فى التنفس ويفقد طعم وبهجة الطعام ويصبح الإنسان كالشبح، ويعسر النطق والقراءة ويوهن الجسم ويغمر كل طموح ويثبط كل آمال ويرى الدنيا غير الدنيا، ويتوهم أشياء كثيرة فى الحياة، ويرتفع ضغط الدم عنده ويصعب عليه النوم ليومين أو ثلاثة مما قد يفقده عقله، ويهول كل حلم له فى الحياة. ولكن هل ممكن أن يكون هناك نوع من الخوف يعد خوفا سوى أى غير مرضى؟ نعم هناك خوف دينى سوى منبعه الإيمان بالله ومنه الخشية من النار وعذابها ومن يوم مشهود مقدر وموعود، يحاسب فيه المرء على كل ما فعله صغيره وكبيرة، قال تعالى: ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إَِّلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) الكهف 49 صدق الله العظيم، وما من أحد يتمتع بطعم الحياة الحقيقية سوى ذاك الذى يكون مستعدا دوما لمفارقتها عاملا لها، فيشعر دائما بالاطمئنان النفسى بأن الله راض عنه ، قال تعالى :( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية فأدخلى فى عبادى وأدخلى جنتى )الفجر 30 صدق الله العظيم. ولكل إنسان شخصيته وتركيبته البشرية أى لكل فرديته ولكل درجات مقاومة للخوف، وما يريب هذا قد لا يؤثر ولا يحرك فى ذلك ساكنا، ومن الناس من انكسر عنده حاجز الخوف فلا يخاف الله فى شئ ويقتل ويسرق ويزنى ويخون وطنه وإخوته ويفعل كل ما يغضب الله والعياذ بالله ويتبع الشيطان حيث ذهب قال تعالى: ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا( الكهف/103-105( ونجد أيضا هناك من يعمل جاهدا وبكل ما يملك فى سبيل إرضاء الله والعمل بإخلاص وضمير حتى ينول محبته ورضاه، ولا يخش فى الحق لومة لائم فالله أحق أن يخشاه ولا يقع فى المعصية أبدا كى لا يبوء بغضب الله، ويحافظ على ذكره ورضاه.