الحكم الذى أصدرته محكمة القضاء الإدارى يوم الثلاثاء الماضى بوقف تنفيذ قرار الاجتماع المشترك للأعضاء المنتخبين فى مجلسى الشعب والشورى بتشكيل «الجمعية التأسيسية للدستور» من 100عضو، وبطلان هذا التشكيل وحله، حكم بالغ الأهمية لأكثر من سبب، فمن ناحية رفض الحكم الطعن بعدم الاختصاص، واعتبر قرار تشكيل الجمعية التأسيسية ليس عملاً من أعمال التشريع أو الرقابة، وإنما هو قرار إدارى يجوز الطعن عليه أمام مجلس الدولة، ومن ناحية ثانية أكد الحكم توافر ركن الجدية والاستعجال فى القضية، «فقرار تشكيل الجمعية التأسيسية قد صدر مخالفًا للمادة 60 من الإعلان الدستورى، لتجاوزه المهمة المحددة للاجتماع المشترك التى اقتصرت على انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية، كما يتوافر فيه ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها، تتمثل فى أن تشكيل الجمعية التأسيسية تم بالمخالفة للمادة (60) من الإعلان الدستورى، وأن المخالفات المتعلقة بالأحكام الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات العامة للمواطنين يتحقق معها دائمًا حالة الاستعجال التى تبرر وقف تنفيذ القرار الإدارى»، ومن ناحية ثالثة أدى الحكم إلى وجود فراغ دستورى وقانونى بحل «الجمعية التأسيسية» لصياغة الدستور الجديد، دون أن يحدد - بالطبع - أية آلية لتشكيل صحيح للجنة تأسيسية جديدة. وكما يبدو فهناك طريقان لا ثالث لهما، الأول أن يدعو المجلس الأعلى للقوات المسلحة الأعضاء غير المعينين فى مجلسى الشعب والشورى لاجتماع مشترك «لتشكيل جمعية تأسيسية حقيقية» من غير أعضاء السلطة التشريعية، شاملة لجميع فئات المجتمع، والثانى أن يتحمل المجلس الأعلى للقوات المسلحة مسؤوليته ويصحح من أخطائه، وذلك بإصدار تعديل على الإعلان الدستورى يوضح ويفسر المادة 60 ويضع معايير واضحة لتشكيل الجمعية من غير أعضاء مجلسى الشعب والشورى، ومحاولة إقامة عقبات أمام هذا الطريق الواضح الذى يحقق الديمقراطية والتوافق بالادعاء بأن المادة «60» غير قابلة للتعديل أو الإضافة، ادعاءُ مردودُ مردودًا عليه بأن المادة «60» فى الإعلان الدستورى لم تلتزم بنص المادتين 189 و189 مكرر المضافتين لدستور 1971 ضمن المواد التى جرى الاستفتاء عليها، فقد نصت المادة 189 على أنه «لكل من رئيس الجمهورية، وبعد موافقة مجلس الوزراء، ولنصف أعضاء مجلسى الشعب والشورى طلب إصدار دستور جديد، وتتولى جمعية تأسيسية من مائة عضو ينتخبهم أغلبية أعضاء المجلسين من غير المعينين فى اجتماع مشترك إعداد مشروع الدستور»، بينما نصت المادة «60» على اجتماع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى «بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم» مستبدلاً برئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ونصف أعضاء مجلسى الشعب والشورى المجلس الأعلى للقوات المسلحة! ومن يملك التعديل فى البداية يملك التغيير فى النهاية.