"إن الشعب الذي يحفظ تاريخه فهو يحافظ على هويته" جملة من جُمل كثيرة امتدحت التاريخ وعبرت عن ضرورته فى حياة الأمم، ومع تقدم وسائل التكنولوجيا تطورت معها نُظم التأريخ من الكتابة والنقش على جدران المعابد إلى القنوات التليفزيونية والمنصات التي سابقت فيها كل دولة بهدف تأريخ أحداثها وحفظها، وهو ما حدث مع دول سعي كل منها لامتلاك سلاحه عبر توثيق أحداثه بقنوات وثائقية. وهو ما أبرز أهمية تدشين الشركة المتحدة لقناة وثائقية بدأ بثها خلال العام الجارى، بالتزامن مع مرور نصف قرن على نصر أكتوبر الذى كان علامة فارقة في التاريخ المصري والعربى. وهو ما انتبه له القائمون على القناة جيداً، خلال هذا الأسبوع مع عرض أعمال في غاية الأهمية، بعدما كشفت النقاب عن خفايا عديدة للمرة الأولى وساهمت في تعزيز الشعور الوطنى بأهمية الانتصار الذى حققه أبطالنا منذ 50 عاما بفدائية عظيمة، وذلك عبر أعمال في منتهى الأهمية منها "من أرشيف الجبهة" الذي سلط الضوء هزيمة قوات الاحتلال الإسرائيلي أمام أبطال الجيش المصرى في محافظة السويس، ومع نشاط دبلوماسي واسع المدى، اضطرت قوات الاحتلال على التراجع من محافظة السويس. كما أوضح الفيلم الوثائقى، أن أبطال القوات المسلحة حطموا نظرية العدو في الحدود الآمنة وصفّوا ما تبقى له من غرور، بعد البطولات التي قدمتها القوات المسلحة ضد العدو الإسرائيلي. أيضاً استعرضت القناة تحت شعار "هوامش على دفتر النصر"، أقوال القادة السياسيين عن الحرب، وذلك استناداً لقادة إسرائيليين لعل أبرزهم دافيد إلعازار رئيس أركان الجيش الإسرائيلي والذى صرح خلال حرب أكتوبر بقوله: "لقد وقعنا في مصيدة خطة خداعية ذكية مصرية.. وابتعلنا الطعم الأول في خطة الخداع"، كما وصف ديان بقوله "لا يمكن لأحد مهما أوتي من أسلوب في الكتابة والتصوير أن يصور هزيمة بقدر ما يراها على وجه قائد مهزوم في تقديراته وخططه وتاريخه.. هكذا كان ديان". ولعل أبرز ما تم قيله من إلعازار وسيبقى طوال التاريخ عاكساً لقوة الجيش المصرى واستبساله خلال أكتور حينما قال : "اتضح لنا أن مصر برغم القتال الشرس والضاري والشديد.. تسير هدوء عجيب في تنفيذ خططها". كل ذلك وغيره من المفاجآت التي تكشف عنها قناة الوثائقية يوماً تلو الآخر جعل من القناة منبراً للإحتفال بمرور نصف قرن على انتصارات أكتوبر، وذلك بعدما صار كل لقطة من تلك الأعمال عن حرب أكتوبر منبعاً للفرحة بنصر لن يمحى من كتب التاريخ.
