الكنائس المصرية تصلي " الجمعة العظيمة "    ب16 توجيها.. محافظة الفيوم جاهزة لاستقبال ملفات التصالح في مخالفات البناء    «المركزية الأمريكية» تعلن توقف تركيب الرصيف العائم قبالة سواحل غزة مؤقتا لسوء الطقس    رغم إصرار نتنياهو على اجتياح رفح..رعب في الجيش الصهيوني بسبب صواريخ المقاومة    المحكمة الجنائية الدولية عن التهديدات ضد مسئوليها: يجب أن تتوقف وقد تشكل أيضا جريمة    "جي إس إم" للأبحاث: روسيا من أوائل الدول في الهجمات السيبرانية والإلكترونية    الأهلي ينهي تدريباته استعدادًا لمواجهة الجونة    عاجل.. سقوط أمطار وانخفاض الحرارة بعد الموجة الحارة.. الأرصاد تحذر من يومي الأحد والاثنين    اللحظات الأخيرة في حياة عروس مطوبس.. شيماء شتا ماتت بفستان الفرح    سام لحود مديرا لمسابقة الأفلام التسجيلية بالدورة ال40 من «الإسكندرية السينمائي»    حسن بخيت يكتب عن : يا رواد مواقع التواصل الإجتماعي .. كفوا عن مهاجمة العلماء ولا تكونوا كالذباب .. " أليس منكم رجل رشيد "    حديد عز يسجل انخفاضًا جديدًا.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024    سعر الريال السعودي نهاية تعاملات اليوم الجمعة.. يسجل 12.80 جنيه    أخبار الأهلي : اتحاد الكرة يعلن عن تطور جديد في أزمة حسين الشحات ومحمد الشيبي    علاء نبيل يكشف موعد دورات الرخصة «A» للمدربين    مولر يوجه رسالة هامة لجماهير بايرن ميونخ قبل مواجهة ريال مدريد    تنفيذ إزالة فورية لتعدٍّ بالبناء المخالف بمركز ومدينة الإسماعيلية    الصحة: تكثيف الرقابة على أماكن تصنيع وعرض وبيع الأسماك المملحة والمدخنة    أرقام جلوس طلاب الثانوية العامة 2024.. تعرف على الرابط والخطوات    احباط بيع 2 طن لحوم وكبدة فاسدة في القليوبية    كانت طمعانه في ذهبها.. القبض على قاتلة الحاجة عائشة وتقطيعها لأشلاء بالفيوم    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية ليس اتحادًا مسلحًا ولا بديلا للقوات المسلحة    المؤتمر الدولي لكلية الألسن بجامعة الأقصر يعلن توصيات دورته الثالثة    فريدة سيف النصر عن دور سُترة: لم أقدم أفضل ما لدي في «العتاولة» (فيديو)    هبة عبد الغني تطلب مشورة جمهورها.. ما القصة؟    مُنع من الكلام.. أحمد رزق يجري عملية جراحية في "الفك"    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    تخفيض 25% من المصروفات الدراسية للطلاب ذوي الهمم بدراسات عليا عين شمس    طعنه بمطواة.. المشدد 10 سنوات لمتهم شرع في قتل جاره بسبب "الجمعية"    مانشستر يونايتد يضع عينه على موهبة برشلونة    انتظروا الشخصية دي قريبًا.. محمد لطفي يشارك صورة من كواليس أحد أعماله    عمرو يوسف يكشف كواليس جديدة من «شقو» مع محمد ممدوح    محافظ الغربية يهنئ البابا تواضروس بعيد القيامة    إنجاز جديد.. ميار شريف تتأهل لنصف نهائي بطولة كتالونيا للتنس    التداوى بالغذاء لعلاج الإمساك المزمن    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    "لم يحدث من قبل".. باير ليفركوزن قريبا من تحقيق إنجاز تاريخي    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    الاستعدادات النهائية لتشغيل محطة جامعة الدول بالخط الثالث للمترو    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    الشكاوى الحكومية: التعامُل مع 2679 شكوى تضرر من وزن الخبز وارتفاع الأسعار    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    أحد المكرمين فى عيد العمال: الرئيس السيسى يولى اهتماماً كبيراً ورعاية لعمال مصر    دعاء يوم الجمعة المستجاب مكتوب.. ميزها عن باقي أيام الأسبوع    خطيب المسجد الحرام: العبادة لا تسقط عن أحد من العبيد في دار التكليف مهما بلغت منزلته    نشرة الحصاد الأسبوعي لرصد أنشطة التنمية المحلية.. إنفوجراف    جامعة دمنهور تشارك في ماراثون صحتنا في كوكبنا بالإسكندرية    خطبة الجمعة اليوم.. الدكتور محمد إبراهيم حامد يؤكد: الأنبياء والصالحين تخلقوا بالأمانة لعظم شرفها ومكانتها.. وهذه مظاهرها في المجتمع المسلم    قوات أمريكية وروسية في قاعدة عسكرية بالنيجر .. ماذا يحدث ؟    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    دليل السلامة الغذائية.. كيف تحدد جودة الفسيخ والرنجة؟    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    تعاون «مصري- يوناني» النسخة الجديدة مبادرة «إحياء الجذور – نوستوس»    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديمقراطية و"الحوار الوطنى".. بين تصدير النموذج واستلهامه
نشر في اليوم السابع يوم 21 - 08 - 2023

حالة من التنافر هيمنت على العلاقة بين الخطاب الدولي، الذي تبنته القوى الدولية الكبرى، خلال العقود الماضية، والذي اتسم بقدر كبير من المثالية والتنظير، حول منظومة القيم، التي أرستها الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب الأوروبي، والتي تراوحت بين الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية وحرية الرأي والتعبير من جانب، والممارسات السياسية التي اعتمدتها نفس القوى من جانب آخر، وهو ما يبدو في العديد من النماذج الدولية، خلال السنوات الماضية، بينما تجلى بصورة أكبر مؤخرا، مع تغير الظروف الدولية، وتصاعد الأزمات، وبزوغ قوى دولية جديدة لديها القدرة على مزاحمة النفوذ الأمريكي.

التنافر بين الخطاب والممارسات الدولية، بدا واضحا في العقود الثلاثة الماضية، في ظل "صراخ" القوى الكبرى دفاعا عن الديمقراطية في إطار من التعددية، على سبيل المثال، بينما سعت في الوقت نفسه على فرض، أو بالأحرى تصدير، نموذج بعينه على شعوب العالم، رغم اختلاف البيئة والظروف، إلى الحد الذي وصل إلى استخدام آلية الغزو العسكري، وما شابه من انتهاكات، ربما تعكس أهداف نتجاوز منظومة القيم، بل وتمثل انتهاكًا لها، على غرار ما شهدته العراق، إبان الغزو الأمريكي لأراضيها في عام 2003.

إلا أن تلك الحالة المتنافرة بين "المثالية" الخطابية، والممارسات، توارت إلى حد كبير وراء الهيمنه الأحادية، التي سيطرت على العالم إبان العقود الثلاثة الماضية، وهو ما يرجع في جزء كبير منه إلى غياب البديل، الذي يمكنه الوقوف في مواجهة القوى الدولية الحاكمة للنظام العالمي، فلم يكن هناك صوتا، أو بالأحرى خطاب دولي مناهض، يمكنه مناظرة واشنطن، والتي كانت لديها خيارات واسعة، لفرض رؤيتها، إذا فشلت في تمريرها عبر الأمم المتحدة، عبر تشكيل تحالفات، ولو شكلية، بهدف إضفاء شرعية بديلة لتلك التي تمنحها المنظمة الأممية، وهو ما حدث في العراق، عندما تجاهلت واشنطن رفض مجلس الأمن التدخل العسكري في بغداد، بينما اتجهت نحو تحالف "رمزى" كبديل للشرعية الأممية.

ولكن مع صعود قوى دولية جديدة، على غرار روسيا والصين، باتت الحالة المتنافرة أكثر وضوحا، في إطار مسارين متوازيين، أولهما ما اتسمت به تلك القوى من مرونة "قيمية"، تعتمد احترام خصوصية كل دولة، على أساس عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، بينما تقوم العلاقة فيما بينهم على أساس من الشراكة والمصالح المتبادلة، في حين اعتمد المسار الثاني قدرتها الكبيرة على الدفاع عن شركائها، سواء في المحافل الدولية، أو تقديم الحماية لها، سواء في مواجهة العقوبات الاقتصادية أو حتى في حالة التدخل العسكري.

وفي الواقع، فإن مزايا الحالة التعددية في النظام الدولي لا تقتصر في جوهرها على مجرد تحقيق أحد أهم المبادئ الدولية القائمة على احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها، أو تقديم بديل ناجع للدول الموصومة بالمروق من قبل الغرب، وإنما امتدت إلى ظهور نماذج قابلة للتطبيق في مناطق مختلفة من العالم، يمكن من خلالها، تحقيق قدر كبير من الانسجام بين الخطاب الذي تتبناه الدولة وممارساتها السياسية، على غرار "الحوار الوطني"، في مصر، والذي يبدو حالة متفردة استلهمتها عدة دول في محيطها الجغرافي، جراء ما يتسم به من مرونة، من حيث التطبيق، ربما كانت غائبة في الإطار النمطي الذي تبنته القوى الدولية الكبرى خلال العقود الماضية.

عبقرية "الحوار الوطني"، في مصر تتجسد في مسارات متعددة، أولها أنه يبدو متواكبا ومنسجما مع معطيات الحقبة الدولية الجديدة، عبر تقديم نموذج للديمقراطية، في إطار مصري خالص، بعيدًا عن الحالة النمطية التي سعى الغرب تصديرها للعالم، بينما يحمل إيمانًا بالتعددية، في ظل المشاركة الكبيرة من قبل كافة الفئات، سواء السياسية في صورة الاحزاب، أو مجتمعية أو ثقافية أو اقتصادية، ناهيك عن منظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان، وهو ما يعكس الرغبة الملحة في صياغة رؤية مصرية خالصة للمستقبل في كافة مناحي الحياة، في حين يبدو النموذج في ذاته، رغم مصريته الخالصة، مرنا بالقدر الذي يمكن استلهامه إقليميًا، وليس تصديره، بما يعني تطبيقة بقدر من المرونة من قبل الدول الأخرى، بحيث يمكن تكييفه مع بيئة كل دولة وظروفها.

وهنا يمكننا القول بأن "الحوار الوطني"، يمثل في ذاته إدراكًا مهمًا ومبكرًا للواقع الدولي، الذي تجري صياغته في اللحظة الراهنة، بينما يبقى محلا للاستلهام من قبل العديد من القوى الاخرى، لتحقيق أكبر قدر من الاستقرار بها، في إطار العلاقة بين الدولة ومؤسساتها من جانب، والقوى السياسية والمجتمعية المتواجدة بها من جانب آخر، مع إمكانية تكييفها حسب الظروف المتاحة لكل دولة، وهو ما يساهم في صياغة منظومة من القيم خاصة بها، تتوافق مع البيئة الداخلية والإقليمية، مما يحقق الاستقرار وليس الفوضى، على غرار ما شهدته منطقتنا في العقود الماضية، وخاصة خلال "الربيع العربي"، الذي حمل شعارات "أفلاطونية" بينما نجم عنه تداعيات كارثية، أطاحت بالاستقرار في المنطقة لسنوات، ووضعت العديد من دولها على حافة الهاوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.