رغم الشكوى من التهاب الأسعار وقلة دخل الغالبية من الشعب المصرى، ورغم ضعف الميزانيات المخصصة للصحة والتعليم وغيرها من القطاعات الخدمية.. فإن الإنفاق على الرياضة تحرك فى محيط مليار جنيه تداولتها الأندية والاتحادات والهيئات الرياضية بأحجامها المختلفة صغيرة وكبيرة حتى تحولت الرياضة إلى «تجارة» وليس إلى صناعة، كما هو الحال فى الدول المتقدمة، لتقدم صورة متناقضة للأوضاع الاقتصادية التى تنكمش بينما هى تنتعش، لكن فى المسار السلبى الذى لا يصنع بطولة ولا رأس مال شرعى ولا اقتصاديات لها أساس وقابلة للبقاء والتطوير والاستثمار.. لا توجد أرقام رسمية واضحة تحدد سوق المال فى الرياضة بشكل عام ولم يبادر أحد بالتصدى لتجميع أرقام صحيحة من كل الجهات لتحدد ميزانية تدور فى فلكها الرياضة، لأن جزءا غير قليل منها يتحرك فى سرية وإما لا ترصده الجهات الرقابية أو ترصد جانبا منه وتسأل عنه ولا أحد يجيب.. لكن باستعراض إنفاق مؤسسات الرياضة بنوعياتها المتعددة يمكن رصد «رقم عام» تسير داخله أرقام كثيرة، يمكن كشف حجمها وطبيعتها من خلال ممارسات ونفقات وموازنات المجلس القومى للرياضة واللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية والأندية، وما يصاحب ذلك من موازنات خاصة للإنشاءات فى مناسبات خاصة، مثل استضافة البطولات أو المشاركة فى أحداث دولية وقارية وإقليمية. وذهبت اجتهادات البعض إلى أن الميزانية التى حصل عليها المجلس القومى من الدولة تتراوح بين 200 و250 مليون جنيه عام 2008، لكن الرقم السرى الذى حصلت عليه اليوم السابع هو 480 مليونا و598 ألف جنيه. وبلغت الميزانيةالحد الأقصى عام 2008 بسبب الدورة الأوليمبية والاستعداد لاستضافة كأس العالم للشباب العام القادم.. والمفارقة أن اللجنة الأوليمبية وهى مؤسسة أهلية قابلة لاستثمار نفسها لا تملك تحديد ميزانية خاصة وليس لها موارد سوى ما يحدده المجلس القومى لتكون هى فقط ساعى البريد الذى يسلم الاتحادات موازناته المحددة والتى يتم الاتفاق عليها ليس بين اللجنة والاتحادات كما هو متبع عند غيرنا ولكن بين المجلس القومى والاتحادات.. والمفارقة أيضا أن اتحاد الكرة له خصوصية ينفرد بها عن بقية الاتحادات رغم تبعيته القانونية للجنة الأوليمبية.. فهو الذى يؤسس ميزانيته باستثمار مسابقاته لتصل حركته المالية خلال العام من تعاقدات واستثمارات وبيع حقوق إلى 25 مليون جنيه. وإن كانت ميزانية الأهلى تتخطى 150 مليون جنيه تتحرك فى نطاق أكثر من 20 لعبة وتعطى الأولوية لفرق كرة القدم، حتى تصل حركة النادى المالية إلى ما يقارب 50 مليون جنيه فى صفقات ورواتب موظفين ومدربين وإداريين وقطاعات الناشئين، وراتب مانويل جوزيه الذى يصل إلى 7 ملايين جنيه فى العام الواحد.. ويمكن أن نقيس حالة الزمالك بحالة الأهلى مع فارق فى طبيعة الصرف والتوازن بين الإيرادات والمصروفات والمبالغ المدفوعة «من تحت الترابيزة».. ويكفى أن الزمالك قبل بدء هذا الموسم رصد 40 مليون جنيه لضم بعض اللاعبين، وهو يقاتل لكى يوفر 3.5 مليون جنيه سنويا للرواتب لأنه أيضا مثل الأهلى - يصرف على أكثر من 20 لعبة- ولو تم تجميع عقود اللاعبين فى الفريق الأول لكرة القدم مثلا «30 لاعبا» فى متوسط مليون جنيه كل عام للاعب الواحد لأصبح هذا الفريق وحده يكلف النادى 30 مليون جنيه بعيدا عن أى صفقات جديدة.. ويكفى أن يقرر مسئولو الزمالك أن مديونية النادى بلغت 130 مليون جنيه. والأندية الأخرى تختلف عن الأهلى والزمالك فى حركة الأموال وتقل عنها بنسب متفاوتة وإن كانت فرق البترول مثلا تصرف بسخاء وتحرر عقودا للاعبين لا تقل عن الناديين الكبيرين حتى تحتفظ بهم.. وتساوى تكلفة كل فريق ما لا يقل عن 20 مليونا فى العام كقيمة عقود ومكافآت وسفريات ومشاركات خارجية.. وتقل التكلفة بشكل حاد فى أندية الدرجات الأدنى فى المستويين الثانى والثالث.. رغم هذا الإنفاق الضخم بمقاييس دولة فقيرة جدا.. فإنه ربما يقل عن سعر أربعة لاعبين بأحد الأندية الكبرى فى أوروبا مثل ريال مدريد أو برشلونة أو مانشستر يونايتد مع الاختلاف الرهيب طبعا بين حركة الأموال عندنا وعندهم والتحول الإيجابى هناك فى فكرة نقل الرياضة من مجرد الاحتراف إلى الصناعة التى تكسب إلى جوار أنشطة أخرى اقتصادية..