أهم القرارات الحكومية اليوم في العدد 128 بجريدة الوقائع المصرية    "شباب المنيا": تنفيذ مجموعة كبيرة من الفعاليات والأنشطة خلال مايو الماضي (صور)    موعد صرف منحة عيد الأضحى للعمالة غير المنتظمة    «اقتصادية الشيوخ»: الرقابة المسبقة سيؤثر إيجابيا على الاستثمار في مصر    مياه القناة: استمرار أعمال التطهير لشبكات الصرف الصحى بالإسماعيلية    «سياحة الشيوخ» توصي بضرورة تفعيل المنتج السياحي «العمرة بلس»    «الصناعات الكيمياوية»: إنتاج مصانع الأسمدة في مصر لم يصل مستويات ما قبل قطع الغاز    تبكير موعد صرف رواتب شهر يونيو 2024 بالزيادة الجديدة    بن غفير: لا توجد مفاوضات لتبادل الأسرى مع حماس    «الدفاع البريطانية» تنفي استهداف الحوثيين مدمرة بالبحر الأحمر    تقارير: صراع بين برشلونة وريال مدريد على نجم بايرن ليفركوزن    بطل البرتغال ومهاجم ب3 رئات.. ماذا ينتظر منتخب مصر أمام غينيا بيساو؟    ذا صن: مانشستر سيتي سيزيد راتب فودين عقب اليورو    كفر الشيخ تحصد أول تنس الطاولة و«اليد» وثاني «الطائرة» بختام الدوري الرياضي    منتخب مصر لسلاح سيف المبارزة يتوج بذهبية بطولة أفريقيا    مواعيد صلاة عيد الأضحى المبارك بالمحافظات 2024    هيثم شاكر يطرح أغنيته الجديدة "يوم ما تفارق" (فيديو)    أول تعليق من أحمد العوضي على مشاركة ياسمين عبد العزيز في الموسم الرمضاني المقبل    الصحة: 2336 سيارة إسعاف و11 لانش نهري لتأمين احتفالات عيد الأضحى    غدا.. "صحة المنيا" تنظم قافلة طبية بقرية حلوة بمركز مطاي    توقعات برج الميزان في الأسبوع الثاني من يونيو 2024    مدحت صالح يستعد لإحياء حفل غنائي 29 يونيو بالأوبرا    سوهاج الأزهرية تعلن أوائل الشهادة الإعدادية بالمحافظة «للمبصرين والمكفوفين»    المدارس العسكرية الرياضية.. الأوراق المطلوبة وشروط الالتحاق    فضل يوم عرفة وأحب الأعمال إلى الله فيه    جانسن مصر تشارك في المعرض والمؤتمر الطبي الأفريقي الثالث 2024    اجتماع بالجامعة العربية لتقييم منتديات التعاون مع الدول والتجمعات الإقليمية    قصف أمريكي بريطاني يستهدف منطقة الجبانة في الحديدة غرب اليمن    وزيرة الثقافة: كثير من المبدعين والمصممين يشتكون تعرض إبداعاتهم للسطو    «الأخبار» تطلع على خرائط 100 عام من طقس مصر ..    ما حكم الأضحية عن الميت؟    المرور: ضبط 28776 مخالفة خلال 24 ساعة    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها والأكاديمية العسكرية للدراسات العليا    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق    كرواتيا تحقق فوزا تاريخيا على البرتغال    البابا فرنسيس يحث حماس وإسرائيل على استئناف المفاوضات ويدعو لإنقاذ شعب غزة المنهك    استقالة الحكومة لن تلغى المشروع الجديد خطة تصحيح مسار الثانوية العامة    مدرسة غبور للسيارات 2024.. اعرف مجموع القبول والتخصصات المتاحة    بسمة داود تنشر صورا من كواليس "الوصفة السحرية"    منورة يا حكومة    ضبط مالك مطبعة متهم بطباعة المطبوعات التجارية دون تفويض من أصحابها بالقليوبية    وزير الزراعة يوجه بتكثيف حملات التفتيش على منافذ بيع اللحوم والدواجن والاسماك والمجازر استعدادا لاستقبال عيد الأضحى    موعد يوم التروية 1445.. «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة للحاج في هذا التوقيت    فى انتظار القصاص.. إحاله قضية سفاح التجمع الخامس إلى جنايات القطامية    اعتدال بسيط في درجات الحرارة بمحافظة بورسعيد ونشاط للرياح.. فيديو وصور    ريان عربي جديد.. إنقاذ طفل سوري وقع داخل بئر بإدلب    يحدد العوامل المسببة للأمراض، كل ما تريد معرفته عن علم الجينوم المصري    انتهاء جلسة التحقيق مع رمضان صبحي في أزمة المنشطات    سر تصدر شيرين رضا للتريند.. تفاصيل    مصادر ل «أهل مصر»: دمج وزارتي «النقل» و«الطيران» تحت قيادة كامل الوزير    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد ونقل تبعية 3 جمعيات بالقاهرة والغربية    إدريس : أتوقع أن نحقق من 7 إلى 11 ميدالية في أولمبياد باريس    أستاذ صحة عامة يوجه نصائح مهمة للحماية من التعرض لضربات الشمس    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هوتو المصرى وتوتسى الأهلى.. الهويات المتخيلة
نشر في اليوم السابع يوم 10 - 02 - 2012

لا أكتب هنا كواحد يفخر من أنه عربى من أبناء بورسعيد الباسلة، ولكن باعتبار الخبرة العلمية والأكاديمية بالفن الاستعمارى لإعادة تقسيم الشعوب وتفتيت الأمم ،ودفعها للتناحر لا لشىء سوى خدمة أهداف الاستعمار الرأسمالى.
إن الجريمة المروعة التى ارتكبت بكل دم بارد على أرض استاد بورسعيد يمكن أن تكون علامة فارقة فى تاريخ "الاندماج الوطنى" لأقدم شعوب الأرض وأكثرها وحدة من ناحية الثقافة والهوية الوطنية، ليس فقط لمهارة وبراعة الساعين لتوظيف الحدث الأليم لخدمة أغراضهم الآثمة، ولكن أيضا للجهل المؤدى ببعض أبواق الإعلام والأقلام لإهلاك الوطن وإدخاله سواء عن قصد أو بسذاجة جاهلة، فى دائرة جهنمية من الصراعات بين أبناء مصر كافة.
إن ما تشهده بورسعيد اليوم من حصار نفسى ومادى يشمل أعمالا من الاعتداء على "الهوية" لأمر خطير يستحق أن نتوقف عنده لمنع البكرة من أن تكر خيوطها وتتداخل بما لا يكون من بعده بد من قطعها عوضا عن معاناة فك تشابكها.
ولست هنا بصدد معالجة مباشرة للأحداث المروعة التى طفقت تظهر وتغفو منذ واقعة الإعدام حرقا لأحد المشجعين قبل عدة سنوات حتى وصلت لمأساة بورسعيد، فذلك أمر له من يعتنى به من المتابعين للأحداث الرياضية.
ما أود الحديث عنه هنا هو أمر تثبته وقائع التاريخ فى مصر، وغيرها من البلاد التى وطأ الاستعمار البريطانى أراضيها وتبعته الإمبريالية الأمريكية بعد انسحاب جيوش الاحتلال البريطانى منها.
فبينما اعتمد الفرنسيون على "فرنسة" الشعوب التى خضعت لاحتلال فرنسا,ما الجزائر عنا ببعيدة، لجأ البريطانيون لأسلوب "فرق تسد" الذى اعتمد على معطيات علم الإنسان "الأنثروبولوجيا" الذى هو بالأساس علم استعمارى النشأة.
ولا يمكن لأحد أن ينسى سياسة الاحتلال البريطانى التى سعت لتقسيم المصريين إلى "مسلمين" و"أقباط" والتى بلغت ذروتها فى خضم ثورة 1919، ولكننا جميعا ننسى أن هذا الاحتلال سعى، كما فعل فى أفريقيا جنوب الصحراء، لدفع النازحين من الأرياف للمدن المصرية المختلفة لتأسيس الروابط والجمعيات التى تذكرهم بقراهم "الوطن الأم"، وهى التى مازالت قائمة لليوم بدرجة أو بأخرى من الفاعلية والحضور، وخاصة فى أوقات الانتخابات، لقد كان الهدف من تلك الجمعيات التى دعمت بقليل من الإمكانات من سلطات الاحتلال ثم من جهات الحكم المحلى والشئون الاجتماعية، بل والحزب الوطنى المنحل، العمل على خلق هويات وانتماءات فرعية، وخاصة وتوظيفها لتخفيف حدة الاستقطاب الاجتماعى أو السياسى أو حرفة لمسارات ذات طبيعة عصبية أو قبلية.
وينبغى الاعتراف بأن الجمعيات تلك لم تفلح فى خلق هويات فرعية أو "متخيلة" بين أبناء مصر وإن حققت خطط التقسيم الطائفى نجاحات من فترة لأخرى وظهرت على السطح كأحد أكثر الوسائل نجاحا فى إظهار الهوية الافتراضية التى يعبر عنها "بحسن نية" بعنصرى الأمة أو بالمسلمين والأقباط.
ومنذ حكم السادات وامتداده التلقائى فى عهد المخلوع والعمل يجرى على أشده سواء بخطط مقصودة أو بقوة دفع التقسيم الاجتماعى الذى تفرزه التجربة الرأسمالية المشوهة ليس فقط للتخلص من الدولة اللحمة الرئيسة تاريخيا للهوية الوطنية فى مصر، بل وللحيلولة دون انفجار صراع طبقى اجتماعى يعوق عمليات تركيز الثروة والنخبة بأيدى قلة قليلة من رجال الأعمال وتوابعهم.
ودون الخوض فى تفسيرات ذات طابع أيديولوجى فقد اعتمدت فلسفة النظام على إلا تجتمع إرادة فئة أو جماعة أو جهة فى وقت واحد على أمر ما، كما جرى فى الاعتصامات المتكررة قبل ثورة يناير، فضلا عن أن طابع الاقتصاد الطفيلى أعاد رسم الخريطة الطبقية فى البلاد إلى جماعات مصالح "عمودية" تحتوى بداخلها أطياف من فئات اجتماعية تمتد من قمة الهرم الاجتماعى إلى سفحه، كما فى قطاع السياحة على سبيل المثال.
ولم يهمل نظام مبارك استغلال "الطائفية" من وقت لآخر وبدا حاضرا فى كل حوادث العنف الطائفى المتكررة فى السنوات الأخيرة، سواء بالتحكم فى تدفق المعلومات وتسريبها كما جرى فى فتنة دير المحرق والمسرحية المسيئة للرسول بالإسكندرية أو بالتدبير المباشر الذى بلغ أوجه فى أحداث نجع حمادى وكنيسة القديسين، ولا جدال أن هناك أحداثا أخرى تفاعلت بذاتها وفقا لوقائع محلية وحوادث فردية وظهرت على السطح فى تلك الأجواء الملتهبة.
ولعلنا نضيف لتلك المحاولات لحرف الصراع الاجتماعى آلية مبتكرة هى "آلية كرة القدم" التى وظفت عن عمد لتغذية "الهويات المتخيلة" وأيضا لإسباغ صورة البطل القومى على شخص مبارك وآل بيته الأشرار.
لقد كانت الهوية الوطنية المتخيلة كهوية مناقضة أو بالأدق معادية للأمة العربية نبتا لسياسة إعلام مبارك وصحافته التى سكبت ما استطاعت من الزيت على نيران التعصب بين المشجعين فى ملاعب الكرة العربية علما بأن دولا عربية أخرى كانت تفعل نفس الشىء فى بلادها لتلتقى إرادات الطغاة على هدف تغذية الشيفونية الوطنية الكاذبة لتحقيق أهداف إدامة العروش وتسلطها على الأمة بأسرها.
لقد رأينا العداء ينبت فى ملاعب الكرة بين مصر ودول الخليج ودول الشمال الأفريقى كلها لا نستثنى منها أحدا وإن بدرجات متفاوتة من الصخب والشحن الإعلامى، بل رأينا أحداث شغب عنيفة فى عدوانيتها بلغت ذروتها فيما بين مصر والجزائر.
وفى استطراد لتوظيف سياسة فرق تسد وفقا لألوان القمصان الرياضية وفيما بين فراغات المباريات القارية ظهرت روابط تشجيع الأندية لتخلق هى أيضا "هويات متخيلة" تستقطب بالأساس المراهقين والشباب من الشرائح السنية الصغيرة فى مجتمع تدور فيه حرب ضروس حول طبيعة الهوية الوطنية منذ أمد ليس بالقصير، وتتم فيه مصادرة أشكال العمل السياسى والطلابى بالجامعات المصرية.
وعلى هذا الخط وربما استغلال له لتحقيق الربح المادى ظهرت القنوات الفضائية الرياضية التى غذت عن جهل أو عن عمد كل أسباب التعصب الرياضى بين جمهور الرياضة والأمثلة أكثر من أن تحصى أو تعد.
ومنذ ثورة يناير انطلقت آليات خلق وتنمية الهويات المتخيلة لتعمق من خطوط التقسيم فبينما اتجهت جهود الثوار من كل الأطياف لإبراز خط التقسيم "الاجتماعى – السياسى" بين قوى الثورة والقوى المستفيدة من نظلم مبارك برزت التقسيمات الفرعية المختلفة وشاهدنا ذلك فى المطالب الفئوية والإقليمية، ثم فى الاستغلال المقيت والضيق الأفق "للهوية الدينية" التى تحكمت فى تصويت الناخبين منذ الاستفتاء على "الانتخابات أو الدستور أولا" وحتى اللحظة الراهنة، وهى أيضا لم تخفت أبدا فى مجال التشجيع الرياضى ولو للحظة واحدة.
كانت النذر تتجمع فى الأفق لإمكانية أن تتحول مناوشات جماهير الأندية الرياضية الجماهيرية لخصومة تقليدية، وبدا ذلك واضحا فى كل التى جمعت فرق مدن القناة والإسكندرية والمحلة الكبرى مؤخرا مع كل من العملاقين، الأهلى والزمالك، ناهيك عن حرب داحس والغرباء بين الأخيرين.
كان المناخ مهيئا لاستثمار مثالى لقوى الثورة المضادة، أو بالأدق لبقايا نظام مبارك التى ظلت على صلة وثيقة بتغذية تلك الروابط بدرجة أو بأخرى من الوضوح سواء إعلاميا أو ماليا وليس من قبيل المصادفة فى شىء أن الأندية الجماهيرية كلها ودون استثناء واحد تتحكم فيها شخصيات من "الفلول" بالتعبير الحرفى وبعض هؤلاء على رأس قائمة المطلوبين حال الشروع فى مراجعة مصادر الثروات المتولدة من أعمال خاصة أو سمسرة أو فساد مالى وإدارى "وكل لبيب بالإشارة يفهم".
إن ما جرى فى بورسعيد، كما ستثبت الوقائع لاحقا كان جريمة مدبرة على الأقل فى إطلاق شرارتها وتهيئة أجوائها على الجانبين، وما تلا ذلك من أحداث تمتد خيوطها من القنوات الفضائية "المشبوهة" إلى مظاهرات غير مفهومة من جهة تخليها عن الطابع السلمى هى فى حقيقة الأمر إثبات لفرضية المؤامرة.
ولعلى أتذكر هنا بعضا من كتابات علماء أفارقة حول الهوية المتخيلة التى نبتت فيما بين شعبى الهوتو والتوتسى فى بوروندى ورواندا وأدت لمذابح دموية، رغم أنه لا توجد فوارق عرقية بين الشعبين، حيث عقدت زيجات مشتركة بينهما وكلاهما من ذات الأرومة وله نفس اللسان والملامح، ولكن خط التقسيم الاجتماعى الذى أرادته القوى الاستعمارية هناك هو الذى ابتدع ذلك التقسيم ابتداعا ومنحه زخمه الدموى.
نوشك أن ننزلق إلى هوة سحيقة من الفوضى التى تعتمل فى عمق المجتمع لتطحن المواطنين، بينما يظل الجناة من عملاء نظام المخلوع بمنأى عن كل محاسبة بعدما تعددت وتقاطعت خطوط "التقسيم" الاجتماعى والطائفى وأخيرا خط التقسيم الساذج وفقا لألوان القمصان الرياضية.
إن فرض العزلة الجغرافية على بورسعيد لأمر بالغ الخطورة ومولد لإحن لا سبيل لتداركها أو محوها من الذهنية الشعبية وليس من قبيل المبالغة فى شىء مع الفوضى التى تلتهم مفاصل كيان الدولة المصرية أنها قد تفضى لإنشاء "دويلات مدن" كما تنبأ الإيطالى "ريكاردو" لمجتمع الرأسمالية العالمية فى القرن الواحد والعشرين، وليس بخاف على أحد أن ثمة بوادر جنينية لذلك أيضا فى سيناء والنوبة ناهيك عن فكرة دولة قبطية بالجنوب ذات إطلالة على البحر الأحمر وعلى الذين "يوهمون" أنفسهم بأن ذلك محض خيال لرؤية تآمرية للأحداث أن يكلفوا أنفسهم عناء مطالعة سيل من المقالات التى نشرت فى دوائر صياغة خطط الدول الاستعمارية ولاسيما ألأمريكية منها، بل والصهيونية أيضا ما "العراق" عنا ببعيد.
إنها لحظة تاريخية "للتجاوز" ولصوت العقل الواعى فى تلك الأمة أدعو كافة القوى الحية للإمساك بها اللهم إلا إذا كانت حالنا قد آلت إلى ما قال عنه الشاعر "سفهاؤنا حكموا وأراذلنا سادوا".
ولعلى أضيف هنا على سبيل التذكير الرمزى أننا ببورسعيد كنا نشعر بغصة فى الحلق من تجربة "المنطقة الحرة" ونراها تشويها متعمدا لسيرة "المدينة الحرة" ورمزيتها النضالية منذ عام 1956 بعدما تحولنا من مزارا للمصطافين والراغبين فى مطالعة متحفنا الحربى إلى مطمح للساعين وراء كل ما هو مستورد من غث وثمين وكنا، وما برحنا، نعتز بالنادى المصرى بوصفه مدرسة لتخريج النجوم قبل أنت تحوله رأسمالية "شراء العبد ولا تربيته" لمحطة عابرة ومؤقتة لنجوم الكرة حتى أننا نتداول رواية لا أعلم مدى صحتها بأن هناك أندية حاولت شراء اسم "المصري" الذى دشنته الحركة الوطنية ببورسعيد فى إطار مواجهتها للأجانب.
ولا شك تزداد الغصة مرارة اليوم ونحن نرى من يروج لصورة ذهنية عن بورسعيد، وكأنها موطن لكل ما هو بربرى ومتوحش بعد أن كانت رمزا وطنيا وعلامة مضيئة فى تاريخ مقاومة الشعوب للاستعمار وبعد أن كنا "عروة" للحمة الوطنية إذا بنا نقطة افتراق.
لقد عبر المواطنون البسطاء فى بورسعيد عن حقيقة الوعى الكبير بالمؤامرات التى تحاك من حولنا علما بأن مجتمع المدينة ليس سوى طبقات متراتبة من النازحين من كل أرجاء مصر للمدينة، فهى نموذج بحد ذاته للصبغة الوطنية المصرية وستبقى رغم أنف الكارهين قطعة عزيزة من قلب مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.