عام مضى على ثورتنا الشعبية الشبابية بحلوها ومرها.. بإيجابياتها وسلبياتها.. وجاء يوم الحساب.. حساب لأنفسنا جميعا لا أستثنى منا واحدا، حتى أولئك الشباب الواعد الذى اجتمع على قلب رجل واحد، وقدم روحه فداء للوطن. والحقيقة أن الحساب الذى أدعوكم، وأدعو نفسى قبلكم إليه، ليس فيه عقاب وتأنيب، ولا شماتة وتضليل، ولا إلقاء الاتهامات بالتقصير، أو البحث عن أسباب الفشل والنجاح، فلكل تجربة مقوماتها التى نسجت من قلب الواقع، لا توجد تجربة تشبه الأخرى.. الحساب يبدأ من الآن، فلا يوجد وقت لانتظار المزيد من الأحداث، فالوقت الآن للعمل الجاد، ليس مجرد شعارات. أدعو رئيس الوزراء كمال الجنزورى، وكل طاقم وزارته.. أرجوكم ابدأوا فى العمل، وأولى خطوات العمل البحث والدراسة.. ليس عيبا أن ندرس تجارب الشعوب الأخرى التى تماثلنا فى الظروف، أو تقترب منا فى الأحداث.. أن نذهب إليهم، أن نجلس معهم، أن نقرأ ما فعلوه فى ماضيهم وفى حاضرهم، وما خططوه لمستقبلهم. القراءة الجيدة للأفعال واجب حكومتنا الحالية، وواجب حكومتنا القادمة، وواجب كل القيادات التى تسعى لإدارة مصر الحاضر والمستقبل.. التجربة التركية، والتجربة الماليزية، والهندية، وكل التجارب الناجحة تستحق الدراسة، وبعدها «بأيدينا لا بيد عمرو». أدعو كل شباب مصر الواعد، وكل من يرى فى أفكاره واختراعه ما يساعد به مصر، ألا يتردد الآن فى التقدم، وطرق الأبواب الممكنة، فمصر وحكومتها- على ما أعتقد- فى حاجة ماسة للعقول والسواعد، لكل من يضع لبنة فى بناء مصر الجديدة. وإذا أردت يادكتور كمال الجنزورى أن تستقطب هؤلاء الشباب الذين هم أساس البناء، فعليك أن تدعم كل هذه التجارب، وتجتذب كل العقول بدلا من أن يستقطبها غيرنا.. اجتماع كل العقول فى مؤسسة واحدة تدار بميزانية دولة، ولكنها مؤسسة حرة عن كل الإجراءات الروتينية، مهمتها تنفيذ الدراسات الجاهزة، والاختراعات التى تمت تجربتها فى جميع المجالات، وأولها المجال الزراعى باعتبارنا فى الأصل بلدا زراعيا.. وثانيها المجال الصناعى، لأن التصنيع هو قمة الاقتصاد ورخاؤه، بالإضافة إلى مجالات الطب والتكنولوجيا والدواء، وما إلى ذلك.. هى نموذج مكبر ومجسم من مدينة الدكتور زويل، إلا أنها ستختصر المسافات، وتسابق الزمن، ونرى رصيدها فى كل شبر من أرض مصر.. الشباب يحتاج لمن يفتح ذراعه له، فلن يخيّب ظن بلاده أبدا. أعتقد أن التركيز فى هذه الاستفادة من هذه العقول هو مهمة ليست سهلة، وتحتاج لتركيز وجهد، وعدم تراجع، واستمرارية، حتى تحقيق الغايات. فهل حكومتنا المؤقتة ورئيس وزرائها على استعداد للقيام ببداية الانطلاق، أم أنه سيظل يسير على خطا الماضى، ويبحث عن أسباب نكبة مصر، ويخلى مسؤوليته من الخراب الذى عم البلاد؟