قال الدكتور عمرو الشوبكى إن هناك شرعيتين على الساحة السياسية الآن، وهما الشرعية الثورية المستمدة من ميادين التحرير على مستوى المحافظات المختلفة، والشرعية الديمقراطية التى يمثلها البرلمان. وأوضح أن البعض يرى ضرورة وجود مسارات تواجه بعضها البعض الآن، بالرغم من أن الثورات الناجحة هى التى تمكنت من هدم النظام القديم والتأسيس لنظام جديد مع مرور الوقت. وشدد الشوبكى على أهمية تجاوز تلك الثنائية، والوصول بالشرعية الثورية والشرعية الديمقراطية إلى علاقة تكاملية، مبينًا أن التكامل يساعد على إنضاج الحياة السياسية فى مصر وبناء نظام سياسى جديد. وأكد أن الشرعية الثورية أو صوت الاحتجاج "صوت الشارع" لطالما ستكون جماعة الضغط وصوت الضمير الذى يمارس الضغط على النخبة الحاكمة، فى ظل النظام الديمقراطي، مشيرًا إلى أنه يجب أن تتعامل تلك النخب مع كل صور الاحتجاج السياسى، لشرعية وجودها، حتى لو لم تتفق معها. جاء ذلك خلال اللقاء الذى نظمته مكتبة الإسكندرية مساء أمس فى محاضرة بعنوان "الثورة والشرعية الديمقراطية"، تحدث فيها الدكتور عمرو الشوبكى، الكاتب الصحفى والمحلل السياسى، وأدارها الدكتور سامح فوزى، مدير منتدى الحوار والدراسات السياسية بمكتبة الإسكندرية. وألمح إلى أهمية وجود برلمان له برنامج وأفكار واضحة، وأحزاب معرضة، مبينًا أنه غير منزعج من وجود أغلبية فى البرلمان، طالما سيتم إحداث توافق على مسألة وضع الدستور، وأسس بناء الدولة، والمسار الديمقراطى فى مصر. وقال إن فكرة "إسقاط الدولة" التى يرددها البعض تُخرجنا خارج المعركة الحقيقية التى تواجه مصر الآن، وهى إسقاط النظام وإصلاح الدولة، ببناء نظام ديمقراطى حقيقى يُخرج مصر من الأزمات التى خلفها النظام السابق، على أن تكون المؤسسة العسكرية جهة محايدة خارج نطاق السياسة. وأوضح أنه يمكن الاتفاق على وجود عدد من المشكلات فى الفترة السابقة، منها سوء إدارة المرحلة الانتقالية، ومسئولية المجلس العسكرى عن ذلك، بالإضافة إلى أخطاء النخب السياسية، وغياب التوافقات فى موضوعات بالغة الأهمية، كوضع الدستور والاتفاق على قواعد بناء الدولة المصرية الحديثة. وأكد أن إدارة الأمور فى الأشهر القليلة القادمة تعد من أكبر التحديات، مشددًا على أن الحل الأمثل فى التعامل مع تلك المرحلة هو الحفاظ على وحدة وتماسك المؤسسة العسكرية من خلال الضغط السياسى لتسليم السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة. وأضاف أن تسليم السلطة لن يتم من خلال ثورة ثانية، بل بالضغط السياسى والشرعية الديمقراطية، وأن المصلحة الحقيقية للمؤسسة العسكرية هى خروجها من المعادلة السياسية، مستنكرًا قيام بعض السياسيين بتزيين للمجلس العسكرى البقاء فى السلطة. وأشار إلى أن استمرار المؤسسة العسكرية فى السلطة سيكون له تأثير سلبى على مصر والجيش كمؤسسة وطنية. وقال إن التحدى الثانى فى الفترة المقبلة هو وضع الدستور، مبينًا أن التيار الذى حصل على الأغلبية فى البرلمان لا ينفرد بوضع الدستور كما يتصور البعض، وأن الدستور يجب أن يكون توافقي، وأن يتم بوجود اتفاق بين أطياف المجتمع وليس أحزاب المجتمع. وفى الختام، أشار إلى أن التحدى الثالث الذى يواجه مصر الآن هو مخاطر وجود "دولة فاشلة"، وهى الدولة التى تتمتع بمؤسسات مدنية منتخبة وحرية تعبير دون حدوث تغيير إيجابى فى حياة المواطن، مؤكدًا أن الديمقراطية لا تنقذ الدولة الفاشلة، لذا يجب البدء فى عمل إصلاحات جراحية داخل كل مؤسسات الدولة. من جهه أخرى، قال الدكتور سامح فوزى إن الندوة تعد أولى الندوات التى يقدمها برنامج "يناير شهر الثورة المصرية: ماذا بعد عام من الثورة؟" الذى ينظمه منتدى الحوار والدراسات السياسية بمكتبة الإسكندرية، والذى سيضم عدد من المحاضرات سيتم الإعلان عنها تباعاً.