أثارت شبكة "حقانى" توترات جديدة فى العلاقة بين الولاياتالمتحدةوباكستان، فبعد أن أوشكت العلاقات أن تعود لمسارها الطبيعى بين إسلام أباد وواشنطن جراء مقتل بن لادن، إلا أن مهاجمة أحد عناصر شبكة حقانى للقوات الأجنبية فى أفغانستان وخاصة مقر السفارة الأمريكية بالعاصمة كابل، جعلت الولاياتالمتحدة تتهم باكستان باحتوائها لشبكة حقانى الإرهابية وأنها على صلات وثيقة مع هذه الشبكة. الأمر تطور لإصدار تصريحات حادة بين الطرفين، حيث صرحت أمس وزيرة الخارجية الباكستانية هينا ربانى خار بأن شبكة حقانى هى "عين" الاستخبارات الأمريكية، فيما صرح مايك مولن رئيس هيئة الأركان المشتركة بالجيش الأمريكى أن الاستخبارات الباكستانية على صلة وثيقة بشبكة حقانى. ويذكر أن شبكة حقانى يعود تأسيسها للمجاهد الأفغانى البارز جلال الدين حقانى، واستخدمته الولاياتالمتحدة فى العقد قبل الماضى لمحاربة القوات السوفيتية فى أفغانستان، إلى أن نجح فى ذلك بمساعدة أمريكا، واتخذ من باكستان ملاذا له بعد ذلك. وكان جلال الدين حقانى على صلة وثيقة بالاستخبارات الأمريكية "سى آى ايه" فى عقد الثمانينات قبل أن يتحالف مع حركة طالبان بعد سيطرتها على الحكم الأفغانى عام 1996. وعمل مؤسسة شبكة حقانى مع زعيم حركة طالبان الملا محمد عمر كوزير للشئون والمناطق القبلية الحدودية بين أفغانستانوباكستان. بعد عام 2001 وبدء الحرب الأمريكية على طالبان، فر جلال الدين حقانى إلى باكستان كلاجئ لها، وذلك باعتباره مقاتل بارز أيضا للسوفيتيين وقت الثمانينات، وأصبح حقانى من أبرز المعادين لأمريكا بعد أن دمرت حياة الكثير من الأفغان والباكستانيين بحجة الحرب على الإرهاب. قام جلال الدين حقانى بعد وصوله باكستان بتأسيس شبكته "المجاهدة" وأعاد سيناريو الحرب مرة ثانية لكن بدل من السوفيتيين كانوا الأمريكيين، ليعطوهم كأهداف يجب القضاء عليها والتخلص منها بعد أن دخلوا أفغانستان معلنين الحرب على الجماعات المجاهدة أو الإرهابية حسب وصفهم. وتعود صلات الحقانيين بالقاعدة إلى التسعينات من القرن الماضى، وأصبحت شبكة حقانى متصلة بالقاعدة وحركة طالبان الأفغانية، فيما بعد لتتحد معهم سويا من أجل القضاء على القوات الأجنبية. لم تهدأ أمريكا فى مطاردة شبكة حقانى والتى تعتبرها أخطر الشبكات الإرهابية على الحدود الأفغانية والباكستانية، وقامت مرارا وتكرار بشن هجمات طائرات بدون طيار لقتل عناصر كثيرة منهم مع صباح كل يوم جديد. لم تصمت شبكة "حقانى" هى الأخرى عن مطاردة ومحاربة القوات الأجنبية، وكان أخر هذه الهجمات، هو هجوم عناصر من حقانى وطالبان على مقر السفارة الأمريكية بالعاصمة الأفغانية كابل، واستمر القتال لمدة 19 ساعة، لتخرج أمريكا بتصريحات اعتبرتها باكستان "لاذعة" وهى أن حكومة إسلام أباد تعدم عناصر شبكة حقانى، ولم تحارب الإرهاب على أكمل وجه. أحدثت هذه التصريحات توترات شديدة بين قادة الجيشين الباكستانى والأمريكى، والمفاجأة أن باكستان قد امتنعت لأول مرة عن تفنيذ هجمات عسكرية على شبكة حقانى، والتى ظلت تنفذها على مدى سنوات قريبة، لكن فاجئ أمس قائد الجيش الباكستانى أشف كيانى الإدارة الأمريكية بامتناعه على مهاجمة شبكة حقانى، "عندا" لتصريحات الجنرال مايك مولن. قد اعترفت حركة طالبان اليوم فى خطوة غير معتادة سيطرتها على شبكة حقانى ورعايتها لها، وليس الحكومة الباكستانية، وربما يعيد هذا التصريح العلاقات الباكستانيةوالأمريكية لما كانت عليه، لمحاربة الإرهاب سويا.