قال الدكتور محمد صابر عرب، رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، إن مذبحة سربرنيتشا، التى وقعت فى البوسنة والهرسك على أيدى القوات الصربية وراح ضحيتها آلاف المسلمين، بمثابة صفحة سوداء فى تاريخ البشرية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى الذين وقفوا عاجزين أمام هذا الحدث المروع، الذى يعد من أفظع المجازر الجماعية التى شهدتها القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية. وأضاف عرب، خلال اللقاء الذى عُقد صباح اليوم، بدار الوثائق القومية تحت عنوان "دور الرئيس البوسنى على عزت بغوفيتش فى استقلال دولة البوسنة والهرسك"، أن ما حدث فى البوسنة والهرسك شبيه لما يحدث الآن فى الدول العربية التى تسعى للحصول على استقلالها وحريتها سواء من أيدى مستعمر محتل أو من حاكم طاغِ، ومثلما تسعى البوسنة والهرسك لتتبوأ مكانة متقدمة بين الدول الآن هكذا تفعل أيضًا مصر بعد ثورة 25 يناير. وقال أدمير ييركوفيتش، مستشار على عزتبيغوفيتش رئيس البوسنة والهرسك السابق، إن الدولة التى عرفها ملايين الناس فى شتى أرجاء المعمورة تحت اسم جمهورية يوغسلافيا الاتحادية الاشتراكية لم يعد لها وجود الآن، فيوغسلافيا احترقت وسط لهيب رهيب لم يقدر على إخماده من الخلق أحد لتنشأ على ترابها وعلى أنقاضها سبع دول جديدة من بينها البوسنة والهرسك التى جددت كيانها كدولة. وتابع: كان يمكن الإحساس برياح التغيير فى يوغسلافيا فى النصف الثانى من ثمانينيات القرن الماضى حين بدأت تتعالى الأصوات المنادية بإدخال نظام التعدد الحزبى واستقلال الجمهوريات، وفى الانتخابات البرلمانية التى جرت فى تسعينيات القرن الماضى فازت الأحزاب القومية فى كافة الجمهوريات اليوغسلافية باستثناء صربيا والجبل الأسود، وقد دعت هذه الأحزاب صراحة وعلنا إلى تقسيم يوغسلافيا وهو ما سيسفر عن إعلان سلوفينيا استقلالها وحرب قصيرة الأمد بين الجيش الشعبى اليوغسلافى وقوات الدفاع الإقليمى السلوفينية لتنتقل الحرب بعد ذلك إلى كرواتيا التى أراد الصرب إلحاق معظم أجزائها بيوغسلافيا الآخذة فى التقلص. وأشار بيركوفيتش إلى أن الصرب يسيطر على مساحات شاسعة من البوسنة والهرسك ويرتكبون أعمالا انتقامية فظيعة من قتل للمدنيين البوشناق وإعدامهم جماعيًا رميًا بالرصاص وتدمير الأخضر واليابس، والبوسنة الهرسك كعضو بالأمم المتحدة لا تزال دون حماية شرعية وإن غدت مُهاجمة ومُستهدفة بل إن العالم يقرر فرض حظر للسلاح عليها، وهذا ما أعطى أفضلية للصرب الذين امتلكوا بصورة لا تقارن كما هائلا من السلاح فى مخازن الجيش اليوغسلافى. وعن دور على عزتبيغوفيتش فى استقلال دولة البوسنة والهرسك، قال بيركوفيتش إن بفضل قيادته الحكيمة، والذى تحت رايته أنشأ وطور جيش جمهورية البوسنة والهرسك نجت البلاد من تجربة غير مسبوقة فى النظرية والممارسة السياسية فى صفوف جيش التحرير، بالإضافة إلى البوشناق صرب وكروات ممن لم ينخدعوا بنداءات ميلوشيفيتش أو توجمان. واختتم مستشار الرئيس السابق كلمته قائلا: إن المسلمين البوشناق اليوم أمام خيار صعب يتمثل فى اختيار الطريق الذى ينبغى أن يسلكوه إلى الأمام، فالبوسنة والهرسك لم تخرج بعد من دوامة المحن، فما زلنا نواجه رغبة الصرب الانفصالية المعلنة والكرواتية المتسترة وأتمنى أن تصبح البوسنة ومصر بالفعل يدا واحدة.
