المرحلة السابقة تمر ولا أحد يشعر أنه مستريح لها، يعنى لو سألت أى مصرى أن يعطى درجة من عشرة كتقييم لهذه الفترة، فالصفر هو الرقم المتوقع، فلا الحكومة عاجبة ولا المجلس العسكرى عاجب ولا القضاء عاجب، ولا الإسلاميون مستريحون للعلمانيين ولا العلمانيون يفهمون الإسلاميين. ولا الأحزاب القومية متفقة حتى الآن ضد من تراه خصمها الأكبر، هل الإخوان المسلمون والسلفيون والجهاديون ولاّ الحكومة.. فى العالم كله تختلف أحزاب الدول مع بعضها البعض، ولكنها ساعة الجد تتفق إما ضد الحكومة وإما للوصول للحكم من خلال الائتلاف إلا فى مصر، فالأحزاب أضعفت نفسها بخلافاتها الداخلية ثم بخلافاتها مع الأحزاب المنافسة الأخرى، ناهيك عن الأحزاب السياسية الجديدة، التى خرجت من رحم لجنة شؤون الأحزاب التى لا ترد أحدا ولا تغضب أحدا، حتى أنها تبدو أنها لا تراجع أوراق هذه الأحزاب ومدى انطباق شروط إقامة الأحزاب عليها، ناهيك عن ألوان الطيف بين الأحزاب كما الاختلاف الداخلى فيما بين زعمائها، كلها أحزاب لا يوجد فيها عساكر بل كل أعضائها جنرالات. هذا عن الشهور السابقة، ويتساءل البعض إذا كان هذا هو الحال فكيف سيكون الحال فى الأيام المقبلة منذ انتخابات مجلسى الشعب والشورى حتى انتخابات الرئيس. لم أسأل من له فى السياسة ومن ليس له إلا ووجدت الكل متشائما ولا ينتظر خيرا، هناك من يقول لك، طيب كيف ستجرى الانتخابات والعناصر الإجرامية والبلطجية يملأون كل مكان، كيف ستجرى والانفلات الأمنى حدث ولا حرج، وكيف والانفلات الإعلامى كقطار يسير بأقصى سرعة ودون فرامل، كيف ستجرى والأغلبية صامتة ولا تفهم ما يدور حولها؟ كيف والعملية الانتخابية ليس من السهل أن يفهمها الناخبون، ومن يضمن أن النقود لن تلعب لعبتها، كيف والناخبون سيشحنهم المرشحون للصناديق ولن يذهبوا بإرادتهم الحرة. ومع ذلك قد تسمع بعض المسؤولين كرئيس لجنة الانتخابات يقول بأن الانتخابات المقبلة ستكون الأنظف فى تاريخ مصر، ولكن نجاح الانتخابات ليس فى وجود قاضٍ على كل صندوق، ولكن المهم وصول الناخب لهذا الصندوق، وهى العملية التى يكون فيها اللعب والبلطجة على الكيف. حضرات القراء فانتازيا انتخابات مجلس الشعب التى سأذكرها هى أننى سأفترض أن توقعاتنا غير صحيحة والانتخابات تمت زى الحلاوة ولا الانتخابات فى العالم المتقدم، ووصلنا إلى أن أصبح لدينا العدد المطلوب لمجلس الشعب. الفانتازيا هنا هى كيف ستكون الجلسات الأولى للمجلس، وكيف سينتخب رئيس المجلس والوكيلين ورؤساء اللجان.. هنا حدث ولا حرج، وتصور كما تريد.. فلا تظن أنها ستكون سهلة، اختيار الرئيس والوكيلين سيكون نارا حامية، وفى ظنى أنها لن تكتمل من أساسه. ولهذا سيكون الحل الوحيد هو قيام هذه الائتلافات والأحزاب السياسية والحركات كل بالضغط بطريقته الخاصة، التى لن تخرج عن دعوة كل منهم إلى مليونية خاصة به فى ميدان التحرير، بل سأتزيد وأقول إننا سنرى مجلسى الشعب والشورى محاطين البداية بأنصار كل فريق لحسم الأمر من الخارج ما دام لم يحسم من الداخل، وقد يتم اقتحام المجلس وفرض الرئيس والوكلاء بالمجلس على أسنة الرماح. وعلى ضوء ذلك قد يتعطل مجلس الشعب عن القيام بدوره لمدة زمنية قد تصل إلى عدد كبير من الشهور، وهو ما حدث فى بعض البلدان العربية أعتقد كلبنان والعراق. طيب بذمتك ما رأيك هل سترى انتخابات الرئيس والوكيلين بالسهولة بمكان، أنا لا أسألك عن الانتخابات نفسها، هل ستستمر أم هل ستتم أصلا؟. إذا كانت الفترة الانتقالية السابقة لم تنجح فهل ستنجح المرحلة المقبلة وفيها انتخابات مجلس الشعب، تسميها إيه فانتازيا أم تشاؤم.. والله أعلم ورسوله والمؤمنون.