إبراهيم محلب: فضلت «المصري اليوم» منذ بدايتها وتقبلت نقدها الموضوعي عندما كنت مسؤولا    سوهاج ترفع درجة الاستعداد القصوى لعيد الأضحى المبارك    «الزراعة» توافق على استيراد 145 ألف رأس عجول للذبيح الفوري والتربية والتسمين    «بن غفير» يطالب بتفجير غزة وتنفيذ اغتيالات مركزة (تفاصيل)    خمس سنوات عنوانها الصراع بعد صعود اليمين الأوروبي!    اختفاء طائرة على متنها نائب رئيس مالاوي برفقة 9 آخرين    فتح: استقالة قائد العمليات الإسرائيلية في غزة يشكل ضغطا على نتنياهو وحكومته    ظهور نادي مصري منافس.. مصدر يكشف لمصراوي آخر تطورات صفقة الأهلي المرتقبة    تأخر وإصابة قوية ل مصطفى محمد.. ملخص الشوط الأول من مباراة مصر وغينيا بيساو (فيديو)    مختل عقلي ينهي حياة والدته طعنا بسكين في الفيوم    بث مباشر .. كيف تشاهد مؤتمر أبل WWDC 2024 اليوم    لميس الحديدى تتصدر التريند بعد إعلان إصابتها بالسرطان.. هذه أبرز تصريحاتها    ملك الأردن يؤكد ضرورة التوصل لوقف فورى ودائم لإطلاق النار فى غزة    ياسمين صبري تنشر جلسة تصوير جديدة من أثينا والجمهور يعلق (صور)    هل على الغني الذى لا يضحي عقوبة؟.. أمين الفتوى يجيب    للتهنئة بعيد الأضحى.. رئيس جامعة بنها يستقبل وفد الكنيسة الأرثوذكسية    «المصريين الأحرار» يُشارك احتفالات الكنيسة بعيد الأنبا أبرآم بحضور البابا تواضروس    موعد محاكمة ميكانيكي متهم بقتل ابن لاعب سابق شهير بالزمالك    نائب رئيس غينيا الاستوائية يشيد بحجم إنجازات مصر في زمن قياسي    10 صور ترصد استطلاع محافظ الجيزة أراء المواطنين بالتخطيط المروري لمحور المريوطية فيصل    «الصحة» تنظم برنامج تدريبي للإعلاميين حول تغطية الشؤون الصحية والعلمية    وسط حراسة مشددة، بدء التحضيرات لانطلاق العرض الخاص ل "أهل الكهف"    بالفيديو| كريم قاسم يروج لفيلم "ولاد رزق 3": "لازم الصغير يكبر"    ختام الموسم الثاني من مبادرة «طبلية مصر» بالمتحف القومي للحضارة المصرية    يعقبه ندوة نقاشية.. عرض ثان لفيلم "جحر الفئران" لمحمد السمان    مصر تتربع على عرش جدول ميداليات البطولة الأفريقية للسلاح للكبار    رشا كمال عن حكم صلاة المرأة العيد بالمساجد والساحات: يجوز والأولى بالمنزل    زيادة سعر دواء شهير لعلاج الجرب والهرش من 27 إلى 55 جنيها    غدًا.. ولي عهد الكويت يتوجه إلى السعودية في زيارة رسمية    سفر آخر أفواج حُجاج النقابة العامة للمهندسين    المرصد المصري للصحافة والإعلام يُطلق حملة تدوين في "يوم الصحفي المصري"    الرئيس الأوكراني يكشف حقيقة استيلاء روسيا على بلدة ريجيفكا    قافلة جامعة قناة السويس الطبية تفحص 115 مريضًا ب "أبو زنيمة"    "بايونيرز للتنمية" تحقق أرباح 1.17 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام    جمع مليون جنيه في ساعتين.. إخلاء سبيل مدرس الجيولوجيا صاحب فيديو الدرس الخصوصي بصالة حسن مصطفى    ليونيل ميسي يشارك في فوز الأرجنتين على الإكوادور    وزارة الأوقاف: أحكام وصيغ التكبير في عيد الأضحى    مستشفيات جامعة أسوان يعلن خطة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    اسكواش - مصطفى عسل يصعد للمركز الثاني عالميا.. ونور الطيب تتقدم ثلاثة مراكز    المنيا تعلن استمرار فتح باب التقدم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    توفير فرص عمل ووحدات سكنية ل12 أسرة من الأولى بالرعاية في الشرقية    «القومي للبحوث» يوضح أهم النصائح للتغذية السليمة في عيد الأضحى    أفيجدرو لبيرمان يرفض الانضمام إلى حكومة نتنياهو    مفاجأة مثيرة في تحقيقات سفاح التجمع: مصدر ثقة وينظم حفلات مدرسية    الأوقاف: افتتاح 27 مسجدًا الجمعة القادمة| صور    تشكيل الحكومة الجديد.. 4 نواب في الوزارة الجديدة    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    تاريخ فرض الحج: مقاربات فقهية وآراء متباينة    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    سرقا هاتفه وتعديا عليه بالضرب.. المشدد 3 سنوات لسائقين تسببا في إصابة شخص بالقليوبية    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    مناسك (4).. يوم التروية والاستعداد لأداء ركن الحج الأعظم    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    محمد عبدالجليل يقيّم أداء منتخب مصر ويتوقع تعادله مع غينيا بيساو    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد الشحات يكتب..ذكريات صحفية.. صداقتي بالدكتور جلال أمين تبدأ بتمزيق أوراق حواري معه وخلالها كشف عن سر عزفه الكمان.. أسرار خلاف والده أحمد أمين وطه حسين..وقصة خدم دفعوه إلي دراسة الاقتصاد للبحث عن سر الفقر
نشر في اليوم السابع يوم 25 - 06 - 2020

ذهبت إلي المفكر الكبير الدكتور جلال أمين لأعرض عليه نص الحوار الذي أجريته معه قبل نشره، لكنه فاجأني بتمزيق الحوار وإلقائه في سلة المهملات.
كنا في عام 1987، وكان الحوار ضمن سلسلة خاصة لجريدة "صوت العرب" الأسبوعية برئاسة تحرير أستاذنا الكبير عبد العظيم مناف، ومحورها "مصر في التسعينيات".. كنت في سنواتي الأولي صحفيا، وكانت المرة الأولي التي التقي فيها بالدكتور جلال في فيلته الأنيقة بالمعادي.. كان يجلس في حجرة مكتبه المزودة بأرفف عليها عدة كتب،بالإضافة عدة كتب مبعثرة في أركان الحجرة، وعلي ترابيزة صغيرة كانت أقلاما وأوراق فلوسكاب وجريدة الأهرام مفتوحة علي مقال للمفكر الكبير الدكتور زكي نجيب محمود، وخطوط وضعها هو بقلم جاف تحت سطور في المقال ..سألني :"قرأت مقال الدكتور زكي؟" أجبت :"لا".. علق بضيق :"من فترة والدكتور زكي بيكرر نفسه، مش عارف إيه الحكاية؟.
لاحظت وجود كمنجة معلقة علي الحائط، فأوحت لي بفكرة صحفية أخري غير التي سأناقشه فيها، وأجريت الحوار الذي استمر حوالي ساعة ونصف، وطلب مني أن يراه بعد تفريغه من التسجيل وصياغته، وحين ذهبت إليه به، بدأ في قراءة النص المكتوب علي ورق دشت، لاحظت ضيقه من بداية قراءته للصفحة الأولي.. سألني :"أنا قلت الكلام ده؟"، أجيب: "نعم"، ومع كل صفحة كان يكرر السؤال، وبعد أن انتهي من قراءة آخر ورقة فاجأني بتمزيق كل الأوراق ورميها في سلة المهملات، مرددا :"أنا آسف، أنا آسف".
تملكني الغيظ، لكنه لحق أسفه بالقول:"معلهش، المشكلة عندي أنا، في إجاباتي أنا، انت مفيش عندك ذنب، واضح إن المشكلة في التسجيل، الأفضل تسأل وتكتب ".. أخرجني أسفه المتكرر من حالة غيظي، واقترح إعادة الحوار في الحال، وأحضر أوراقا وقلما، وبدأت أسئلتي، وقال إجاباته، وأذكر أنه ذكر نبوءة لا أنساها.. قال :"ربما نجد مزيدا من المباني الشاهقة لشركات ومراكز وفنادق عالمية علي ضفاف النيل، لكن أخشي أن تكون عنوانا لدولة الخدمات، وليست دولة الدور الحضاري، وهذا سيكون تراجعا وليس تقدما".
أعطاني هذا الموقف مفتاحا لفهم شخصيته، فهو كاتبا أقدر منه متحدثا، في حديثه يذكر كلامه علي مهل، ويطلب رأيك كنوع من المشاركة معه، أما في الكتابة فيمسك فكرته ويقدمها ببراعة ويوظف كل معلوماته وأفكاره وخواطره لصالحها، ويستطيع أن يشطب ويحذف حتي تكتمل فكرته بالطريقة التي يريدها.
كان هذا اللقاء مفتتحا لعلاقة توطدت ودامت معه حتي رحيله يوم 25 سبتمبر 2018، تخللها لقاءات كثيرة، بعضها كان لحوارات صحفية، وأكثرها كان لقاءات ودية إما في منزله بالمعادي أوفي مكتبه بالجامعة الأمريكية بالقاهرة لإهدائي كتابا جديدا له، أو للاطمئنان عليه، وكان آخر إهداءاته لي ثلاثيته التي تعد مذكراته الشخصية "ماذا علمتني الحياة؟" و"رحيق العمر" و"المكتوب علي الجبين".
خلال هذه الرحلة التي امتدت سنوات طويلة قام يتقديمي إلي شقيقه السفير والكاتب حسين أحمد أمين رحمه الله، وتوطدت علاقتي به هو الآخر، ونشرت لهما حوارين في مجلة "الشاهد" القبرصية، وفي حواري مع حسين سألته :"في رأيك من هو أهم مفكر في مصر؟"..أجاب :"طبعا أخي جلال أمين"، وشجعني قربي بهما علي البحث عن السر في ارتباط هذه العائلة بالفكر والثقافة، وعما إذا كانت الوراثة سببا، فالاثنان أبناء لمفكر كبير في تاريخ مصر هو الدكتور أحمد أمين، ولما عرضت الفكرة عليه ضحك قائلا :"انت كده حتبقي أخصائي تاريخ العائلة"، وبالفعل ساعدني بمعلومات غزيرة، وعرًفني بأسرة شقيقه "حافظ"، وكان كاتبا أيضا لكنه لم يحظ بشهرة جلال وحسين.
ظل مشهد آلة الكمان المعلقة علي جدران مكتبه عالقا في ذهني والذي رأيته في لقائنا الأول، وأوحي لي بفكرة حوار معه عن فترة التكوين، والجانب الآخر في شخصيته، ونشرته في مجلة "الشاهد، الشهرية، قبرص، أبريل 1990"..سألته عن الكمنجة ..أجاب :"أنا مغرم بالموسيقي ، أعزف علي الكمان منذ عام 1978 ..درست العزف عليه لفترة قصيرة، ولكني عملت نفسي بنفسي، أنا أحب الموسيقي بكل أنواعها، من الشرق أعشق زكريا أحمد ومحمد عثمان، ومن الغرب أعشق بالدرجة نفسها موسيقي القرنين السابع والثامن عشر، أعشق باخ أكثر من بيتهوفن، الموسيقي مناخ يعيش فيه كل أفراد أسرتي الصغيرة المكونة من زوجتي الإنجليزية ، وابني أحمد وشقيقتيه.. سألني :"انت سمعت صوت الكمان أثناء دخولك البيت"..أجبت: نعم ، قال:ابني أحمد كان هو اللي بيعزف".
سألته عما تعلمه من والده أحمد أمين..أجاب :"تعلمت قيمة التمسك بالمبدأ والتضحية، كان يردد دائما :من العار أن تعيش جبانا..كان مجلس العائلة يحفل بالكثير من قصصه التي تتناول موضوعات مختلفة جذبتني منها الحكايات التي تدور حول الأخلاقيات والسلوكيات الشخصية".
روي قصة خلاف والده مع عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، قال:"شاهدت وأنا طفلا طه حسين يتردد علي منزلنا كثيرا، وفجأة انقطع عن زياراته، فسألت والدي عن السبب، أجاب:"علي المرء عدم التضحية بكرامته، واسترسل في رواية الخصومة التي بدأت فصولها بعد أن أصبح والدي عميدا لكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول بدلا من طه حسين الذي اقتصر علي تدريس مادة الأدب العربي، ومع هذا التغيير تصور طه حسين أنه يستطيع السيطرة علي العميد الجديد، حتي أنه حاول تعيين أحد مريديه في الكلية بقسم اللغة العربية، ورفض أبي لعدم جدارة هذا الشخص، مما أدي إلي القطيعة بينهما، وترك ذلك مرارة لاذعة عندي والدي الذي كتب مقالا بعنوان"صديق"، وعندما سمعت القصة غير مرة في أوقات مختلفة وبوعي يتطور ، أدركت قيمة ماقاله والدي وأنا طفل :"علي المرء عدم التضحية بكرامته"، كما فهمت منها عنف طه حسين، وحبه للسيطرة، ومرد ذلك إلي كرهه الدائم من أن يكون الشخص الثاني".
كشف لي سر توجهه العلمي إلي الاقتصاد قائلا:"ربما رغبة مني في معرفة حقيقة توزيع الدخل، وحقيقة الفروقات الطبقية الحادة، وبحثي الدائم عن إجابة لسؤال: من أين يأتي الفقر..كنت أنظر منذ طفولتي إلي الخدم في منزلنا ومنازل غيرنا بحساسة مفرطة، وظل سؤال يلاحقني :ماهي الظروف التي عسرت حياة هؤلاء البشر ويسرت أحوال أسرتي"، ووجهت نفسي لدراسة الاقتصاد بعد تخرجي من كلية الحقوق أملا في البحث عن إجابة علي هذا السؤال".
كشف عن دوره في تأسيس حزب "البعث" فرع مصر عام 1951 مع رفيق عمره الدكتور علي مختار، والتوسع في عضوية الحزب حتي وصل إلي ما يقرب من 200 عضوا من المثقفين والعمال، ثم تركه الحزب بعد ذلك وتحوله إلي تأييد جمال عبد الناصر منذ بدء تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي عام 1956.
جلال أمين
سعيد الشحات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.