رموز موسيقية وشعراء كبار شاركت منير حلمه الغنائى، وساعدته على الوصول لمكانته فى قلوب جمهوره، وحملت موسيقاهم وأشعارهم صوته ليغنيها، وقدم معهم أشكالاً موسيقية مختلفة عبرت عن أجيال متعددة وساعدت منير على الاقتراب من المثقفين والبسطاء على حد سواء. اتفق هؤلاء بعضهم مع منير وآخرون اختلفوا، لكن تبقى موهبة منير التى فرضت نفسها، وكانت وراء اقتناعهم بموهبته التى فرضت نفسها دون منازع، رغم محاولات البعض التشكيك والتقليل من أهميتها، بمنطق عنصرى بحت باسم "اللون والشكل"، حسب تعبير منير نفسه. اليوم السابع التقت الشعراء والموسيقيين الذين تعامل معهم منير. وجدى الحكيم كان من أقرب أصدقاء العندليب الراحل عبد الحليم حافظ، فلم يتصور يوماً أن محمد منير هذا الشاب الأسمر سيكون يوماً ملكاً متوجاً على عرش الموسيقى والغناء، اصطدما كثيراً لاختلاف وجهات النظر بينهما، ولكن باعتراف الإعلامى وجدى الحكيم: "منير أبهرنى بحالة الطرب الخاصة به وتميزه فيها". ويؤكد الحكيم، محمد منير كان ابن بليغ حمدى، تحمس له بليغ جداً فى الوقت الذى كنا جميعاً غير متحمسين له بالمرة، والسبب أن الناس كانوا متأثرين بفكرة "النجم الأمور"، أنا كنت واحد من الجمهور الذى سار على خطى متطلبات الجمهور الذى يرغب فى رؤية نجمه المحبب "جان"، لكن بصراحة أحمد زكى ومحمد منير كسرا تلك القاعدة التى أيقنت فيما بعد أنها لا تستند على ثوابت، لأن مقاييس النجومية أصبحت لا تستند على مجرد الطلة ولكن المضمون أيضاً، وعندما تتأملى مشوار منير تتأكدين أنه أكثر واحد بين مطربى جيله عنده دقة فى اختيار مضامين أغانيه. أما عن علاقة وجدى الحكيم بمنير فهو يعتبره كما يقول: منير ده ابنى وأخويا الصغير، أتذكر جملة بليغ حمدى الشهيرة التى كلما كنت ألومه على عدم إعطاء ألحانه لنجوم كبار يقولى "جئت للدنيا لكى أصنع ألحاناً وأكتشف أصواتاً جديدة" وهذا ما كان يزيد بداخلى التحمس لنشاطات بليغ وجنونه الفنى الذى لم يقتصر يوماً على نجوم الحقبة الزمنية التى نعيش فيها، ومناقشات منير اليومية مع بليغ جعلتنى أتعرف على منير عن قرب، فهو فنان له رؤية، يأخذ اللحن إلى طريقه وليس كما جرت العادة أن الملحن هو صاحب الصياغة للشكل الغنائى الذى يقدمه المطرب عبر الميكروفون. يؤكد وجدى الحكيم أن منير استطاع اعتلاء عرش الغناء 30 سنة كاملة، لأنه من يومه كان حريصاً أن يكون منير وليس عبد الحليم ولا محرم فؤاد، هذا بخلاف أنه جاء وسط الغناء فى الشعبيات، وأيقظ فى الجمهور الرغبة فى الاستماع إلى هذا التراث وترديده معه، واختتم حديثه قائلاً "منير عاش وسيعيش طوال عمره يحلم بتقديم المضمون المميز". الشاعر عبد الرحمن الأبنودى يؤكد أن عشقه لمنير يعود لاختلافه عن المطربين الآخرين وتشابهه معه، حيث إن التجربة السياسية المتواجدة عنده هى نفسها الموجودة داخل منير. ويقول الأبنودى إن منير عندما استمع لكلمات أغنية "ده حب إيه ده" أغرم بها وتمسك بها بشدة، وتوقع الأبنودى أن تعجب الأغنية جمهوراً معيناً من نفس عمره أو أقل قليلاً لما تحمله الأغنية من معانٍ متشابكة بين حب الحبيبة وحب الوطن، لكنه فوجىء عندما تحولت الأغنية بصوت منير إلى أغنية يتغنى بها جميع الأعمار، لدرجة أنه وجدها توضع كرنة لموبايلات العديد من الشباب. "منير هو الفنان الوحيد الذى أكن له كل الاحترام لأنه مختلف ومتجدد عن غيره طول الوقت"، هكذا عبر الموسيقار محمد نوح عن رأيه فى محمد منير والذى تجمعهما صداقة تزيد عن 40 سنة، وكانت أولى بدايات تعارفهما من خلال حفلات منير فى بعض الأندية والبيوت الثقافية، واشتراكا معاً فى فيلمين هما "إسكندرية كمان وكمان" و"المصير". نوح يرى أن منير هو الفنان الذى التزم بمصريته فلم نسمع أنه غنى للخليجيين لكسب جمهور أوسع له، بالإضافة إلى ثقافته الوطنية التى جعلته "مطرب الأزمات" كما سمى مؤخراً. والحقيقة أن أهم ما يميز منير ارتباطه بالفلكلور وارتباطه بالجذور النوبية، التى جعلته المطرب الوحيد الناجح الذى خرج من تلك المنطقة، وأهم تطور حدث فى صوت منير خلال العشر سنوات الأخيرة ذكاؤه فى اختيار كلماته وبساطة ألحانه وارتباطه باستخدام الدوف، بالإضافة إلى اختلافه فى طريقة أدائه للأغنية، بعكس غيره من المطربين، فهو فنان يتم تقليده ولا يقلد. الموسيقار عمر خيرت تعاون معه مرة واحدة، يقول عنها خيرت لليوم السابع إن السبب فى هذا اللقاء بينهم يرجع إلى المخرج يوسف شاهين، حيث كان يقوم بعمل الموسيقى التصويرية لفيلم "اليوم السادس"، وكان منير يغنى فى الفيلم أغنية "بعد الطوفان"، ووجدت أن منير يتمتع بشخصية فنية متميزة وأسلوب خاص جداً فى الغناء لا يستطيع أحد تقليده فيه، وكشف خيرت عن اعتزازه بهذه الأغنية التى جمعتهما معاً، وأرجع سبب عدم التعاون مع منير مرة أخرى. إلا أن تلحين الأغانى لا يستهويه فهو مشغول ومهتم أكثر بالتأليف الموسيقى، حيث إن الموسيقى أهم من الغناء الذى يعد أحد القوالب الموسيقية، كما أنه يضع أهمية خاصة للعمل الأكاديمى. الموسيقار وجيه عزيز، يعتبر منير شريكه المثالى، حيث بدأ تعاونه معه عام 1993، ويتذكر وجيه هذا اللقاء ويقول "جمعنا المخرج عادل أديب حيث تعرفت على منير فى منزل الشاعر مجدى نجيب، وكنا بنغنى وندندن وأعجب منير بموسيقاى، وطلب منى تلحين بعض أغنيات ألبومه "من أول لمسة"، وبالفعل وضعت العديد من الألحان لأغانى منير، واستمر التعاون حتى وقتنا هذا، حيث عملت معه أغنيات "من أول لمسة، ممكن، قلبك الشاطر، حاضر، إيديا فى جيوبى، معاكي، لو كان لزاماً". جرأة منير فى اختيار كلماته لفتت نظر وجيه عزيز، حيث يرى أن منير جرئ فى اختيار الموضوعات والمفردات التى يغنيها، مثل أغنيته التى يقول فيها "بالظبط الشعر اللى بحبه، الطول واللون والحرية" والتى يقول فيها أيضا "أوصف لك إيه .. يغمى عليا"، وليس هناك مطرب جرئ بحجم منير، كما أن صوته مصرى جداً، وعبر وجيه عن اعتزازه بالمشوار الفنى الذى قطعه مع منير على مدار 15 عاماً متصلة.