سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مدينة "زويل" العلمية تفتح جراح مدن "مبارك سابقاً".. تحتاج ل2 مليار دولار لإنشائها ومراكز "سوزان" مشغولة باحتجاجات موظفيها.. ومطالب بعدم البدء من "الصفر" والاستفادة من المدن القائمة
فتح التأييد الشعبى الضخم الذى لاقاه مشروع مدينة زويل للأبحاث والتكنولوجيا وتسابق المصريين على تبنى تكاليفه، التى تصل إلى مليارى دولار، جراح المدن العلمية القائمة التى لم تحصل من النظام السابق سوى على اسم "مبارك" وقرينته "سوزان"، مثلما كان يحدث مع بقية المشروعات التى يقيمها، والتى ظلت لسنوات تحت حصار الضيق المادى ونقص ميزانية البحث العلمى، فتحولت إلى مجرد مبان، وقفت عاجزة أمام هجرة الباحثين إلى الخارج أو تلف عشرات الأبحاث التى ألقيت داخل الإدراج. فعلى مساحة 250 فدانًا فى مدينة برج العرب الجديدة بالإسكندرية، تقع المدينة العلمية للأبحاث والتطبيقات التكنولوجية "مبارك سابقا"، والتى تم تأسيسها منذ 12 عامًا، وكما أعلنت الحكومة وقتها كان الهدف الأساسى منها هو تطوير وتحديث الصناعة من خلال إقامة الأبحاث العلمية فى مجالات الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية والمتقدمة والمواد الجديدة والبيئة والموارد الطبيعية وزراعة وتطوير الأراضى القاحلة. المشاكل التى حاصرت المدينة على مدار الأعوام السابقة فى الإدارة وضعف الإمكانيات المادية لم تعط فرصة طويلة لاستمرار حلم المصريين فى أن تكون منارة علمية، وتحول الانشغال بها إلى ملاحقة اتهامات موجهة إلى رؤسائها حول التعاون مع إسرائيل أو فتح أبوابها لأقارب مسئوليها. "معامل المدينة هى نفسها التى حددها زويل فى مشروعه الجديد"، هذا هو رد الدكتور ياسر رفعت – رئيس مدينة الأبحاث العلمية والتطبيقات التكنولوجية – على سؤال " اليوم السابع" حول إمكانية استعانة زويل بالمدينة فى مشروعه المرتقب، موضحا أن الهدف من مدينة الأبحاث العلمية هو تقريبًا نفس الهدف الذى أعلنه زويل ورفعت أشار إلى أن ضعف موارد المدينة بسبب انخفاض ميزانية البحث العلمى خلال السنوات الماضية، كانت لا تكفى للإنفاق على الأبحاث وبالتالى عجزت عن تحقيق الهدف الأساسى منها. لم يعترض رفعت على إطلاق مدينة تكنولوجية جديدة فى مصر، خصوصا أن يرعاها عالم كبير مثل زويل على حد وصفه، إلا أنه طالب بألا يؤدى الاهتمام بمدينة زويل الانشغال عما سبقها من مدن، وأن تضمن الحكومة التنسيق بين مدينة زويل ومختلف المراكز البحثية لعدم تكرار الأبحاث ولتبادل العلماء أو الخروج بأبحاث مشتركة، وحتى لا تتكرر أخطاء السابقين من البداية من نقطة الصفر دائما. وعلى بعد خطوات يدرس طلاب " الجامعة اليابانية – المصرية" فى أحد مبانى من المدينة نتيجة لعدم الانتهاء من بناء المبنى الرئيس للجامعة، التى تعد أحد مشروعات التعاون المشترك بين مصر واليابان، اللافت هو التشابه بين الجامعة وبين مشروع زويل فى صدور مشروع قانون خاص بإنشائها رقم 149 لعام 2009، ورغم أن إعلان حكومة شرف أن القانون سيكون ضمانة لاستقلالية مدينة زويل ودعمه المالى، كان إصدار الحكومة السابقة القانون بالنسبة للجامعة بمثابة نكسة، حيث تحول إلى مجرد تباهى بالقرار الجمهورى دون اتخاذ خطوات فعلية للسير فى المشروع كما كان مخططا له. يقول دكتور أحمد خيرى، رئيس الجامعة الحالى، صدر قرار إنشاء الجامعة فى سبتمبر 2008 بالاتفاق مع الحكومة اليابانية، بهدف نقل التجربة اليابانية فى مختلف التخصصات العلمية بالشكل الذى يخدم احتياجاتنا، وقام الاتفاق على أن توفر الحكومة المصرية أرض الجامعة على 850 فدانا بالإسكندرية بمدينة برج العرب إلى جانب تمويل الإنشاءات والمبانى، على أن يتولى الجانب اليابانى جميع المعدات التكنولوجية اللازمة للتدريس والبحوث والاستشارات. ميزانية إنشاء " الجامعة البحثية" ، كما يصفها خيرى ،تصل إلى مليارى دولار يتقاسمها الجانبان المصرى واليابانى، إلا أن القيود على صندوق تطوير التعليم تفرض العديد من العراقيل أمام سرعة إنشائها بالرغم من تصديق مجلس الوزراء على الميزانية قبل قرار إنشائها، وهو ما أخر انتهاء المرحلة الأولى المقررة عام 2012 بسبب التفاوض مع المكتب الاستشارى المكلف بوضع تصاميم مبانى الجامعة حول تخفيض التكلفة، وهو ما وصل إلى أكثر من 10 أشهر. وعلى عكس المدينة العلمية، لم تحظ الجامعة اليابانية بأى دعاية غير معروفة لدى الشعب، ويقول خيرى، "دورنا كباحثين أن ننتج أكثر مما نتكلم، وطال مشروعنا السياسة التى اتبعها النظام السابق من تغييب للمشروعات العلمية، رغم الاهتمام الشعبى بها، وهو ما ظهر فى الإعلان عن مشروع زويل". خيرى اعتبر أن تشابه مشروع زويل مع الجامعة سيزيد من المنافسة بين الباحثين، وسيدفع إلى الارتقاء بالأبحاث، مطالباً بأن تتجه رؤوس الأموال الصناعية إلى تمويل الجامعة، قائلا، "إحنا مش أقل من الجامعة الأمريكية التى أنشئت من أموال المصريين، واستقبال المصريين لمشروع زويل فتح لنا باب الأمل لأن نجد الدعم الكافى لمشروعنا لكى نحقق هدفنا فى التواجد ضمن أفضل 10 جامعات فى العالم بحلول عام 2018". وفى القاهرة اختلفت المشهد، حيث انشغلت المراكز الاستكشافية للعلوم والتكنولوجيا "سوزان مبارك سابقا" بمظاهرات موظفيها، احتجاجاً على خصم جائزة التميز، دون أن تطولها أيدى التغيير، اللهم إلا فى تغيير اسمها وانتزاع اسم الهانم منها، بينما ظلت المدينة العلمية الاستكشافية فى مدينة 6 أكتوبر بعيدة عن الأضواء لا تستطيع أن تصل إليها إلا إذا كنت تمتلك سيارتك الخاصة. وتعد المراكز الاستكشافية أحد مشاريع سوزان التى آثرت على إنشائها، كدليل على رعايتها لقدرات الطفل المصرى وتنمية مواهبه العلمية وغرس حب العلم فيه، تابعة لوزارة التربية والتعليم، ولها فروع فى باقى المحافظات، الهدف منها هو تنمية القدرات الابتكارية لدى الطالب على أساس التطبيق، حيث تعتمد المراكز على تحويل التجارب العلمية فى المناهج الدراسية إلى واقع عملى من المفترض أن يلمسه الطالب عن قرب. وعلى نفس النهج، قامت المدينة العلمية الاستكشافية على مساحة 22 ألف فدان، بتكلفة بلغت ملايين، بهدف "الاستثمار فى العقل البشرى"، كما تقول مديرتها التنفيذية "مها أبو سبع"، وذلك عن طريق تنمية مواهب الطلاب العلمية وقدرتهم على عمل التجارب بأنفسهم وربطها بالمناهج الدراسية. المدينة التى مرّ عليها ما يقرب من 10 سنوات، منذ قرار إنشائها فى 2002، لا تملك حتى الآن سيارات خاصة بها لنقل المترددين عليها فى ظل وجودها فى صحراء مدينة 6 أكتوبر، لا تدخل وسائل المواصلات إليها وإلا عليك أن تسير أكثر من 4 كيلو من أقرب نقطة تصل إليها المواصلات. تتبع المدينة وزارة التربية والتعليم، بالاشتراك مع جهاز الخدمات الوطنية التابع لوزارة الدفاع، وبمجرد أن تطأ قدمك إليها تتساءل، "كيف لم يسمع عنها أحد؟". تصميم المدينة يأتى على أحدث الطرز التكنولوجية من خلال متحف الفضاء والجيولوجيا والحديقة الاستكشافية، إلى جانب المسرح التعليمى المجسم ومركز التعليم المستقبلى بإجراء التجارب العلمية التى ينقل من خلالها الطلاب المناهج الدراسية إلى واقع عملى. انشغال المدينة طوال العام بالرحلات المدرسية من المحافظات لا يمنع الإهمال الذى تلقاه بسبب عدم قدرة الطلاب غير القادرين على الوصول للاشتراك فى أنشطة المدينة صيفا، الأمر الذى يفتح الباب حول مدى التطوير الذى ستقدمه وزارة التربية والتعليم فى ظل الحكومة الحالية للتغلب على هذا العائق حتى تتحقق المساواة الاجتماعية التى نادت بها الثورة.