صدر مؤخراً بالأسواق الديوان الأول للشاعر الدكتور هشام على جريشة، والذى يحمل عنوان "زوجة شهيد" عن دار البيان للترجمة والتوزيع، فى سبعين صفحة ضمت العديد من القصائد الشعرية التى تحمل قضايا سياسية بلمسة رومانسية. يقف خلف هذا الديوان ثلاثة من أعمدة الفكر واللغة فى العالم العربى، حيث قام الشيخ يوسف القرضاوى – رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين بكتابة مقدمة الديوان، وقام بمراجعته من الناحية اللغوية والشعرية الدكتور عبد الصبور شاهين قبيل وفاته، كما قام الشاعر هشام جريشة بإهدائه إلى روح الأستاذ عمر التلمسانى المرشد الأسبق لجماعة الإخوان، والذى كان له الفضل فى التربية الفكرية للشاعر. يقول جريشة فى مقدمته للديوان: "ما كنت أحلم يوما من الأيام أن الذى يصحح تلك المجموعة الشعرية المتواضعة والمكونة من ثلاث دواوين "زوجة شهيد، لا وقت للحب لدى، وإليك فؤادى" رجل مجاهد من علماء اللغة العربية وأستاذ عمداء كلية دار العلوم. يضيف: كنت أحمل أشعارى وأجلس بين يديه فى مكتبه الهادئ المطل على سفح الهرم، أنا أقرأ وهو يصحح، وكثيرا ما كانت له وقفاته ونكاته الجميلة التى تضفى على الجلسة لونا من ألوان المرح والدعابة، ففى قصيدة الشهيد يحيى عياش أبدأها بمطلع غزلى يقول .... لا وقت للحب لدى .. وإذا بالدكتور عبد الصبور ينتفض من مكانه ويقول ماذا!!.. أنت كاذب.. من يحب إذا ابن السبعين مثلى! يعترف جريشة بأن ديوانه الأول قد يحمل أخطاء عروضية، حيث إنه دخيل على هذا الميدان، مستلهما إلهامه واستعذابه للشعر من خاله الطبيب أحمد عبد الهادى الذى نشأ فى حى الحسين العتيق فى مصر، إضافة إلى حبه لشعر الشافعى والمتنبى وجرير وشوقى، بل إننى كنت أعجب بالكتب الدينية التى يكثر فيها الاستدلال الشعرى، منها معظم الكتب القديمة وكتب العلامة الأستاذ محمد الغزالى رحمه الله، وكان يعجبنى من الخطباء من تكثر استدلالاته الشعرية أيضا، فأعجبت بمحاضرات الدكتور عصام البشير - كنت أشعر أن الشهد يتقاطر من فمه على حد وصف جريشة. يتناول الديوان العديد من القصائد معظمها يتطرق إلى الجانب السياسى من الحياة، وإن اختلفت منهجية القصيدة، فمنها مثلا القصة الرمزية كقصيدة "ملك الغابة الأسد، ولى سلسلة فلسطينية"، ومنها ما يتناول الخطاب المباشر مثل قصيدة "هل زال القلق؟ وقالت الأيام وغربة الحرمان"، ومنها كذلك ما هو رمزى كمغفل القرن العشرين ومصافحة الرئيس. ويتناول الشاعر فى قصيدة "زوجة شهيد" التى تحمل عنوان الديوان تجسيدا لحال المرأة الفلسطينية المجاهدة التى غاب عنها شريكها فى الحياة بعد استشهاده، ويبرز فيها الشاعر كيفية دفع الزوجة لزوجها إلى ساحة الجهاد والدفاع عن الأوطان، بالرغم من تعلقها به وتمسكها بحياته، ويقول الشاعر فى قصيدته "زوجة شهيد": ودعتنى وقالت.. ارحل ولكن كن فارس هذا الزمان ارحل ولكن بقلبٍ جسورٍ وأعد للناس شريعة القرآن لا القربُ يحينى ولا الهجرُ يضنينى ولا تناءينا يخبو فى الميزان الحبُ ما كان لله أوله والحبُ تزكيه حلاوة الحرمان فارحل لمن بتنا بالليل نذكره وفى القلب ما فيه من الإيمان بالله أحييت المسا فأسرتنى وملكتَ منى العقل والوجدان فإن كان للناس حديثٌ عن الهوى وعن التلاقى والأسر والاذعان ففى قسمات وجهك إصرار الليالى وزمجرة الرياحِ وثورة الغليان. كما تناول الشاعر القضية الفلسطينية فى العديد من قصائد ديوانه مثل "لى سلسلة فلسطينية" و"عياش" و"لا توقع" و"دموع فلسطينية" و"الشيخ الصامد".. وغيرها من القصائد. أما فى قصيدة "مصافحة الرئيس" عالج جريشة قضايا الاستبداد وأحادية الرأى، كما قدم الشاعر صورة شعرية بلاغية حول الحاكم المستبد فى قصيدة ملك الغابة وشبه حاشيته بالثعالب الذين يمكرون ويخططون له، كما يحكى الشاعر واقعه فى شبابه وغربته عن وطنه من خلال قصيدة "النسور الشاردة".