عميد الكلية التكنولوحية بالفيوم يتفقد لجان امتحانات الفصل الدراسي الثاني    الإفراج عن المحبوسين على طاولة الحوار الوطني    «العامة للنواب» توافق على الموازنة التفصيلية للمجلس للسنة المالية 2024/2025    «التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    وزير المالية: الحكومة مستعدة لتقديم مبادرات لدعم الصادرات والمصدرين    التنمية المحلية: 1.1 مليار جنيه استثمارات لتطوير منظومة المخلفات بالجيزة    سفير فرنسا بالقاهرة: الإرادة السياسية وموارد مصر تؤهلها لتكون مركزًا إقليميًا للطاقة الخضراء    إطلاق الدورة التوعوية لكيفية الاستخدام الآمن لخدمات الإنترنت بأسوان    الجامعة العربية تنظم المنتدى العربى الثالث للبيئة فى الرياض    متحف للآثار المسروقة والمباعة بشكل غير قانونى فى إيطاليا.. اعرف التفاصيل    600 بالون قمامة.. كوريا الشمالية تعاقب جارتها الجنوبية بالنفايات (فيديو)    محترف مصري ولقب غائب منذ 10 سنوات.. ماذا ينتظر مورينيو في فنربخشة؟    مفاجأة.. مدرب ليفربول يحسم مستقبل محمد صلاح    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    وزير الرياضة: حسام حسن ضمن برنامج تطوير مدربى المنتخبات الوطنية    هل يشارك الأهلي في مهرجان اعتزال خالد سعد مقابل مليون دولار وطائرة خاصة؟    النيابة العامة تحبس سائق أتوبيس مدرسة وتخلى سبيل آخر بكفالة بسبب تجاوز السرعة    محافظ كفر الشيخ يسلم جوازات وتأشيرات الفائزين بقرعة الحج للجمعيات الأهلية    هتجيب الدرجة النهائية فى الفيزياء للثانوية العامة لو راجعت معانا.. فيديو    عمر كمال يعلن تأجيل طرح أغنيته الجديدة حدادا على وفاة والدة الليثى    قيادات المتحدة ورجال الدولة ونجوم الفن في احتفالية العرض الخاص من سلسلة "أم الدنيا 2".. البابا تواضروس الثانى: عمل فنى راق يعيش لسنوات.. أشرف سالمان: ملحمة فنية.. وتكريم نشوى جاد وسوسن بدر ومحمود رشاد    الهويّة السرديّة: مقاربة نقدية في رواية موسم الهجرة إلى الشِّمال    قصور الثقافة تختتم مشاركتها بالمهرجان الدولي للطبول    آخرهم نسرين طافش.. نجوم كشفوا عن وصيتهم للجمهور    طرق حديثة وحماية من السوشيال.. أحمد حلمى يتحدث عن طريقة تربية أولاده (فيديو)    سنن الأضاحي وشروط الأضحية السليمة.. تعرف عليها    موعد وقفة عرفات والأدعية المستحبة.. تعرف عليها    مجلس الوزراء: إصدار 213 قرارا بالعلاج على نفقة الدولة خلال مايو الماضى    في دقيقة واحدة.. طريقة تحضير كيكة المج في الميكروويف    اليوم العالمى لمواجهة الحر.. كيف تحمى نفسك من النوبات القلبية؟    3 وكالات أممية تحذر: أطفال السودان عالقون في أزمة تغذية حرجة    كولر يوجه صدمة قوية لنجم الأهلي (خاص)    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    الأهلي يكرم فريق سيدات اليد    كيف تحرك مؤشرات البورصة مع بدأ تنفيذ صفة الاستحواذ الإماراتية على أسهم السويدي اليكتريك؟    العمل: 3537 فُرصة عمل جديدة في 48 شركة خاصة تنتظر الشباب    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    4 أعمال مستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة.. احرص عليها    أول تطبيق لتحذير النائب العام من تجاوز السرعة.. قرار ضد سائقي حافلتين مدرستين    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل مسن في روض الفرج    الهيئة الوطنية الصينية للفضاء تعلن هبوط المسبار تشانج آه-6 على القمر    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    حج 2024| «الأزهر للفتوى» يوضح حكم الحج عن الغير والميت    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    تأجيل نظر طعن المتهمين بقتل شهيدة الشرف بالمنصورة    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    وزير التعليم العالي يوجه بضرورة توفير الدعم للجامعات التكنولوجية    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    في زيارة أخوية.. أمير قطر يصل الإمارات    النواب يحيل 3 اتفاقيات للجان النوعية في بداية الجلسة العامة .. اعرف التفاصيل    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    وزيرة التخطيط ل"النواب": الأزمات المتتالية خلقت وضعًا معقدًا.. ولابد من «توازنات»    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    محافظ كفر الشيخ يعلن أوائل الشهادة الإعدادية    ل برج الجوزاء والعقرب والسرطان.. من أكثرهم تعاسة في الزواج 2024؟    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    قصواء الخلالي توجه تساؤلات لوزارة الإسكان بشأن وقف نظام التخصيص بالدولار من الخارج وتطلب الرد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سنوات فى ماسبيرو.. قلعة الخطيئة
نشر في اليوم السابع يوم 20 - 04 - 2011


تنويه ضرورى قبل البداية:
لم أختر أنا هذا العنوان, بل اختاره وحدده من يطلقون على أنفسهم ثوار ماسبيرو, فهم الذين أطلقوا هذا الاسم على المكان الذى عملوا ويعملون به لسنوات فإن كان أهل الدار يرون ذلك فلا يصح للغرباء عن المكان مثلى أن يجدوا له اسمًا مخالفًا.
هذه شهادة منى على مكان وزمان كان يُصنع فيه بعض من الإعلام الذى تقدمه الدولة للشعب المصرى, سأذكر بعض أسماء غائبة عن المشهد بما لها وما عليها، وسأحجب أسماء ليس خوفاً من أصحابها ولكن لأنهم أمثلة متكررة فى مبنى ماسبيرو كما فى أماكن كثيرة فى مصر.
البداية
كان مبنى التليفزيون بالنسبة لى كطفلة لا يعنى إلا «مبنى طويييل» وفى نهايته «خازووق»، على كل حال لم يكن إلا مبنى قابعًا على نيل مصر أصم قبيح الشكل، وهو عكس إحساسى تماماً تجاه جهاز التليفزيون القابع فى غرفة المعيشة فى منزلنا فقد كان له معنى آخر، كان يمثل الدنيا وما فيها من عجائب, كان يمثل ماما نجوى وبقلظ وتوم وجيرى وبعد فترة صار يمثل ليالى الحلمية وليالى رمضان وعادل إمام وإسماعيل ياسين وكل نجوم السينما الذين أعشقهم، وصوت محمود سلطان ونشرة أخبار الساعة التاسعة المقدسة لدى والدى، أى أنه فى النهاية كان يمثل لى الحياة.
ومرت سنوات وظل جهاز التليفزيون عندى منفصلًا عن المبنى. وحتى بعد التحاقى بالدراسة فى كلية الإعلام ظل المكان بالنسبة لى مجهولًا لأنى أحلم بالمطابع وصالات التحرير وليس الاستديوهات. والتحقت بقسم الصحافة وعملت صحفية تعشق الكلمة وترى فيها «حياة أو موت». وتخصصت فى الكتابة عن السينما والفنون التى أعشقها ودرست فنها. وكان كثير من الزملاء يعملون على أخبار ماسبيرو أو التليفزيون، وكذلك يعملون فيه أحياناً فى الإعداد كما فى محطات أخرى بينما أنا أرى فى ذلك قلة قيمة ولا أفهم ما أهمية خبر عن موظف يعمل فى قطاع مش عارف إيه. ولم تكن تثيرنى مثل هذه الأخبار كقارئة أو صحفية بل كنت أشعر بأن من يغطى أخبار ماسبيرو يبدو كمن يكتب عن قلم الأطفال أو قلم الغناء، كما قال نور الدمرداش عنه فى فيلم «صغيرة على الحب» حين دخله باحثاً عن سعاد حسنى.
وكثيراً ما عرض علىّ أن أعد برامج أو أن أكون ضيفة فيه بعد أن كسبت سنين فى عمر مهنتى, ولم أكن أقبل فقد كان لى مرة أو اثنتين تجارب بائسة فى برامج يائسة دخلت فيها مبنى ماسبيرو فوجدت مذيعة لا تعرف الموضوع الذى ستتحدث فيه إلا قبل دقائق من بداية اللقاء، أما المعد للقاء فسعيد بأن ضيفه صحفى فيعتمد عليه فى تحديد نقاط الحديث، يعنى الخلاصة تجربتان أو ثلاث تتسم بالكآبة وفقر الحال والفكر، ولم يكن المكان أيضاً أفضل حالاً من البشر.. فالاستديوهات تعلوها الأتربة وتزينها الورود الصناعية الحقيرة.
وغاية الأمر أن ماسبيرو كمبنى وبشر لم يكن يعنى فى عقلى إلاحالة من حالات البؤس الحكومى الذى لم أنتم يوماً له.
ولأن الحياة تجود- أحيانًا- ببعض الحظ فقد كنت جارة للناقد الكبير د.عبدالقادر القط الذى جلست إليه طويلاً وهو يشاهد التليفزيون وينتقد على الهواء ما يُعرض أمامنا من مادة ومن أداء بائس وهو- رحمه الله -كان صاحب قلم ولسان لاذع على قدر دماثة خلقه, وكان ذلك كفيلًا بأن يؤكد لى دون شك أن ما يُعرف بالتليفزيون المصرى وما يمكن أن يكتب عنه ليس إلا مسخرة. ومرت سنوات وبدأت عيونى وعيون الناس تتفتح على إعلام خاص وفضائيات قادمة من مختلف بقاع الأرض, لتؤكد لنا أنه ليس كل ما هو مرتبط بالفن التليفزيونى يعنى الفقر بل على العكس كثير منه يحتاج إلى جهد وفن يصل أحياناً إلى فن السينما. وبدت كلمة الريادة التى عشنا نسمعها ونقرؤها سنين على ألسنة المسؤولين عن التليفزيون تبدو مثيرة للسخرية، فحتى نشرة أخبار التاسعة ما عادت تغرى أبى بالمتابعة وصارت نشرات محطات عربية مثل أم بى سى وغيرها هى التى تتصدر المشهد الإخبارى.
وجاءت حرب الخليج الأولى لتعلن سيادة الإعلام الأمريكى على العقل العربى مُمثلًا فى قناة السى إن إن, ثم تأتى حرب الخليج الثانية لتعلن سيادة قطر الإعلامية عبر قناة الجزيرة، ونحن فى مصر فى سبات عميق نحلم بالسيادة والريادة فى إعلام كسيح لا يشاهده حتى الفلاحون فى النجوع, فالشعب يبحث عن الحقيقة والمعلومات عبر الفضاء وأهل ماسبيرو لا يكلمون إلا أنفسهم.
ولم يكن التراجع فقط على مستوى الأخبار ولكن التراجع أيضاً صار سمة حتى البرامج الترفيهية أو كما يقال عنها برامج المنوعات وما كان هناك ما يمكن متابعته أحياناً على شاشة التليفزيون المصرى إلا المسلسلات المصرية التى تستهوى بعض ربات البيوت من السابعة والربع. غاب الإعلام المصرى الرسمى عن العقل المصرى واحتله إعلام آخر من الشرق والغرب. وكانت دائماً مذيعات التليفزيون ومذيعوه عُرضة لكل نكات وسخرية المجتمع وبرامجه وأفكاره موضع كل انتقاد. ولم يسلم من هذا الانتقاد إلا عدد قليل من البرامج التى كان يضطلع بتقديمها عادة وجوه ومعدون من خارج مبنى ماسبيرو, حتى لو لم تحظ بإعجاب الجميع ولكنها تظل الأفضل والأكثر تميزاً فى مكان فقير بائس مظهراً وجوهراً مثل حديث المدينة لمفيد فوزى سواء أحببناه أو كرهناه, أو حتى برنامج كلام من ذهب لطارق علام رغم اختلافى معه, أو برنامج مع الناس لرولاخرسا والذى كان يعد أول برنامج توك شو ينقل ما فى مصر من شرقها إلى غربها إلى الشاشة بصورة مختلفة.
المهم، ظل المبنى بشكله الذى يشبه مبانى أوروبا الشرقية الشيوعية الخالية من أى جمال معمارى بالنسبة لى يشبه محتواه القابع فى غرفة الجلوس بمنزلنا ولم يبق منه لدى إلا ذكريات صاحبت الطفولة.
الفصل الأول
عرفت المهندس أسامة الشيخ اسماً شهيراً وصانعاً للعديد من نجاحات الإعلام الخاص وقنوات مثل الإيه آر تى ودريم وقناة الراى الكويتية وغيرها الكثير وإن لم تكن المعرفة شخصية, ثم حدثت للرجل حادثة أقعدته لفترة وترك العمل وكعادة الحياة والبشر تدير ظهرها للبشر حين يفقدون السلطة، وكان ذلك حال المهندس أسامة الشيخ حين تعرفت عليه رجلًا بلا سلطة أو سلطان ولكن جمعنا حب الصحافة أنا كاتبة وهو قارئ نهم للصحف ومثقف كبير وصاحب خبرة كبيرة فى الحياة، والأهم أنه كان معارضاً رائعاً للنظام وصاحب مشاكل كبيرة معه، فهو كان أول من فتح باب الظهور التليفزيونى لهيكل على قناة دريم وهو ما سبب وحكايات كثيرة من الاصطدام بالسلطة والتى كان لها دور بالتأكيد فى احترامى لأسامة الشيخ وتوثيق الصلة به، فى حين لم يكن صاحب سلطة أو سلطان.
ودون إنذار مسبق فوجئت بالصديق يخبرنى بأن أنس الفقى وزير الإعلام آنذاك طلبه للعمل كرئيس لمجموعة القنوات المتخصصة التى لم نكن كمشاهدين نعرف عنها إلا سلمى الشماع وبرنامجها اسهر معانا, وأحيانا كان المشاهدون يعرفون سهير شلبى وهى تقدم برنامجاً يعاد عشرات المرات وهى ترتدى قلوبًا كثيرة ودمتم.
وتعجبت كيف يقبل الرجل العمل فى هذا المكان البائس بعد تجربة إعلامية حرة ثرية ولكنه أكد لى أنه اشترط ألا يكون أولًا عضواً فى الحزب الوطنى بالتبعية لمنصبه, ثم أسر إلىَّ أن مصر بحاجة لكل خبرات أبنائها وأنه لن يبخل بخبرته الآن على بلاده. ومن الغريب أن يكون نفس هذا الشخص الآن قابعا فى سجن طرة ينتظر المحاكمة بتهمة إهدار المال العام.. على كلٍ, وحين تأكدت من موافقته قلت له إذاً أنت ستناسب الحكومة وستصبح صاحب منصب وبالتالى ستنقطع صلتى بك لأنك ستعمل فى المبنى أبوخازوق حسب تسميتى له فى حينه.
ولم أكن أعرف أو أتصور أننى سأضطر يوماً لدخول نفس المكان وأن أُناسب الحكومة ولكن بلا سلطة أو سلطان.
فى الأسبوع القادم
- المسلسلاتى وحكاية علشان خاطر مصر.
- مذيعات التليفزيون والفراغ العقلى.
- نادية الجندى تشكونى لوزير الإعلام بسبب المكياج.
- صحفيو التليفزيون مراكز قوى بعضهم ثمنه ساندويتش أو وجبة وآخرون ثمنهم برنامج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.