إشادة الحزب الوطنى بمعارضة الدكتور زكريا عزمى فى مجلس الشعب وانتقاده لثلاثة وزراء, هم وزير الصحة, ووزير السياحة, ووزير البيئة غريبة، لاسيما أن الحزب دائماً ما يصف الحكومة بأنها حكومة الحزب.وجاء الانتقاد الموجه للوزراء فى أولى جلسات مجلس الشعب الجديد الذى أصبح ذا أغلبية كاسحة للحزب الوطنى, وغياب شبه كامل للمعارضة. الغريب فى الأمر أن ما قام به النائب زكريا عزمى ليس بجديد، فمنذ أن انتخب عن دائرة الزيتون نائبا عن الشعب، وهو يعبر عن رأيه بكل حرية ويتخذ مواقف قد لا تتفق مع الحكومة، وكلنا نذكر هجوم الدكتور على المحليات وتنديده بالفساد الذى وصل للركب، حتى فى المجلس السابق الذى كان يضم أكثر من 100 نائب من المعارضة والمستقلين. وكانت الحكومة تتعرض لهجوم كاسح من النواب وانتقادات شديدة، نذكر منها استجواب القمح الفاسد الذى دخل البلاد وهو غير صالح للاستخدام الآدمى، وانضم الدكتور إلى المطالبين من أعضاء البرلمان المستقلين بإحالة المسؤولين لإدخال هذا القمح إلى النائب العام للتحقيق. إذن مواقف الدكتور ليست بجديدة، فهو معتاد على التعبير عن رأيه بحرية حتى لو كان مخالفا لرأى الحكومة أو الوزراء وانتقاد السياسات والقوانين والقرارات، بل كان دائماً ما يسأل عن مدى دستورية مشاريع القوانين أثناء عرضها على المجلس، وهى مقدمة من الحكومة. والسؤال هنا: لماذا الإشادة بمعارضته الآن؟ ولماذا يصف البعض الدكتور بأنه زعيم للمعارضة؟ الإجابة عن السؤال تكمن بالأساس فى أن البرلمان يعانى من نقص حاد فى المعارضة، فهناك خلل فى تركيبته نظراً للتمثيل المحدود للقوى اليسارية والليبرالية مع سيطرة الحزب الوطنى، إذ فاز مرشحو الحزب الوطنى بحوالى 97 % من المقاعد فى حين حصلت المعارضة مجتمعة على 3 % تقريباً. وغياب المعارضة الحقيقية مرض عضال لن يعوضه قيام نائب بدوره بانتقاد سياسات الحكومة، طالما أنه نائب فى ذات الحزب الذى يحكم والذى يضع السياسات التى تنفذها الحكومة. ولعل مبادرة الحزب الوطنى بالإشادة بانتقاد الدكتور زكريا ثلاثة وزراء تعبر عن الشعور بهذا النقص، واعتراف أيضا بالأزمة التى صنعتها الانتخابات الأخيرة، عندما استهدف الحزب الوطنى إسقاط مرشحى أحزاب المعارضة مع سبق الإصرار والترصد. وفى اعتقادى أن تصحيح هذا النقص فى البرلمان لن يكون بقيام بعض الأعضاء بلعب دور المعارضة، وإنما يتم تصحيح هذا الخطأ الفادح من خلال التأكيد على مبدأ سيادة القانون واحترام أحكام القضاء، وتنفيذ الأحكام الصادرة ببطلان الانتخابات بالدوائر الانتخابية والتى قد تصل إلى 100 دائرة، ويتم فتح باب الترشيح فيها بما يؤدى إلى أن يكون البرلمان معبراً وممثلا لكل فئات المجتمع وقواه السياسية وأحزاب المعارضة، فالنائب الدكتور زكريا عزمى نائب يعبر عن رأيه بحرية، وقيادة رفيعة بالحزب الوطنى وليس زعيماً للمعارضة.