ممنوع البناطيل المقطعة والسلاسل.. كلية بجامعة الأزهر تحذر طلابها في الامتحانات    عيد العمال وشم النسيم 2024.. موعد وعدد أيام الإجازة للقطاع الخاص    خاص | بعد توصيات الرئيس السيسي بشأن تخصصات المستقبل.. صدى البلد ينشر إستراتيجية التعليم العالي للتطبيق    حملة مقاطعة الأسماك في بورسعيد: أسعار النهاردة حاجة تفرح    أمير قطر والرئيس الأمريكي يبحثان جهود التوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة    منتخب فلسطين ليلا كورة: خاطبنا الأهلي لاستدعاء وسام أبو علي لمعسكر يونيو    "تفوق بافاري".. تاريخ مواجهات بايرن ميونخ وريال مدريد قبل مواجهة نصف نهائي دوري الأبطال    أمن الإسكندرية يشن حملات مكبرة بالمنتزه    جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024.. للشعبتين العلمية والأدبية    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة بقنا    غدا.. محاكمة المتهم بدهس فتاة بمنطقة التجمع الخامس    سميرة سعيد تروج لأغنيتها الجديدة كداب.. شاهد    عقب طرحه.. "وش في وش" يتصدر مشاهدات نتفليكس    متتهورش.. تامر حسني يعلق على فيديو لتقليد مشهد من فيلم عمر وسلمى    هل الاحتفال بيوم شم النسيم له أصول أو عقائد مخالفة للإسلام؟.. الإفتاء توضح    بالفيديو| أمينة الفتوى تنصح المتزوجين حديثاً: يجوز تأجيل الإنجاب في هذه الحالات    بعد الدعاوى ضد أسترازينيكا.. المصل واللقاح: لقاحات كورونا آمنة.. ندعو الناس لعدم القلق    السجن 7 سنوات لسايس لإدانته بقتل شاب في الجيزة    انطلاق دورات التنمية السياسية للشباب بالدقهلية    برعاية وزارة الإسكان ، ملتقي عقاري مصري سعودي 13 مايو المقبل    «قناع بلون السماء» كسر قيود الأسر بالقلم    وزير العمل ل «البوابة نيوز»: الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص 6000 جنيه اعتبارًا من مايو    بتوجيهات شيخ الأزهر.. انطلاق القافلة «السَّابعة» لبيت الزكاة والصدقات لإغاثة غزة    آليات وضوابط تحويل الإجازات المرضية إلى سنوية في قانون العمل (تفاصيل)    صندوق تحيا مصر يطلق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة بالتعاون مع بيت الزكاة والصدقات    معهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية، 50 عامًا من العطاء العلمي والبحث والإبداع    منافس محتمل لمصر.. أوزبكستان إلى أوليمبياد باريس    فانتازي يلا كورة.. بالمر على رأس أفضل الترشيحات ل"double week"    خالد الجندي: هذه أكبر نعمة يقابلها العبد من رحمة الله -(فيديو)    حدث في 8 ساعات|مدبولي: استضافة اللاجئين تكلفنا 10 مليارات دولار.. وبدء موسم العمرة الجديد في هذا الموعد    مصراوي يوضح.. هل يحصل الأهلي على 3 مليارات جنيه من فيفا؟    "محظوظ بوجودي معكم".. محمد رمضان يرد على تصريحات المخرج خالد دياب    بخطوات بسيطة.. طريقة تحضير بسكويت القهوة سريعة الذوبان    جامعة مساتشوستس ترفض إنهاء علاقاتها بالاحتلال وتدعو الطلاب لفض اعتصامهم فورا    المحرصاوي يوجه الشكر لمؤسسة أبو العينين الخيرية لرعايتها مسابقة القرآن الكريم    تعرف على أفضل الأدعية والأعمال المستحبة خلال شهر شوال    غزة تحت الأنقاض.. الأمم المتحدة: عدوان إسرائيل على القطاع خلف أكثر من 37 مليون طن من الركام ودمر الطريق الساحلى.. ومسئول أممي: إزالة الأنقاض تستغرق 14 عاما ب750 ألف يوم عمل ونحذر من أسلحة غير منفجرة بين الحطام    برج الحوت.. حظك اليوم الإثنين 29 أبريل: ارتقِ بصحتك    أوروبا تكافح التضخم بطرق مختلفة.. نصف سكان إسبانيا يخفضون الإنفاق على الغذاء والطاقة بسبب ارتفاع الأسعار.. فرنسا تلجأ لتقليل كميات المنتجات بنفس السعر وتقر قانونا جديدا للمتاجر.. وألمانيا تسرح العاملين    مواعيد قطارات السكة الحديد من القاهرة لأسوان والعكس    العرض العالمي الأول ل فيلم 1420 في مسابقة مهرجان أفلام السعودية    الهند.. مخاوف من انهيار جليدي جراء هطول أمطار غزيرة    إصابة شخص في تصادم سيارتين بطريق الفيوم    لتطوير المترو.. «الوزير» يبحث إنشاء مصنعين في برج العرب    تردد قنوات الاطفال 2024.. "توم وجيري وكراميش وطيور الجنة وميكي"    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    وزيرة التضامن تستعرض تقريرًا عن أنشطة «ال30 وحدة» بالجامعات الحكومية والخاصة (تفاصيل)    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    رئيس جهاز حدائق العاصمة يتفقد وحدات "سكن لكل المصريين" ومشروعات المرافق    ولع في الشقة .. رجل ينتقم من زوجته لسبب مثير بالمقطم    مصطفى مدبولي: مصر قدمت أكثر من 85% من المساعدات لقطاع غزة    تراجع أسعار الذهب عالميا وسط تبدد أمال خفض الفائدة    أيمن عبد العزيز: نجاح الزمالك أمام دريمز الغاني جاء بسبب الشخصية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة الاعتبار لأشرف مروان بالوثائق الإسرائيلية

◄◄ مروان لم يكن عميلاً مزدوجاً لكنه كان فى الأصل يعمل لحساب مصر وأعطى عملاء إسرائيل معلومات حقيقية بمعرفة الرئيس السادات لكسب ثقتهم
◄◄ «بابل» التقى أوائل السبعينيات الجنرال مائير مائير رئيس القسم المختص بمصر فى الاستخبارات الإسرائيلية وتسلّم مبالغ طائلة مقابل إمداد الموساد بالمعلومات عن كل ما يتعلق بمصر
«بابل»، و«المنبع»، و«صهر الزعيم».. أسماء حركية للراحل الدكتور أشرف مروان، تضمنها الكتاب الإسرائيلى الجديد عن الرجل الأسطورة الأكثر غموضا فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى، والذى لايزال رحيله المفاجئ من أعلى شرفات لندن، لغزا محيرا، وهل كان انتحارا أم اغتيالا؟ ومن صاحب المصلحة الأولى فى تصفيته؟ وما حقيقة دوره فى الخداع الإستراتيجى الذى رسمته وأدارته نخبة من ألمع العقول المصرية فى حرب أكتوبر 1973؟.
وبينما يميل الباحث لتصديق رواية دور الموساد فى اغتيال أشرف مروان، نراه يستبعد دور تجار السلاح العالميين فى تصفيته، عقب خلاف صفقة اليمامة الشهيرة فى لندن.
الوثائق الجديدة التى ظهرت فى إسرائيل تشير إلى أن مروان كان يعمل لحساب مصر، وأنه خدع الموساد، وكان يعمل مع الإسرائيليين بمعرفة وتوجيه الرئيس أنور السادات الذى يبدو أنه استغل رغبة الإسرائيليين فى تجنيد مروان، لاستكمال خطة الخداع الإستراتيجى لدرجة أنه سمح لمروان بإبلاغ الإسرائيليين بقرب شن الحرب المصرية ضدهم.
الوثائق الجديدة سجلها الكتاب الذى صدر فى إسرائيل تحت عنوان «الملاك أشرف مروان والموساد.. ومفاجأة حرب يوم الغفران»، تأليف أستاذ العلوم السياسة بجامعة حيفا، يورى بار يوسف الذى تناول فيه علاقة د. أشرف مروان، صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مع جهاز الموساد الإسرائيلى الذى أطلق على مروان اسم العميل «الملاك» فى الفترة التى سبقت وأعقبت حرب أكتوبر 1973.
يؤكد الباحث أن الوثائق الإسرائيلية تكشف أن مروان لم يكن عميلا مزدوجا يجمع المعلومات لصالح إسرائيل، ولكنه كان فى الأصل يعمل لحساب مصر، ويزود الموساد الإسرائيلى بمعلومات حقيقية موثوق فى صحتها، كجزء من خطة الخداع الإستراتيجى التى كان ينفذها بتعليمات المخابرات المصرية لإنجاح عمله مع الموساد، حتى إنه أمدهم فى يوم 4 أكتوبر 1973، باستعداد مصر لشن حرب قريبة على إسرائيل، ولكن دون أن يحدد متى، وهى المعلومة التى لم تستغلها أجهزة التجسس الإسرائيلية والقيادة السياسية ممثلة فى جولدا مائير والقيادة العسكرية ممثلة فى وزير الدفاع آنذاك موشى ديان، وكان يمكن أن تغير مسار الأحداث.
يبدأ الباحث كتابه بالتأكيد على أن مروان كان عميلا لمصر، بتكليف من الرئيس الراحل أنور السادات، ولكنه كان يمد إسرائيل بمعلومات حقيقية عن مصر، حتى بعد انتهاء الحرب، لهذا لم تتمكن إسرائيل من معرفة ولاء مروان لمصر إلا بعد وفاته، وتطرق الكتاب إلى سرد تفاصيل لقاءات أشرف مروان فى أوروبا أوائل السبعينيات مع ضباط الموساد، وعلى رأسهم الجنرال مائير مائير الذى كان يرأس القسم المختص بمصر فى الاستخبارات الإسرائيلية، وهى اللقاءات التى شهدت تسليم مروان حقيبة مالية، تحتوى على عقد لشقة فى أغلى الأحياء بإسرائيل، حيث كان سعر الشقة فى ذلك الحين أكثر من 100 ألف دولار، وهذا كان جزءا من المبالغ المالية الطائلة التى حصل عليها مروان من الموساد الإسرائيلى مقابل إمداده بالمعلومات عن كل ما يتعلق بمصر.
وهنا يؤكد الباحث أن مروان استطاع بالفعل الحصول على ثقة كل ضباط الموساد الإسرئيلى، وعلى رأسهم الجنرال إيلى زاعيرا، رئيس الاستخبارات العسكرية فى ذلك الوقت، وتم ذلك عن طريق إمداد مروان بمعلومات صحيحة لهم لسنوات طويلة، وبعد اطمئنانه على حصوله على ثقة الموساد، بدأ فى إمدادهم بمعلومات كاذبة عن مصر وغير حقيقية بالمرة، وهنا أدان الكتاب مسؤولى الموساد الإسرائيلى الذين خدعوا فى مروان، ونتج عن ذلك فشلهم فى استنتاج الاحتمال الضئيل لنشوب الحرب فى 1973.
بعد وفاة د. أشرف مراون فى لندن منذ 3 سنوات، وظهور معلومات تفيد بنشاطه الاستخباراتى بين مصر وإسرائيل، حاول جهاز الموساد الإسرائيلى بشتى الطرق ترويج مزاعم تارة تقول بأن الرجل كان عميلهم المخلص، وتارة أخرى أنه كان عميلا مزدوجا بين إسرائيل ومصر، ولكنه كان يعمل لصالحهم، ولكن الحقائق بدأت تظهر فى إسرائيل الواحدة تلو الأخرى، لتؤكد أن مروان كان «الملاك» المصرى الذى نجح فى خداع إسرائيل على مدار سنوات طويلة، وانتزع منها «أسطورة» تفوق جهاز الموساد الإسرائيلى على معظم أجهزة الاستخبارات بالعالم.
ويسرد الكتاب تفاصيل المبالغ المالية الطائلة التى حصل عليها د. أشرف مروان من الموساد، وهى المبالغ التى وصلت إلى ملايين الدولارات على مدار أعوام طويلة، مما يؤكد الأهمية القصوى التى كان يضعها الموساد لمروان، واعتباره أهم مصدر للمعلومات عن مصر، وحصوله على مليون دولار سنوياً كمبلغ استثنائى يمنح لعميل، حتى إن رئيسة الوزراء جولدا مائير اضطرت للضغط على وزير المالية حينذاك ليوافق على منح هذا المبلغ الكبير وغير المسبوق، كما أهداه الموساد خاتما ألماسا ليقدمه كهدية رفيعة القيمة والثمن لزوجته منى ابنة الرئيس عبد الناصر، بعدما ادعى مروان أنهما يمران ببعض مشاكل الزواج.
وأشار الكتاب إلى أهمية د. أشرف مروان فى مصر، ومؤهلاته التى جعلته مصدرا كبيرا لجمع المعلومات، حيث كان مروان متزوجا من منى عبد الناصر، ابنة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكان يعمل المستشار الخاص والمقرب للرئيس أنور السادات، وكان همزة الوصل مع الزعيم الليبى معمر القذافى ورئيس الاستخبارات السعودى كمال أدهم، هذا بجانب توليه مناصب أخرى مهمة، آخرها كان توليه رئاسة الهيئة العربية للتصنيع.
وذكر الكتاب كيف بدأت العلاقة بين مروان والموساد الإسرائيلى عام1969، عندما قام مروان ابن ال25 عاما باتخاذ الخطوة الأولى والاتصال بالسفارة الإسرائيلية فى بريطانيا، وكان فى لندن لدراسة الماجستير، وطلب مروان من السفارة التواصل مع مسؤولى الموساد الإسرائيلى، وأعطاهم بياناته لكنه رفض إعطاءهم رقم هاتفه، وأنهى معهم المكالمة التليفونية، ثم عاود مروان الاتصال بالسفارة الإسرائيلية، وترك رقم هاتف الفندق المقيم به، وأبلغهم بضرورة التحدث إليه خلال 24 ساعة فقط.. وبالمصادفة، كان ضابط الموساد شموئيل جورين، رئيس إدارة «تسوميت»، المسؤولة عن تجنيد عناصر للموساد، موجودا فى لندن ذلك الحين، وخلافا لما هو متبع، فبمجرد علمه بهذه المكالمات قرر جورين التحدث إلى مروان بشكل مباشر ودون غطاء أمنى أو التشاور مع رؤساء الموساد.. ومن هنا بدأت عملية تجنيد مروان الذى خدع الموساد، ولم يوجه له أى اتهامات خيانة فى مصر، سواء قبل أو بعد وفاته.
وتم إسناد مهمة التواصل مع مروان إلى ضابط شاب بالموساد، كان فى نفس عمر مروان، وكان على معرفة كبيرة بعلوم الكيمياء، وتظهر هنا الحقيقة التى تؤكد أن مروان نجح فى خداع الموساد حتى بعد مماته، عندما أكد الكتاب استمرار العلاقة بين مروان وضابط الموساد الذى تولى مهمة التواصل معه عند بداية تجنيده، حتى بداية التسعينيات، أى فى الوقت الذى أصبح فيه مروان خارج عمليات الموساد الاستخباراتية.. كما أكد الكتاب أن هناك العديد من الآراء فى إسرائيل، أقرت بأن مروان كان يعمل لصالح مصر، وخدع الموساد لسنوات، ومن أهم الشخصيات التى قدمت هذه الآراء، المؤرخ الإسرائيلى آهارون بيرجمان، والصحفى الأمريكى هوارد بلوم، والبروفيسور والصحفى بجريدة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، رونين بيرجمان، وجميعهم أكدوا خداع مروان للموساد بأنه شخصية انتهازية جشعة وفى نهم دائم للمال، ويستغل قربه من كبار الرجال فى مصر لتحقيق أغراضه الشخصية، وجنى المال من التجسس وتجارة السلاح.
وأخيرا أشار الكاتب الإسرائيلى إلى الحادث الذى تعرض إليه مروان فى يونيو 2007، عندما وجد ميتا وملقى تحت شرفة شقته فى لندن، ولم تتوصل الشرطة البريطانية خلال التحقيقات إلى المسؤول عن وفاته أو اغتياله بهذه الطريقة البشعة، على الرغم من توافر اتهامات إلى الموساد الإسرائيلى بتصفيته بعدما اكتشف خداعه لإسرائيل، ولكن الموساد يؤكد أن المصريين مسؤولون عن قتله، بعدما أكد رئيس الموساد السابق إيلى زاعيرا أنه كان عميلا مزدوجا يعمل لإسرائيل، وليس لصالح مصر، مسربا بذلك أسرارا لم يرد الموساد الخوض فيها، لهذا تعمل بعض الجهات الرسمية فى إسرائيل على تقديم إيلى زاعيرا للمحاكمة لتسريب معلومات حول عملية العميل «الملاك» أشرف مروان.
وعلى الرغم من الحقائق الكثيرة التى تؤكد ولاء أشرف مروان لمصر، فإن الموساد الإسرائيلى وبعض وسائل الإعلام فى إسرائيل تحاول حتى الآن إنكار هذه الحقيقة، ويتم الترويج للكثير من الحقائق المسممة التى تشير إلى أن مروان خدع المصريين، وأنهم قتلوه لهذا السبب، متجاهلة بذلك ما نشر فى كبرى الصحف الإسرائيلية مثل «يديعوت أحرونوت» و«معاريف» فى عام 2003، عندما كشف إيلى زاعيرا، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية بالجيش الإسرائيلى أثناء حرب أكتوبر 1973، وبعض كبار قادة جهاز الموساد، أن أشرف مروان صهر الرئيس عبد الناصر كان عميلا مزدوجا بين مصر وإسرائيل فى وقت الحرب، ولكنه كان مخلصا لمصر، وأكدوا أن مروان يعيش حتى الآن مترقبا انتقام الموساد الإسرائيلى بعدما تسبب فى الفشل الاستخباراتى التام للموساد وقت الحرب،
لكن هناك من رفض هذه الحقيقة فى إسرائيل، وتم الإعلان عن خطأ ما سربه إيلى زاعيرا، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق عن أشرف مروان، ويشير الكتاب إلى أن زاعيرا الذى طرد من منصبه كرئيس للاستخبارات العسكرية بعد فشل إسرائيل فى التنبؤ بالحرب عليها، اعترف فى كتاب صدر فى العام 1993، بأن إسرائيل فوجئت بالحرب لأنها وقعت ضحية «عميل مزدوج»، إلا أنه لم يذكر اسمه فى ذلك الكتاب، ولكن فى عام 2003 تم تسريب الاسم ليصل إلى الصحافة الإسرائيلية التى قامت بنشر اسم مروان وتفاصيل عمله مع إسرائيل.
والغريب فى الأمر أن الموساد الإسرائيلى الذى يرفض حتى الآن الإعلان عن خداعه على يد أشرف مروان، ويصر على تجاهل ما قاله الرئيس مبارك بعدما نشر فى الصحافة الإسرائيلية عن مروان، ليؤكد مبارك أن مروان كان وطنيا مخلصا وقام بالعديد من الأعمال الوطنية لم يحن الوقت للكشف عنها، ولكن الصدمة التى لا يستطيع الموساد الإسرائيلى إنكارها أو نسيانها، عندما رأت إسرائيل بثا لإحدى القنوات المصرية التى نقلت لقاء للرئيس مبارك، وهو يصافح ويعانق أشرف مروان فى احتفالات ذكرى حرب أكتوبر فى العام 2004.
الكتاب الجديد يعتبر ردا على ما ذكره المؤرخ «أهارون بيرجمان» اليهودى البريطانى الحاصل على الجنسية الإسرائيلية، فى كتابه «تاريخ إسرائيل» أشار فيه إلى أن أشرف مروان، دوّن ذكر اسمه، عمل جاسوسا للموساد الإسرائيلى، وأنه ذهب بنفسه للسفارة الإسرائيلية فى لندن عام 1968 عارضا خدماته على الموساد ليكون رجلهم فى بيت عبدالناصر ورئاسة الجمهورية التى يعمل بها، وهنا تم تجنيده على الفور بعدما أصيب الإسرائيليون بصدمة بعدما عرفوا شخصيته، لكنهم رحبوا به وكانوا يدفعون له 100 ألف جنيه إسترلينى عن المقابلة الواحدة، وأنه منذ هذه اللحظة حمل أسماء حركية فى سجلات الموساد مثل: «الصهر» أو «العريس» أو «رسول بابل» أو «الملاك»، ولم تكن تقاريره يقرؤها إلا كبار رجال الحكم فى إسرائيل، مثل رئيسة الوزراء السابقة جولدا مائير وموشى ديان وزير الدفاع بالإضافة إلى كبار رجال الموساد.
وكان المؤرخ اليهودى قد زعم أن مروان سلم الموساد نسخة مكتوبة من حوار جمال عبدالناصر مع القادة السوفيت فى 22 من يناير 1970 يطالبهم فيها بقاذفات طائرات بعيدة المدى، كما سلمهم نسخة من رسالة سرية بعث بها السادات إلى الرئيس السوفيتى ليونيد بريجنيف فى 1972، طالبه فيها بصواريخ بعيدة المدى من طراز «سكود» ويقول فيها إنه من دون هذه الصواريخ لا يستطيع شن حرب لتحرير سيناء، ويضيف المؤرخ اليهودى فى كتابه أن مروان أبلغ الموساد بمعلومات عن الخلية الفلسطينية الفدائية بقيادة أمين الهندى التى كانت تنوى تفجير طائرة «العال» المدنية فى روما، ردا على قيام إسرائيل بإسقاط الطائرة المدنية الليبية، وقد أفشلت إسرائيل العملية بفضل المعلومات التى قدمها مروان.
كما أكد بيرجمان فى كتابه أن مروان طلب فى 4 من أكتوبر 1973 مقابلة تسيفى زامير، رئيس الموساد، وقد سافر إليه الأخير خصيصا فى اليوم التالى 5 من أكتوبر، والتقاه بإحدى الدول الأوروبية، ووجده يفتعل الغضب لأن إسرائيل تتجاهل تحذيراته ولا تفعل شيئا لمواجهة خطر الحرب، وفى مساء اليوم نفسه اتصل مروان وأبلغ إسرائيل بأن موعد الهجوم المصرى السورى سيكون قبل حلول المساء من يوم 6 أكتوبر.. وهنا يأتى دور إيلى زاعيرا، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، الذى أكد فى تحقيقات لجنة «أجرانات» الإسرائيلية التى حققت مع القادة الإسرائيليين فى أسباب هزيمتهم فى أكتوبر 1973، والتى أفرجت إسرائيل عنها مؤخرا، أن مروان وطنى مصرى ضلل إسرائيل، بعدما نقل معلومات دقيقة إليها لكى يحظى بثقتها، ولكن الهدف الأساسى كان تضليلنا لصالح الاستخبارات المصرية التى كان مخلصا لها.
وأكد زاعيرا فى التحقيقات أن مروان أبلغ عن رسالة السادات إلى الرئيس بريجنيف فقط لكى يقنع إسرائيل بأن السادات لن يحارب إلا إذا حصل على صواريخ «سكود»، وفى الحقيقة أنه لم يحصل عليها؛ ولذلك سادت القناعة فى إسرائيل بأن مصر لن تجرؤ على إعلان الحرب، مما أدى إلى سواد نظرية «الفرضية» المشهورة لدى إسرائيل، والتى أكدت أن «مصر لن تحارب إلا إذا تمت الحرب بالاشتراك مع سوريا وبالحصول على طائرات حديثة، وأسلحة أخرى تضمن تفوقا مصريا على سلاح الجو الإسرائيلى».
كما وجه زاعيرا سؤالا للجنة التحقيقات يؤكد اعترافه بفشله وفشل قادة الموساد فى تحليل: «كيف يمكن لمسؤول مصرى يعمل فى رئاسة الجمهورية، وصهر الرئيس عبد الناصر، ويأتى إلى السفارة الإسرائيلية فى لندن بوضح النهار، فى الوقت الذى يعرف هو وقادته أن هذه السفارة مثل غيرها من السفارات الإسرائيلية فى الخارج مراقبة من عشرات أجهزة المخابرات فى العالم؟.. ثم قال زاعيرا: مروان خدعنا عندما قام بإبلاغنا بموعد الحرب فى السادسة مساء، ولكن الحرب بدأت فى الثانية من بعد الظهر، وخلال الساعات الأربع كانت القوات المصرية قد أتمت عبور القنال بعدما نجح عميلهم المخلص فى خداعنا جميعا»، بعدما استخدمت المخابرات المصرية تكتيكا روسيا تقليديا يتمثل فى «زرع عميل مزدوج يغذونه ب 95% معلومات دقيقة وفى اللحظة الحاسمة ينقلون عبره معلومات كاذبة تقلب موازين المعركة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.