الإسكان تتسلم جائزة عبداللطيف الحمد التنموية عن مشروع إنشاء منظومة مياه مصرف بحر البقر    وزير الري يشارك في جلسة "نحو نهج عالمي واحد للصحة" بمنتدى المياه.. صور    وزارة الدفاع الروسية تعلن استعادة السيطرة على قرية بالقرب من باخموت    كيليان مبابى يتوج بجائزة هداف الدورى الفرنسى للمرة السادسة توالياً    لاعب الترجي: لدينا الخبرة والشباب لمواجهة الأهلي في القاهرة    ختام امتحانات الشهادة الإعدادية الأزهرية في معاهد شمال سيناء    عمر عبدالحليم مؤلف «السرب» ل«الشروق»: قدمنا عملًا فنيًا يوثق التاريخ دون تزييف    وزارة الصحة تقدم نصائح للحماية من سرطان البروستاتا    خبراء أمريكيون: تراجع حملة بايدن لجمع التبرعات عن منافسه ترامب خلال أبريل الماضى    موعد وقفة عيد الأضحى وأول أيام العيد 2024    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب خلاف مع والده فى منطقة المقطم    6 يونيو المقبل الحكم بإعدام المتهمة بقتل طفلتيها التوأم بالغردقة    سام مرسي يتوج بجائزة أفضل لاعب في «تشامبيونشيب»    هلا السعيد تكشف تفاصيل جديدة عن محاوله التحرش بها من سائق «أوبر»    رئيس لجنة الحكام يحضر مباراة الترسانة وحرس الحدود فى دورة الترقى    رئيس هيئة تنمية صناعة التكنولوجيا: التصميمات النهائية لأول راوتر مصري نهاية العام    وزير التعليم العالي يبحث مع مدير «التايمز» تعزيز تصنيف الجامعات المصرية    تضامن الفيوم تنظم قوافل طبية تستهدف الأسر الفقيرة بالقرى والنجوع    السكة الحديد: تخفيض سرعة القطارات على معظم الخطوط بسبب ارتفاع الحرارة    صحيفة عبرية توضح عقوبة إسرائيل المنتظرة للدول الثلاث بعد اعترافهم ب«دولة فلسطينية مستقلة»    مجلس الوزراء يبدأ اجتماعه الأسبوعي بالعاصمة الإدارية لبحث ملفات مهمة    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    وزير الصحة يفتتح الجلسة الأولى من تدريب "الكبسولات الإدارية في الإدارة المعاصرة"    مصر والصين تتعاونان في تكنولوجيا الأقمار الصناعية    مسابقة 18 ألف معلم 2025.. اعرف شروط وخطوات التقديم    «جولدمان ساكس»: تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر ستصل إلى 33 مليار دولار    موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بورسعيد    مصدر مصري رفيع المستوى: من الغريب استناد وسائل إعلام لمصادر مطلعة غير رسمية    "لحصد المزيد من البطولات".. ليفاندوفسكي يعلن البقاء في برشلونة الموسم القادم    أبرزهم بسنت شوقي ومحمد فراج.. قصة حب في زمن الخمسينيات (صور)    فرقة طهطا تقدم "دراما الشحاذين" على مسرح قصر ثقافة أسيوط    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    العمل تنظم فعاليات "سلامتك تهمنا" بالمنشآت الحكومية في المنيا    عاجل..توني كروس أسطورة ريال مدريد يعلن اعتزاله بعد يورو 2024    افتتاح ورشة "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" في شرم الشيخ    تريزيجيه جاهز للمشاركة في نهائي كأس تركيا    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    بروتوكول تعاون بين نقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب و"الغردقة لسينما الشباب"    مرفق الكهرباء ينشر ضوابط إستلام غرفة المحولات للمنشآت السكنية    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    سفير الاتحاد الِأوروبى بالأردن: "حل الدولتين" السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    حفظ التحقيقات حول وفاة طفلة إثر سقوطها من علو بأوسيم    رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر يتابع أعمال التطوير بالقطاعين الشرقي والشمالي    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    5 نصائح غذائية للطلاب خلال فترة الامتحانات من استشارية التغذية    البيت الأبيض: إسرائيل وافقت على طلبات أمريكية لتسهيل إيصال المساعدات إلى غزة    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    جوميز: أحتاج 8 صفقات.. وأتمنى مواجهة الأهلي في السوبر الإفريقي    خبير في الشأن الإيراني يوضح أبرز المرشحين لخلافه إبراهيم رئيسي (فيديو)    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ستة أيام فى الدنمارك.. رحلة إعلامية تحولت إلى حوار حول مصر والإسلام والمهاجرين

◄◄ فى هيئة الإذاعة الدنماركية أكبر غرفة أخبار حديثة لتحرير وبث الأخبار طوال 24 ساعة فى التليفزيون والإذاعة والموقع الإلكترونى
◄◄ فى كوبنهاجن الوقت كالسيف والبرد شديد.. الدرس الأول ملابس ثقيلة ولا ملابس كثيرة
برد وهدوء وطيبة.. إنها الدنمارك، البلد المرفه الذى شغل مساحة واسعة من تفكيرنا وغضبنا بعد نشر الرسوم المسيئة للمسلمين والرسول، قبلها لم يكن أحد يهتم بمعرفة الدنمارك والدنماركيين، وبعدها لم يعد أحد يهتم بالتعرف على الدولة الإسكندنافية الباردة، كنا فى مهمة عمل ضمن مشروع إعلامى وتدريبى لتبادل الخبرات بين «اليوم السابع» وهيئة الإذاعة الدنماركية «Dr» أكبر مؤسسة إعلامية فى الدنمارك، والتى تمتلك واحدة من أكبر وأحدث غرف الأخبار فى العالم.. ذهبنا للاطلاع على مشروعهم فى إنتاج الإعلام الحديث وتجربتهم الواسعة فى إنتاج إعلام متنوع من منابع واحدة، تبث على الموجات الفضائية وأيضا على الإنترنت، تعرفنا على خبراتهم رغبة فى نقلها إلى الصحافة المصرية الحديثة.
خلال 5 أيام كان برنامج الزيارة يسير حسب الأوقات الدقيقة التى حددها هنريك كيث هانسن، منسق البرنامج مع مؤسسة دعم الإعلام ims، وهو صحفى كبير يجيد عمله، خلال خمسة أيام كنا نتابع البرنامج ولم يتخلف أى ممن التقيناهم وقدموا لنا أفكارهم، وكشفوا لنا العديد من أسرار عملهم ونجاحهم فى الهيئة الإعلامية الكبيرة.
منذ وصلنا إلى كوبنهاجن فى الثانية ظهر الأحد اصطحبنا هنريك كيث هانسن إلى كوبنهاجن 15:0 وراجع معنا البرنامج الذى بدأ فى الثامنة من صباح اليوم التالى بلقاء هيئة التحرير فى DR.DK، وتجولنا فى غرفة الأخبار التى تعد واحدة من أحدث غرف الأخبار وأكثرها تطورا من حيث التقنية وسهولة تدفق المواد الإخبارية التليفزيونية والمكتوبة والإذاعية، كما علمنا كيف تم بناء موقع هيئة الإذاعة الدنماركية على الإنترنت، كما شاهدنا كيفية رفع المواد التليفزيونية وسرعة التدفق للأخبار والتفاعل مع الجمهور على شبكة الإنترنت، والتقينا كبار محررى الشبكة والتلفزيون.
عندما قررنا السفر أرسل لنا مضيفنا هنريك أن شهر نوفمبر فى كوبنهاجن من الشهور الباردة التى تتميز بالبرد الشديد والرياح، وأحيانا الثلج، وعلينا أن نكون مستعدين بالملابس الثقيلة، وهى نصائح تكررت من زملائنا الذين سبقونا إلى هناك، ولهذا حملنا- فاطمة خير وأنا- الكثير من الملابس فضلا عن البالطو والكوفية وغطاء ثقيل للرأس، وكانت الحقيبة مزدحمة، بكيلوات إضافية. وصلنا نجر حقائبنا الثقيلة بينما نرى الدنماركيين، بل وبعض المصريين الخبراء بالدنمارك، لايحملون حقائب عملاقة كالتى نحملها. اكتشفنا أن البرد يعنى أن تحمل معك جاكيت أو بالطو مع غطاء الرأس والكوفيات، تقوم بدورها مع بعض الملابس الثقيلة التى تحتاجها فى الشارع, وداخل المبانى تقوم التدفئة بالدور، ظل أغلب الملابس الثقيلة فى الحقيبة تمثل عبئا، وكان الدرس الأول: احمل معطفا وغطاء للرأس ولا تحمل حقيبة ثقيلة.
فى الدنمارك الطقس بارد، لكن قلوب الناس دافئة، والدنماركيون طيبون ومتعاونون ومبتسمون فى كل مكان، الشوارع منظمة والهدوء يسيطر على كل شىء، البديهيات التى تصدم من يذهب لهناك للمرة الأولى، هى النظام والنظافة والعمل فى كل مكان، المرور منظم بطريقة تغيظ القادم من فوضى المرور عندنا، الشوارع بها مئات من إشارات المرور التى لا أحد يجرؤ على اختراقها أو كسرها، الرصيف رصيف وطريق الدراجات أساسى، لأن ما يقرب من نصف الدنماركيين يستخدمون الدراجات فى الذهاب إلى أعمالهم أو زياراتهم، وظاهرة طبيعية أن ترى الجميع يحترم هذا، مع مواصلات عامة محترمة جدا، المترو بخطوطه الكثيرة يأتى فى موعده المحدد على الشاشة بالثانية، والأتوبيس أيضا، وتعرف أن الالتزام بمواعيد المقابلات والعمل حديدى مهما كانت الظروف، كل شىء محدد بوقته تماما ولايحق لك أن تتأخر.
الDr أو هيئة الإذاعة الدنماركية التى تضم الراديو والتليفزيون الذى يتضمن عددا من القنوات التليفزيونية والإذاعية الإخبارية والمنوعة والرياضية والأفلام، بالإضافة إلى قناة المعلومات والموقع الإخبارى الإلكترونى تمول من دافعى الضرائب، ولا يحق للحكومة أو أى جهة تنفيذية أو تشريعية التدخل فى عملها ولا حتى الملكة، ويمتلك العاملون فيها الحرية الكاملة فى نشر الانتقادات والقصص الإخبارية بشكل مهنى.
ربما لم يكن أحد يهتم بمعرفة شىء عن الدنمارك قبل نشر الرسوم المسيئة للنبى، والتى رسمها كورت فيسترجارد.
الدنماركيون اندهشوا من أن يثور المسلمون ضد الدولة فى مواجهة تصرف فردى لرسام، وهناك دنماركيون انتقدوا تصرف الرسام، لكن الدنمارك دولة لا تتدخل فعلا فى اتجاهات الرأى، وحرية التعبير مكفولة، والقضاء مستقل، ثم إن الرسام لايعمل فى صحيفة حكومية، ولا توجد صحف حكومية.
الدنماركيون أغلبية لوثرية تنتمى إلى الكنيسة اللوثرية، وليسوا شعبا متعصبا، وهم يحترمون العقائد بشكل عام، كانت لدينا رغبة فى التعرف على الشعب الدنماركى، وكيف يفكر وكيف ينظرون إلينا، وعندما ذهبنا إلى هناك وجدنا أن لديهم أسئلة حولنا أيضا، ويريدون أن يتعرفوا علينا، هناك سوء فهم متبادل، الرسام لم يفرق بين الإسلام وصورة بعض المسلمين المتعصبين، ربما لأنه فى مجتمع لايعرف التعصب، ربما لايفرق البعض بين أسامة بن لادن ويوسف القرضاوى، ولا بين تنظيم القاعدة وجامعة الأزهر، يشاهدون مسلمين بعضهم يقول إنه سنى والبعض الآخر يقول إنه شيعى، مسلمون من مصر والعراق والسودان واليمن والصومال كل منهم له ثقافته وعاداته، بعضهم يندمج فى المجتمع، والبعض الآخر يفضل أن يبقى كما هو منغلقا على نفسه، أو يعيش فى جيتوهات منعزلة بعيدا عن مجتمع أوروبى منفتح، ويحظى مواطنوه بكامل الحرية فى الحياة والتعبير فى إطار القانون، ويندهشون من الغرباء الذين يحاولون تغيير المجتمع.
وعندما تسأل دنماركيا عن موقفه من الرسوم فسوف يقول لك كما قال هنريك هنسن: عندما نشرت الرسوم، والتى اعتبرتها تصرفا غير لائق ولا يجوز، وأنه علينا ان نحترم عقائد الآخرين، لكننى عندما شاهدت الغضب ومحاولات التدمير والحرق ضد المؤسسات الدنماركية، أدى ذلك إلى تعاطف الدنماركيين مع وطنهم فى مواجهة حملة اعتبروها فى الاتجاه الخاطئ لأنهم اعتبروا الرسوم تمثل إساءة دنماركية وليست تصرفا فرديا.
وقال هنريك إننا استهجنا الرسوم لكننا رفضنا أن يتم حرق وتدمير السفارات الدنماركية، إننا شعب مسالم يحترم العقائد، المسلمون هم أصحاب الديانة الثانية فى ترتيب الديانات فى الدنمارك، حيث يعتنق الإسلام 200 ألف شخص من بين 5.4 مليون دنماركى، وهؤلاء ليسوا كتلة واحدة ولا يتبنون توجها واحدا، وهنا كان موضوع مناقشاتنا مع كثير من الصحفيين فى الدنمارك وأيضا مع المثقفين العرب الذين يقيمون هناك ويحملون جنسية الدنمارك.
اليمين المتطرف فى الدنمارك، والذى يمثله حزب الشعب الدنماركى يرى أن المهاجرين خطر على الدولة، لأنهم يغيرون من طبيعة المجتمع، ويرون أن المهاجرين يرفضون القبول بالثقافة الغربية ويعارضون الحريات، ولهذا يقدمون مشروعات قوانين للحد من الهجرة أو إلزام المهاجرين باحترام قوانين البلد، فهم يرون أن السباحة بملابس البحر أمر عادى وليس مثل السباحة فى أفغانستان أو الدول الإسلامية، كما أن المرأة تعمل مثل الرجل وتتساوى معه فى الحقوق والضرائب والأمن الاجتماعى والتعليمى والصحى.
ويرى حزب الشعب أن ما يجرى «صدام بين ثقافة تطالب بخضوع المرأة لرقابة زوجها، وإخضاع غير المسلمين للمسلمين، بينما الدنمارك ذات ثقافة تقوم على أساس استقلال كل فرد بالمسؤولية عن نفسه». وفى المقابل فإن المسلمين والمهاجرين يعتبرون أن من حقهم ممارسة حريتهم حتى لو تعارضت مع قوانين المجتمع، وهذا هو سوء الفهم الناتج من اختلاف الحضارات، والذى يسعى الدنماركيون لفهمه ويفترض أن يسعى الطرف الآخر للفهم والحفاظ على تقاليده دون الاصطدام بقواعد المجتمع.
اكتشفنا أن الدنماركيين لديهم أسئلة عن الإسلام والمسلمين لأنهم يشاهدون مسلمين كثيرين لايتفقون على اتجاه واحد، وهناك مراكز إسلامية تحمل الاسم الإسلامى لكنهم يقدمون أنفسهم على أنهم المسلمون الحقيقيون، فالشيعى يختلف مع السنى، وداخل الشيعة هناك اختلافات، وأيضا داخل السنة بدرجات من الاعتدال والتطرف، ثم إن الدنمارك من الدول التى وقعت على معاهدات اللاجئين، وبالتالى تستقبل طالبى اللجوء السياسى والإنسانى من العراق والصومال ونيجيريا، وهناك جاليات مصرية وعراقية ويمنية وسودانية ومغاربية تختلف فيما بينها، ويمارس الأجانب هناك تصرفات بعضها يعتبر سيرا ضد القانون الدنماركى، من تهريب أو غيره، كما أن الكثير من المسلمين أو المهاجرين يرفضون الاندماج فى المجتمع الدنماركى، وكما قال المثقف العراقى على علوان الذى يعيش هناك منذ عام 1981: إن بعض المهاجرين من أفريقيا أو غيرها يرفضون الاندماج، وبعضهم يستغل القانون الدنماركى ليحقق أرباحا، وقال إن القانون كان يمنح كل طفل يولد ألف كرونة شهريا، كنوع من الدعم، واستغل بعض المهاجرين هذا، وكانوا ينجبون حتى عشرة أطفال، وهو أمر يحقق لهم أرباحا، ولما تنبه الدنماركيون طالبوا فى البرلمان بإلغاء الدعم، فتقرر تغيير القانون وتقديم الدعم لطفلين فقط، ونفس الأمر بالنسبة لإعانة البطالة التى كانت الدولة تقدمها من أموال الضرائب للعاطلين لمدة 7 سنوات، وكان البعض يستغلها ويرفض العمل، وتحركت التيارات الرافضة للأجانب لتطالب بتعديل القانون، وتم قصر الإعانة على عامين فقط، وهناك قصص كثيرة من هذا النوع تثير غضب الدنماركيين من الأجانب، ومع هذا فإن كثيرا من مواقف وتصريحات حزب الشعب تثير غضب الشعب الدنماركى الذى اعتاد التسامح بشكل واسع.
وقد شهدنا أن المراكز الإسلامية تعمل بحريتها، كما صلينا العيد فى ساحة كبرى يستأجرها الوقف الإسكندنافى، وشهدنا كيف يحظى المسلمون هناك بحريتهم، فقد كان المصلون يتوافدون إلى الساحة الكبرى وبجوارها مكان واسع لركن السيارات، والمكان يسع أكثر من عشرين ألفا وهو أصلا استاد للألعاب الرياضية، ويوجد حوالى 200 ألف مسلم فى الدنمارك.
ورافقنا اثنان من المسلمين هناك، مارتن وهو من السودان ويعمل فى مؤسسة الدعم الإعلامى التى استضافتنا ووفرت لنا مرافقا، وعندما أخبرناهم أنه يوم العيد غيروا البرنامج وتركوا لنا مساحة لصلاة العيد، وكان معه حماه الأستاذ حسن، وهو من اليمن، ومقيم منذ الستينيات فى الدنمارك. عم حسن يحب مصر ويحكى عنها، كما يحب الدنمارك ويقول: «الدنماركيون لديهم رحمة، هم يدفعون للمؤذنين راتبا يساوى راتب القسيس، ويدفع من أموال الضرائب، لكن المشكلة أن بعض المهاجرين يسجلون أكثر من مؤذن ليحصلوا على الرواتب بلا عمل»، وقال عم حسن: « لقد اقتربت من التقاعد وهم يصرفون لنا معاشا كبيرا، وحتى لو قرر الموظف الانتقال لوطنه الأول فإن الحكومة ترسل له المعاش إلى مكان إقامته، وله كل حقوق المواطن الصحية والتعليمية»، مارتن وعم حسن والفنان العراقى على علوان يحترمون المجتمع ويندمجون فيه، وعم حسن لا يجد أى مشكلة فى ممارسة شعائره، فى صلاة العيد كان المسلمون من كل لون وشكل، بعضهم لايعرف العربية والبعض لايعرف الدنماركية، والكل يصلى العيد.
ذهبنا إلى الدنمارك ضمن برنامج تعاون إعلامى مع الإذاعة الدنماركية، ستة أيام فى مشاهدة على الطبيعة لإدارة العمل وتدفق الأخبار والقصص الإخبارية داخل واحدة من أكبر غرف الأخبار الحديثة فى العالم، ورافقنا مدير التحرير بيتر الذى منحنا الكثير من الوقت ليجيب عن أسئلتنا، وأخذنا فى جولة بغرفة الأخبار وعمل المحررين وشرح لنا قواعد العمل التى تحكم المؤسسة، وخلاصتها أن النظام والالتزام ينتج عملا.. السر العمل.
العمل، فى الشارع المحال التجارية تغلق فى السادسة، وعليك أن تشترى ماتريده خلال هذا الوقت. الدنماركيون مثل أوروبا يحترمون الوقت بشكل حاسم، كان برنامج لقاءاتنا مع كبار المحررين بالدقائق والثوانى، يلتزمون بالمواعيد تماما ليس فقط فى الإذاعة لكن فى الشارع، الأتوبيس والمترو والعمل.
وبالطبع المطاعم والمقاهى تسهر إلى وقت متأخر نسبيا، وخلال يومى السبت والأحد هناك درجة من الحرية، أما «الشفتات» المسائية فإنها تعمل طوال الليل بالنسبة للوظائف التى تحتاج للسهر.
فى الدنمارك نظام عادل للضرائب، يدفع الموظف مابين نصف إلى ثلث الدخل للضرائب، وهو نوع من إعادة توزيع الدخل بعدالة، مقابل هذا فإن الخدمات كلها متوفرة لدافعى الضرائب.. التعليم والعلاج، والعاطل يحصل على إعانة بطالة لمدة عامين مع الرعاية التامة، وكل طفل حتى طفلين يحصل من الدولة على ألف كرونة شهريا، ولأن بعض المهاجرين كانوا ينجبون عددا كبيرا من الأطفال يصل إلى عشرة، تم تغيير القانون بحيث لا تقدم الدولة أكثر من دعم لطفلين.
المخرج والمثقف العراقى على علوان أخذنا فى جولة بالعاصمة الدنماركية، ولم نخف إعجابنا بالنظام والقانون فى الدنمارك، حكى لنا «على» عن تجاربه، فهو مخرج أفلام قصيرة تسجيلية ووثائقية، ومطلع على الأوضاع فى الدنمارك بشكل كبير، ويحمل الجنسية الدنماركية، ولديه ابنتان وابن يتعلمون فى المدارس الدنماركية، لم يخف «على» إعجابه بالدنمارك التى يعتبرها وطنه الثانى ويحبها مثل العراق تماما، ويؤكد: «الدنماركيون يحبون بلدهم جدا، وتجد الكثير من الدنماركيين يرفعون علم بلادهم على صوارى فى منازلهم, وهم لايفعلون ذلك بتعليمات أو أوامر لكنهم يحبون بلادهم فعلا ويعتزون بها».
كلام «على» وجدناه متحققا عمليا لدى الدنماركيين فى التليفزيون والإذاعة لدرجة أن الصحفيين الذين سألونا عن مصر ودخلوا معنا فى نقاش استمر على مدى وجودنا هناك. غادرنا والثلج يسقط مؤذنا بشتاء بارد لا يمنع الدنماركيين من العمل وهم يبتسمون.
الاجتماع الصباحى فى هيئة الإذاعة الدنماركية
فى استديو الإذاعة الاستعداد للبث
بيتر مدير التحرير ونقاش حول العمل فى غرفة الأخبار
فاطمة خير والمترجمة إلهام على
صلاة العيد فى الوقف الإسكندنافى
غرفة الأخبار فى هيئة الإذاعة الدنماركية
هنريك هانسن ورئيسة مؤسسة الدعم الإعلامى يناقشان نتائج الزيارة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.