رئيس الوزراء يهنئ الشعب المصري والأمة العربية والإسلامية بعيد الأضحى المبارك    وفد وزارة العمل يشارك في الجلسة الختامية لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    ارتفاع الدولار الأمريكي وتراجع العائد على السندات    البنك المركزي يفاوض 3 دول عربية لإتاحة التحويلات المالية لحسابات العملاء عبر "إنستاباي"    الزراعة: متبقيات المبيدات يفحص 1500 عينة منتجات غذائية.. اليوم    حجاج بيت الله الحرام يفيضون إلى مزدلفة    سرايا القدس تعلن إسقاط طائرة إسرائيلية "كواد كابتر" بخان يونس    يورو 2024.. بايرامي لاعب ألبانيا يسجل أسرع هدف في تاريخ أمم أوروبا    ازدلاف الحجيج إلى المشعر الحرام    خادم الحرمين وولي العهد يبعثان برقيات تهنئة لقادة الدول الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    «لن أشاهد المنتخب».. رونالدينيو يهاجم البرازيل قبل انطلاق كوبا أمريكا    محمد صلاح يحتفل بعيد ميلاده ال32 على طريقته الخاصة    أصغر من 6 لاعبين.. مدرب برايتون الجديد يحقق أرقامًا قياسية في الدوري الإنجليزي    بعد إعلان وفاته.. ما هي آخر جائزة حصل عليها ماتيا ساركيتش؟    الداخلية السعودية: اكتمال المرحلة الأولى من خطط أمن الحج بنجاح    «الصحة السعودية»: تقديم الرعاية لأكثر من 112 ألف حاج وحاجة حتى وقفة عرفات    عمرو دياب وتامر وشيرين.. أبرز حفلات عيد الأضحى 2024    محمد إمام يوجّه رسالة ل أسماء جلال بعد تعاونهما في «اللعب مع العيال».. ماذا قال؟    القاهرة الإخبارية: تظاهرات تل أبيب الليلة الأكبر خلال الأسابيع الماضية    بهاء سلطان يطرح أغنية «ننزل فين» تزامنا مع عيد الأضحى    أمين الفتوى بقناة الناس: رسول الله بلغ الغاية فى حسن الظن بالله    موعد صلاة عيد الأضحى 2024 في محافظة الفيوم    دعاء ذبح الأضحية.. الصيغة الصحيحة من دار الإفتاء    «مكنش معايا فلوس للأضحية وفرجت قبل العيد» فهل تجزئ الأضحية دون نية    فريق طبي من مستشفيات دمياط لتعزيز الخدمات الطبية بشمال سيناء    محافظ أسوان يتابع تقديم الخدمات الصحية والعلاجية ل821 مواطنًا بإدفو    مجدي بدران يقدم 10 نصائح لتجنب الشعور بالإرهاق في الحر    أفضل طريقة لتحضير «الفتة» الأكلة الرسمية لعيد الأضحى    تضامن بورسعيد تعلن شروط التقدم لمسابقة "الأب القدوة"    الإنتاج الحربي: الرد على 762 شكوى واردة للوزارة بنسبة 100%    بمناسبة صيام يوم عرفة، توزيع وجبات الإفطار للمسافرين بالشرقية (فيديو وصور)    مصر تحتل المركز ال18 عالميا في المؤشر العالمي للتأثير السياسي للرياضة    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج إعداد معلمي رياض الأطفال ب«تربية القاهرة للطفولة المبكرة»    الأوقاف: خطبة العيد لا تتعدى 10 دقائق وتوجيه بالتخفيف على المصلين    بعثة المجموعة الإنمائية «SADC» تطلع على التجربة المصرية في التعليم الرقمي    مساجد الإسكندرية انتهت استعداداتها لاداء صلاة عيد الأضحى    موعد صلاة العيد 2024 في الأردن.. اعرف الأماكن    رونالدينيو: لن أشاهد البرازيل في كوبا أمريكا    قبل احتفالات عيد الأضحى.. احذر من عقوبات التنمر والتحرش والتعدي على الغير    الإسماعيلى متحفز لإنبى    "الخضيري" يوضح وقت مغيب الشمس يوم عرفة والقمر ليلة مزدلفة    ماهر المعيقلي خلال خطبة عرفة: أهل فلسطين في "أذى عدو سفك الدماء ومنع احتياجاتهم"    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    نقل حفل كاظم الساهر من هرم سقارة ل القاهرة الجديدة.. لهذا السبب    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأبراج في الأسبوع الثالث من يونيو 2024    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    أردوغان: النصر سيكون للشعب الفلسطيني رغم همجية إسرائيل ومؤيديها    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    نزلا للاستحمام فغرقا سويًا.. مأساة طالبين في "نيل الصف"    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 يونيو 2024    المشهد العظيم في اليوم المشهود.. حجاج بيت الله يقفون على جبل عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    هالة السعيد: 8.6 مليار جنيه لتنفيذ 439 مشروعا تنمويا في البحيرة بخطة عام 2023-2024    يورو 2024.. أسبانيا تسعى لانطلاقة قوية أمام منتخب كرواتيا الطموح    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    ملك الأردن يدعو إلى العمل بشكل فاعل لتنسيق وتوحيد جهود الاستجابة الإنسانية بغزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الضحك
نشر في اليوم السابع يوم 10 - 11 - 2010

منذ متى لم تضحك ضحكة يا رجل؟ سألتُ نفسى وكنتُ ثقيل الظل عليها تلك الليلة، شىء غريب يا أخى، عشرات الساخرين ومئات الكتب والأفلام الكوميدية وخط لنُكت "عادل الفار" وفرّته الفضائيات لنتصل به كى يُضْحكنا، ونحن لا نضحك، أوأنا تحديداً لا أضحك بشكل جيد، أو حتى مقبول، بل أجدنى أكثر تأثراً بحالة الأسى التى يبحث بها الفنان عبد الباسط حمودة عن ضحكة حتى ولو سلف، والعيب ليس فى الساخرين ولا الأفلام ولا فى عادل الفار بطبيعة الحال، لأننا أحياناً نضحك معهم، لكن دائماً فى ضحكنا قلق وفى الروح نكد وخوف من غياهب المجهول وبكرة وشقة العمر اللى نفسنا فيها والعيال اللى لازم تتعلم بشكل محترم وباقى قصة الكّبْد واللهاث الذين خُلقنا فيها ولهما، ولا تظن أننى قادم لأزيدها سواداً وكحلاً وبلاء أزرق، بالعكس فقد وجدت الضحك بحمد الله محشوراً وسط كتب التراث كثير منها ثقيل الظل واللغة والأسلوب ويحتاج إعادة كتابة لكن قليل منها يشفى الروح ويحمل فيروس الضحك الذى تسرب إلىّ وأنا أتخيل هذا الإعرابى النحيف وقد خففّ من صلاته، وهمّ بالخروج من المسجد وكاد أن يلبس الخُف ويمضى، وفجأة سمع صوت عمر ابن الخطاب: يا عبد الله، ورآه قادما خلفه وفى يده العصا، فانخلع قلب الرجل، وعاد وأعاد الصلاة، كما طلب منه أمير المؤمنين، فلمّا فرغ منها، سأله عمر: أهذه خير أم الأولى؟ قال: بل الأولى. فسأله: لم؟ قال: لأن الأولى صليتها لله، وهذه للعصا، فضحك عمر رضى الله عنه، وضحكت أنا، وكان للشاعر الفرزدق واسمه همّام بن غالب وعاش فى القرن الثالث الهجرى حكايات وقصص مع زوجته وابنة عمه "النّوار" وفكر يوماً فى خيانتها مع جارية صغيرة وجميلة كانت لا تقبل رؤية وجهه، فظل يطاردها ويهددها بفضحها فى القصائد والأشعار، فقررت الجارية الانتقام، وذهبت إلى زوجته وأخبرتها بالقصة، فطلبت منها الزوجة الماكرة أن تجاريه فيما يريد، وواعدته بالفعل، واتفقا على اللقاء المرتقب فى دار مهجورة.. ودخل الفرزدق متسللاً فى شوق ولهفة واحتضن فتاته بلهفة ورغبة، وفجأة هبط قلبه وتعطلت لغة الكلام والأحلام والرغبات، وجاء صوت زوجته الذى يحفظ نبراته: "يا عدو الله، يا فاسق"، فعرف أنه خُدع، فقال لها بغضب وغيظ: "وأنت يا سبحان الله! ما أطيبك حراماً وأردأك حلالاً".
وهذا النوع من الضحك ستجده فى قصة تلك المرأة التى ذهبت إلى المُعلم بولدها تشكوه، فقال له: إما تنتهى يا ولد وإلا قبّلتُ أمك، فقالت: يا سيدى هذا صبى لا ينفع معه الكلام، ولا يجدى معه تحذير، وستجده فى قصة أخرى عن الفرزدق الذى تخاصم مع زوجته فذهبا إلى بيت الوالى ووصلا متأخرين، فجلس الفرزدق مع أبناء الوالى وحكى لهم عن زوجته وعمايلها التى لا تحتمل، وتعاطف الأولاد معه ووعدوه بالحديث إلى أبيهم فى الصباح قبل أن ينظر إلى قضيتهما، ونام الفرزدق وفى بطنة بطيخى صيفى بأن الحكم لصالحه وأن الوالى سيعُنف النّوار ويبوخها، وحدث العكس تماماً، وفهم الفرزدق السر سريعاً، فقد جلستْ النّوار مع زوجة الوالى وكانت تدعى "بنت أبى السفانا" وبثت لها الشكوى، ووعدتها خيراً فكان وعداً مفعولاً، وابتلع الفرزدق الهزيمة ونظر إلى الوالى وأبنائه وأنشد:
بنوه لم تقبل شفاعتهم وشفعتْ بنت أبى السفانا ليس الشفيع الذى يأتيك مؤتزرا كالشفيع الذى يأتيك عرياناً!
وفى حكايات "الحمقى" ستجد هذا الرجل الذى جاء بولده إلى القاضى وهو يبكى: يا مولانا إن ولدى هذا يشرب الخَمر، ولا يُصلى، فأنكر الولد ذلك، فقال أبوه: يا سيدى، أفتكون صلاة بغير قراءة؟ فقال الولد: إنى أقرأ القرآن، فقال له القاضى: اقرأ حتى أسمع، فقال:
علق القلب الربابا.. بعدما شابت وشابا
إن دين الله حق.. لا أرى فيه ارتيابا
فقال أبوه: إنه لم يتعلم هذا إلا البارحة، لقد سرق مصحف الجيران وحفظ هذا منه.
وسأل أحد الحمقى عمر بن قيس عن حصاة من حصى المسجد يجدها الإنسان فى ثوبه أو خفه أو عالقة بملابسه؟ فقال له: ارمِ بها، فقال الرجل: زعموا أنها تصيح حتى تعود إلى مكانها فى المسجد، فقال عمر: دعها تصيح حتى ينشق حلقها، فقال الرجل: سبحان الله ولها حلق يا سيدى؟ فقال عمر: فمن أين تصيح إذاً؟
واعترض رجل طريق المأمون، فقال: أنا رجل من العرب، فقال: ليس ذاك بعجب! قال: وإنى أريد الحج فقال: الطريق أمامك نهج! قال: وليست لى نفقة! فقال: قد سقط عنك الفرض! قال: لقد جئتك مستجدياً لا مستفتيا!
إن ضحكتْ فأسرع إلى كتب التراث (المستطرف فى كل فن مستظرف لأبى الفتح الأبشيهى، الحمقى والمغفلين لابن الجوزى، الإمتاع والمؤانسة للتوحيدى) وإن لم يحدث فعليك بالضحك على منظرى وأنا أضحك وحدى أمام سطور سوداء دون أن أعرف تلك براعة القدماء أم حالة هطل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.