◄◄ الحكومة تبحث عن البديل المناسب ل«الاستثمار» بعد وصول «محيى الدين» إلى البنك الدولى واعتذار «بهاء الدين» كل الطرق تؤدى إلى رئاسة مجلس الوزراء أمام الدكتور محمود محيى الدين فى السنوات المقبلة، وكل الأبواب مشرعة أمام تحقيق طموحه السياسى والعائلى فى المستقبل القريب جداً.. هكذا هى الصورة الوردية القابلة للتحقق التى يرسمها ويتوقعها الأصدقاء والمقربون من وزير الاستثمار الحالى الصاعد بسرعة الأحلام فى آفاق السياسة المصرية. محيى الدين الوزير حتى 4 أكتوبر المقبل وابن العائلة العريقة فى الحياة السياسية والعسكرية والاقتصادية المصرية يستعد الآن لحزم حقائبه لمغادرة القاهرة إلى مقر البنك الدولى فى واشنطن لتولى منصبه الدولى الجديد، تاركا وراءه سيلا من التكهنات والأقاويل والتوقعات حول مستقبله السياسى سواء على الصعيد الدولى والخبرات والعلاقات الدولية التى سوف يكتسبها من خلال اعتلائه لمنصب المدير العام للبنك الدولى أو على مستوى الطموح السياسى الذى ينتظره فى مصر بعد 4 سنوات من الآن فى حال بقاء الوضع على ما هو عليه. وعلى الرغم من الفراغ السياسى والحزبى والوزارى الذى سيتركه محيى الدين، فإن الطريق أمامه مفتوح للعودة إلى منصب أعلى فى الحكومة، فالبعض يرى أن وجود محيى الدين فى منصبه الجديد بالبنك الدولى مجرد مرحلة وفترة انتقالية فى حياة الوزير الشاب يعبر بها من منصبه الحالى كأصغر وزير فى الحكومة إلى رئيس للوزراء فى حكومة جديدة بعد قضاء 4 سنوات هى عمر وظيفته بالبنك الدولى. فسيرته الشخصية والسياسية والعملية - رغم قصرها - تؤهله لذلك. فالدكتور محمود محيى الدين، عضو الأمانة العامة للحزب الوطنى، عضو بأمانة السياسات، يعد أحد أهم أبناء الحزب وأهم المؤمنين بأفكاره والمدافعين عنه والمنفذين لخططه، كما أنه رئيس مشارك بلجنة الشؤون الاقتصادية بالحزب. ولم تمنعه مناصبه الحزبية فى الداخل من مشاركاته وتواجده البارز فى المحافل الدولية والتى ساهمت بشكل كبير فى اختياره فى هذا المنصب الرفيع بالبنك الدولى، ففى عام 2005 اختير محيى الدين ضمن مجموعة القيادات العالمية الشابة بالمنتدى الاقتصادى العالمى، وعضواً باللجنة المعنية بالنمو والتنمية التابعة للبنك الدولى، كما أنه شغل لفترة منصب المحافظ المناوب لمصر لدى البنك الأفريقى للتنمية، وكذلك المحافظ المناوب لمصر لدى البنك الإسلامى للتنمية، كما أنه زميل رفيع المستوى فى منتدى البحوث الاقتصادية للبلدان العربية وإيران وتركيا، وعضو برابطة دراسات الشرق الأوسط فى أمريكا الشمالية، وزميل الجمعية البريطانية للدراسات الشرق أوسطية بالمملكة المتحدة، وعضو الجمعية الاقتصادية الملكية بالمملكة المتحدة، وعضو بالجمعية المصرية للاقتصاد السياسى بالقاهرة. بالإضافة إلى عضويته فى عدد من الجمعيات العلمية والمؤسسات واللجان البحثية والأكاديمية ومنها اللجنة الدولية للنمو والتنمية منذ عام 2005 والتى تضم فى عضويتها مايك سبنس وروبرت سولو الحاصلين على جائزة نوبل فى الاقتصاد. التكهنات والتوقعات لا تدور الآن فقط حول مستقبل الوزير وإنما أيضاً حول مصير الوزارة من بعده فى ظل سيناريوهات عديدة أفضلها ترشيح بعض زملاء محيى الدين من الصف الثانى للحقيبة الوزارية الشاغرة، وأقلها تفكيك الوزارة وتفرق هيئاتها وتخصصاتها بين الوزارات الاقتصادية الأخرى، فترشيح محيى الدين للمنصب الدولى وضع حكومة الدكتور نظيف فى مأزق. مأزق البحث عن بديل له فى ثلاثة مقاعد هامة، الأولى هى مقعد الوزارة الذى يحاول محيى الدين اختيار من يخلفه فيه ممن هم أهلاً للثقة والخبرة لديه أو لدى الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء. والمقعد الثانى الذى سيبقى شاغراً لبعض الوقت هو موقعه داخل الحزب الحاكم الذى كان محيى الدين أحد أهم كوادره الشابة والمدافعة بشدة عن أفكاره ومشروعاته التى يتم ترويجها عن طريق وزارته أو موقعه الحزبى أحيانا حينما أعلنت عن مشروعه الصكوك الشعبية من داخل أمانه السياسات بالحزب الوطنى، والذى حكم عليه بالفشل قبل خروجه للنور بسبب الهجوم الشعبى عليه والذى تحمله محيى الدين وحده بعيداً عن مساندة الحزب، ونجح فى الإبحار به بعيداً ثم استبداله تجنبا للغضب الشعبى ورفض الأحزاب. والطريقة التى تعامل بها محيى الدين مع مشروع الحكومة أثبتت مهارته وذكاءه فى التعامل مع جميع الخيوط فى يد واحدة مما جنّب الحزب مشاكل كبيرة وهو ما يعتبره مراقبون أحد أهم النماذج الحزبية المتمكنة التى يصعب تعويضها، وإن كان هذا المقعد يمكنه الانتظار لإيجاد بديل بعد فترة. أما المقعد الأخير الذى كان من الصعب تركه شاغراً هو مقعده فى دائرته بكفر شكر فى انتخابات مجلس الشعب القادمة، وهو ما سارع إليه ابن عمه لخوض المعركة الانتخابية باسم عائلة محيى الدين حتى لا يعطى فرصة لمنافسيه. وتظل حقيبة الاستثمار الوزارية تبحث عن الوزير البديل الحائر لها والمرشح الجديد لم تتبلور صورته فى ذهن الدكتور نظيف إلى الآن، وتكشف مصادر مقربة من داخل الوزارة أن الدكتور محمود محيى الدين نفسه وبالاشتراك مع الدكتور نظيف، رئيس مجلس الوزراء، يقوم بإعداد قائمة للأسماء المقترحة لتولى المنصب خلفاً له بعد قبول الرئيس مبارك ترشيحه لمنصب مدير البنك الدولى. ووفقاً للمصادر فإن القائمة تتضمن نوعين من الأسماء المقترحة الأولى من داخل الوزارة والثانية من خارجها ليتم الاختيار من خلالها فى حين عرض الوزير بشكل ودى على بعض الأشخاص المقربين والذين تم اقتراح أسمائهم الترشيح فرفض بعضهم المنصب والذى كان من ضمنهم الدكتور زياد بهاء الدين، رئيس هيئة الرقابة المالية، أحد أهم الأسماء المرشحة بقوة من قائمة الشخصيات داخل الوزارة لتولى المنصب. إلا أن الدكتور زياد بهاء الدين أكد فى تصريحات ل«اليوم السابع» أنه اعتذر للدكتور محمود عن وضع اسمه فى الأسماء المقترحة لتولى الوزارة بعده مبرراً ذلك ب«عدم رغبته فى المنصب من الأساس» ولافتاً إلى أنه لن يقبل أن يتولى هذا المنصب لعدم ملائمته لطموحاته خاصة أن مكانه الحالى يخدم سياسته وأفكاره ويتمنى أن يعطى فيه أكثر. زياد - نجل الكاتب الكبير الراحل أحمد بهاء الدين - قال إن هيئة الرقابة المالية التى أسندت إليه مازالت فى طور التكوين، والتى مازالت تحتاج منه الكثير قبل أن يكتمل نضجها بالكامل حتى ينتقل إلى منصب آخر. اعتذار بهاء الدين عن المنصب رجح كفة اختيار بديل محيى الدين من خارج الوزارة، خاصة أن قيادات الصف الثانى مازالت حديثة فى مناصبها ولم تكتسب الخبرة الكافية. وأكدت مصادر قريبة من الوزير أن هناك توقعات بأن يقع الاختيار على أحد الأكاديميين وأساتذة الاقتصاد من زملاء محيى الدين بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ممن يرى فيه الكفاءة والمعرفة الكافية لتولى المنصب.