على الدول التى تريد الارتقاء بنفسها وبمجتمعاتها وتسعى إلى تطوير قدراتها، الاهتمام أولاً ببناء الفرد فى المجتمع والانطلاق منه لدائرة أوسع فى شمولها للأفراد، تتسع حتى تشمل المجتمع كله، وعند ذلك فإن تحصيل العمل كجماعة متكاملة يمكن أن يوجد حالة من التكامل الإيجابى الذى هو الأساس فى بناء أى حضارة وأى نهضة، لأن المجتمع يتكون من مجموعة أفراد، فإذا صلح الفرد صلح المجتمع كله والعكس صحيح، أيضاً كلما زاد عدد الأفراد الناجحين فى المجتمع كلما انعكس ذلك بشكل إيجابى على الدولة. والمشكلة التى أصابت مجتمعاتنا العربية، وخاصة مجتمعنا المصرى فى السنوات الأخيرة، كان سببها تهميش دور الفرد داخل المجتمع والخلل الذى تطرق إلى بنائه حتى أصبح الشاب أو الفرد عموما خاويا بلا روح ويعيش بلا غاية يسعى لها، ولا أهداف سامية يعمل على تحقيقها ولا رسالة يواصل المسيرة لإتمامها، وتحول البعض إلى مجرد شخصية ضائعة مستعبدة لأهوائها تلهث وراء إشباع غرائزها، أو شخصية عدوانية ناقمة على كل شىء ورافضة لكل ما حولها يسهل استقطابها واستدراجها للأفكار الشاذة والمتطرفة. وما أحوجنا هذه الفترة لإعادة ترتيب البيت من الداخل واستعادة شخصية الفرد السوى والمواطن الإيجابى، الإنسانى فى تعامله، المميز فى خصائصه، المؤثر فى مجتمعه، القادر على القيام بمسئولياته فى المجتمع، ومهامه فى الحياة، الواعى لأهداف أمته، العامل على تحقيقها فى واقع الممارسات اليومية، القادر على التفكير السليم، المستقل فى شخصيته، المعتز بذاتيته، الملتزم فى انتمائه، المتوازن فى شخصيته وتصرفاته والمحب لوطنه. ولن يتحقق ذلك إلا إذا شعر الفرد بقيمته داخل وطنه أو مجتمعه، فمكانة الفرد فى العالم من مكانة المجتمع الذى ينتمى إليه، ولذلك نجد أن قيمة الفرد فى بعض المجتمعات قيمة عالية جداً حتى أننا نرى بعض الدول تبذل الغالى والنفيس مقابل استعادة مجرد أشلاء أو رفات لمواطن من مواطنيها قتل أو مات فى أى مكان فى العالم، فى حين نجد أن مجتمعات أخرى يموت أفرادها بالملايين ولا تهتز لأحد فى العالم شعرة، فما أهون الفرد حين يهون على وطنه.